40 التشكيلي الليبي رمضان البكشيشي
الطيوب
عبر البكشيشي -رحمه الله- عن فلسفته الفنية بقوله: (لا يهمني نقل الواقع نقلا حرفيا يقيِّد من حرية تدفق انفعالاتي بشكل عفوي وتلقائي)، كما وصف اللوحة بأنها (مشروع فكري ينمو في داخلي لشهور وشهور حتى ينضج ثم ارسمه).
بدايات
ولد الفنان رمضان البكشيشى في مدينة بنغازي سنة 1938م، ومنذ صغره ظهرت عليه موهبة الرسم، في مرحلة التعليم الأساسي متأثرًا برسوم الفنان “حسين بيكار”، في مجلة (آخر ساعة) والفنان “جمال كمال” في مجلة (روز اليوسف). في العام 1957م، وتخرج من ثانوية بنغازي، وفي ذات الفترة بدأ تلقي دروس الرسم على يد المدرس المصري “يحيى بوحمده”، والتحق بعد ذلك بالتدريس.
كان الأستاذ بوحمدة قد أسس جمعية رعت المناشط التشكيلية والثقافية في مدينة بنغازي، وكان البكشيشي -رحمه الله-، أحد أعضائها، رفقة نخبة شكلت المشهد الثقافي الليبي، واستمر تأثيرها حتى بداية هذا القرن.
التحق مع كلا من الفنانين: محمد استيته وحسن بن دردف ومحمود السعيطي وسليمان باله، بدورات تابعه لليونسكو واستمرت لمدة دورتين؛ 1960 – 1961م، وشارك بعد ذلك في أغلب المعارض المقامة في المناسبات العامة والقومية.
مسيرة فنية حافلة
حصل الراحل البكشيشي في العام 1970م، على دبلوم معهد المعلمين – شعبة التربية الفنية، ليعين مشرفًا للتربية الفنية، ومن بعد؛ رئيس مكتب النشاط الفني عام 1975م، وبعد ذلك موجهًا تربويًا في التعليم العام 1980م، لحين تقاعده عام 1986م، متفرغًا للرسم.
شارك الراحل في غالبية المعارض المقامة في المناسبات العامة في ليبيا، كما شارك في مهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية بتونس في العام 2005م، وكتبت عنه صحف محلية وعربية، وقد أقام معرضة الشخصي الأخير في بنغازي 2021م.
كتبت (بوابة الوسط)1 حول تجربة الراحل رمضان البكشيشي التشكيلية؛ فقالت: (بحسب ما قدَّمه من أعمال فنية مختلفة يتضح أن موهبته سارت به في اتجاهين مختلفين: الأول يتمثل في المواضيع التاريخية عن كفاح الشعب الليبي، ومواضيع اجتماعية تمثِّل الحياة اليومية للمجتمع غير متقيِّد بالقواعد الأكاديمية، مستخدمًا لغة تشكيلية تعتمد على عفوية اللمسة وقوة التعبير، مبتعدًا عن النقل الحرفي والمحاكاة الدقيقة للواقع. وفي هذا يقول الفنان: (لا يهمني نقل الواقع نقلاً حرفيًّا يقيِّد من حرية تدفق انفعالاتي بشكل عفوي وتلقائي)، فأنجز لوحاته بنوع من الخصوصية متأثرًا بتعبيرية جويا من خلال لوحاته المتمثلة ببشاعة القتل وفضائح الحروب، فنجده في هذا الأسلوب يتَّجه نحو التعبيرية التشخيصية التي تنحى نحو الذاتية كمبدأ لبناء العمل الفني. والاتجاه الآخر في تناوله (للبورتريه) أكثر قربًا والتزامًا بالواقع مع ميل نحو البساطة والتلقائية والزهد في الألوان، التي غالبًا ما كانت ألوان (أكريلك) مضحِّيا بالتفاصيل والنقل الحرفي من خلال تحريفه المقصود للخطوط وملامح الوجه. ونجد أن أسلوب الفنان في رسم الصورة الشخصية بصفة عامة يميل نحو البساطة والتلقائية، كما أنه اعتمد على الزهد في الألوان، والتي في الأغلب كانت ألوانا مائية «الأكريلك» ، معتمداً على الخط في تحديد الشكل ونجده نوعاً ما مضحياً بالتفاصيل، والنقل الحرفي من خلال تحريفه المقصود للخطوط وتحويره لملامح الوجه التي يكاد يقترب في بعض منها إلى فن الكاريكاتير).
من أشهر أعماله البورتريهة التي أنجزها الراحل؛ بورتريه للملك إدريس السنوسي، عمر المختار، حميدة العنيزي، وبورتريهات مشاهير الخمسينات والستينات من الزمن الجميل، وبورتريهات الرائدات الليبيات وشعراء ورسامين والكثير من المثقفين.
وفاته
في صباح الجمعة؛ 2 أغسطس 2024م، تناقلت منصات التواصل الاجتماعي، خبر وفاته عن 86 عامًا، نتيجة عارض صحي لم يمهله كثيرًا. لتنتهي مسيرة فنية كانت لها إسهاماتها الكبيرة في التشكيل الليبي، وفي دعم المواهب الفنية.
1- (عفوية اللمسة وقوة التعبير في أعمال التشكيلي الليبي رمضان البكشيشي)، بوابة الوسط، الإثنين 9 مارس 2015م.