سعيد العريبي (حكايات وذكريات - سيرة قلم)
المقالة

موقف رئيس قسم الدراسات العليا مما حدث معي

حينما شعرت بموقف قسم اللغة العربية المتخاذل من هذا الأستاذ.. ذهبت إلى رئيس قسم الدراسات العليا في ذلك الوقت.. ودخلت عليه وشرحت له مشكلتي بالكامل وقلت له: كيف توافقون على تدريس منهج يحارب اللغة العربية.. ويدعو إلى كتابة اللهجة العامية بالحروف اللاتينية.

فقال لي: ماذا بوسعي أن أفعل لك.. (أنت طالب وهو أستاذ).. فلم أعلق على كلامه.. تركته وانصرفت.

ولست نادما اليوم على أنني حرمت من مواصلة دراستي العليا مرتين.. مرة بجامعة بنغازي وأخرى بجامعة طرابلس.. لموقفي الرافض لهذا الأستاذ الماسوني الحاقد على لغتنا وتاريخنا وإسلامنا.. لكنني آسف أشد الأسف على موقف قسم اللغة العربية وجامعة بنغازي وعلى مواقف كل المتخاذلين.. من فضل منهم التزام جانب الصمت.. ومن اصطف إلى جانب ذلك الماسوني الحاقد على ديننا ولغتنا وتاريخنا.

تدني مستوى التعليم بقسم اللغة العربية

ها أنذا أتوقف عن سرد بقية حكايتي مع الدكتور سلام.. ولا يزال في الجعبة الكثير مما يمكن سرده من هذه الحكاية التي كنت فيها – على الصعيد الشخصي – الخاسر الوحيد.. نعم كنت في وضع الطالب الضعيف.. وكان هو في وضع الأستاذ القوي المسيطر.. وصاحب الكلمة المسموعة في القسم بلا منازع.. لكنني وعلى الصعيد الديني والوطني لم أكن كذلك.. فقد كنت ولا أزال.. أعتبر كل محنة دنيوية – في سبيل لغتي وديني ووطني – منحة وهبة ربانية كبيرة.. وأجرها عند الله تعالى عظيم.

لكن الذي آلمني وحز في نفسي كثيرا في ذلك الوقت.. أن هذا الأستاذ المبجل من قبل القسم ورئيس قسم الدراسات العليا أيضا.. كان يضيع من أعمارنا الساعات الطوال ولمدة عام دراسي كامل.. وهو يملي علينا من كراسته الخاصة – نحن طلبة الدراسات العليا – ما ينقله حرفيا وبالنقطة والفاصلة من كتاب: مناهج البحث في اللغة للدكتور تمام حسان.

وكنت قبل مقابلتي لرئيس قسم الدراسات العليا.. قد ذهبت إليه في مكتبه وقلت له: لماذا لا توجهنا إلى القراءة والبحث بدل تضييع أوقاتنا في الإملاء.. طلاب الدراسات العليا ليسوا كتلاميذ المرحلة الابتدائية.. فرد علي غاضبا أمام أحد الأساتذة وباللهجة المصرية: “بلا ش قلة أدب”.

فأخرجت له كتاب الدكتور تمام حسان الذي أشرت إليه.. وقلت له: قلة الأدب يا أستاذ هي أن تسرق جهد الآخرين وتنسبه لنفسك.. والتفت إلى الأستاذ الذي كان يجلس بجانبه وقلت له: هذا هو الكتاب الذي يسرق منه.. ويضيع من أعمارنا عاما كاملا في إملائه.

من جامعة بنغازي، إلى جامعة طرابلس

دافعت في تلك الأيام العصيبة عن لغتي وإسلامي وعروبي وتاريخنا المفترى عليه.. دفاعا حارا ومستميتا.. ولم يقف قسم اللغة العربية ولا الجامعة معي.. واعتبروا أن خلافي مع هذا الأستاذ مجرد خلاف شخصي.

وحينما نشرت مقالتي: (من ينقذ العربية من قسم اللغة العربية).. بصحيفة قاريونس.. اعتبرها البعض إهانة لقسم اللغة العربية.. ولم يعتبروها دفاعا عن دينهم ولغتهم وعروبتهم.

ذلك كان واقع التعليم في قسم اللغة العربية بجامعة بنغازي.. أما في قسم اللغة العربية بجامعة طرابلس.. فقد كان الوضع جد مختلف.. بفضل جهود رجل لم يعش لنفسه.. بل عاش لدينه ووطنه.. وكان القدوة الحسنة لطلابه.. كان بحق.. أخا واستاذا ومربياً ورجلا حكيماً.. ذلك هو الدكتور عبد الله الهوني يرحمه الله.

وانتصر الأستاذ في نهاية المطاف وخسرت أنا.. ولم أستطع استكمال دراستي العليا.. لمشكلة أخرى واجهتني بجامعة طرابلس.. وقد نصحني بعض الأصدقاء بأن أعرض قضيتي على القضاء.. لكنني لم أفعل.. بعدما شعرت بأن ثمة جهة ما في ذلك الوقت.. تقف مع هذا الأستاذ المشبوه.. وتنتصر له…..!!!!!!!

شكر وتقدير لهؤلاء

في نهاية حكايتي هذه مع الدكتور عبد المحسن سلام.. يتوجب علي أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى أخوة أفاضل وقفوا معي وكانوا خير معين في وقت عز فيه المؤيد وقل فيه النصير.. وهم:

ــ الأستاذ/ محمد عطية الفيتوري.. رحمه الله رحمة واسعة.

الذي شجعني ووقف معي.. وكان مقر عمله بقسم الدوريات بالمكتبة المركزية.. أفضل مكان ألوذ به وألجأ إليه.. كلما حاصرتني الهموم في ذلك الوقت.. أدعو الله أن يثيبه على ذلك خيرا.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

ــ والدكتور/ محمد الجطلاوي.. أحد أساتذة جامعة مصراته الآن – الذي كان كلامه الطيب يتنزل على قلبي بردا وسلاما.. في تلك الأيام التي تخلى فيها عني بقية أستاذة وطلاب اللغة العربية دونما استثناء.

ــ والدكتور عبد الله الهوني يرحمه الله تعالى:

الذي كان وقتها رئيسا لقسم اللغة العربية بكلية التربية بجامعة طرابلس.. الذي لجأت إليه فاستقبلني خير استقبال.. وشكرني على موقفي الذي اعتبره دفاعا عن لغتنا.. وفتح لي أبواب قسم اللغة العربية لأختار منها التخصص الذي أريد.. ذلك الرجل الفاضل الذي سوف نلتقي به في الجزء القادم من هذه الحكايات.. حيث ستنتقل أحداث حكايتي مع قسم اللغة العربية من جامعة بنغازي.. إلى جامعة طرابلس.

ــ هؤلاء هم من وقفوا معي.. ومن كان معي ولو بالكلمة الطيبة.. كان – كما قلت آنفا – مع لغته ودينيه وإسلامه.. وجزاه الله خير الجزاء.. ومن وقف ضدي فقد وقف ضد نفسه ولغته وعروبته وإسلامه.. وربح الدنيا وخسر الآخرة.. وحسابه على الله تعالى.

مقالات ذات علاقة

مسقط وحكاية «واتس آب»

فاطمة غندور

القفة.. “عيد كبيرة” بالخروف الوطني

حواء القمودي

من كواليس الفيس بوك!

وفاء البوعيسي

اترك تعليق