قصة

ليس للبيع

من أعمال المصور الفوتوغرافي طه الجواشي
من أعمال المصور الفوتوغرافي طه الجواشي

بالأمس خرجت مع حفيدتي لشراء بعض أدوات الكروشيه التي طلبتها منها معلمة التربية الفنية، فقد طلبت منهم صنع وردة عباد الشمس، توقفنا أمام أرفف طويلة عليها الكثير من بكرات السلك والصوف، قالت لي وهي تلتقط اللونين الأصفر والبني: (نبي ناخذ هذوم بس، الأصفر لبتلات الوردة والقهوي لقلبها، هذا إلي قالته الابلة )، قلت لها وهي تضع الأشياء في السلة:

– ذكرتيني بأيام المدرسة ونحن في الإعدادية، كانت لنا حصة تدبير منزلي وقد اقترحت علينا معلمتنا -لم أعد أذكر اسمها- ربما (فاطمة )، طلبت منا أن نجلب معنا لونين من بكرات الصوف لنصنع بها أشياء مختلفة، أذكر اني أخترت أن أصنع فستانا لطفلة صغيرة مع قبعة، وقد اخترت لهما نفس ألوانك؛ الأصفر والبني، فقد تركت لنا حرية اختيار الالوان، كنت سعيدة جداً بما أنجزته رغم أنها طلبت مني عدة مرات أن أفك ما صنعته وأخذ مني جهداً، لأن به بعض الغرز الخطأ، أذكر أني قد تسببت لأصبعي ببعض الاحمرار من كثرة شد الخيط، لقد وجدت صعوبة في البداية في مسك الإبرة وسحب الخيط عبر العروات، ولكني استطعت أن أصنع ثوبًا جميلًا مع قبعته، أصفر بحواف بنيه، اقترحت معلمتي بعد أن اكتمل أن يكون ضمن المعروضات في معرض المدرسة، قالت لي: (إنه جميل، اقترحي سعراً مناسباً له، قد يشتريه أحد الزوار). رفضت هذا العرض فقد أحببت ما صنعته جداً، خاصة وأنها المرة الأولى، قلت لها سأعرضه فقط لا أريد أن أبيعه، أذكر إنها قالت لي: (سنكتب عليه (ليس للبيع))، احتفظت به لأعوام كثيرة، حتى أني أخذته معي في جهازي وأنا عروس، فأنا لم أصنع بعده أي شيء أخر، وقلت في نفسي سيكون لأبنتي المستقبلية إذا رزقني الله ببنت، ظل حبيس الخزانة لأني لم ألد سوى الذكور.

سألتني حفيدتي وهي تضع يدها على يدي المجعدة:

– اجديدة، مازال قاعد؟

-لقد وضعته في صندوق للتبرعات لأحد الجمعيات الخيرية قبل مغادرتنا البلاد .


اجديدة تدليع جدتي

مقالات ذات علاقة

سيـرة الجـد الهـارب

إبراهيم بيوض

النشيج

فتحي نصيب

رحلتي للماضي

المشرف العام

اترك تعليق