حوارات

منال بوشعّالة: الشعر حُجَّتي لقول كل شيء

الشاعرة “منال بوشعالة”

عندما تتراصف الحروف يُشرق المعنى بفم الشاعر وقد أخذ القلم يُعيد صوغها من مَعين اللغة إذ يُبنى العالم للمرة الألف بعد المليون كونا جديدا. لقد سبقت الألوان اللغة حين طوَّع أسلافنا الجُدران الموُحشة بكهوف تادرارات أكاكوس وأرّخ ذاك الإنسان رؤيته للحياة قبل آلاف السنون حيث اكتشف شهوة ما قبل الكلام المطبوع ليُلامس قدرته على أن يكون لخطواته أثر يصون ذاكرة بقائه بعد الموت، ونحن ننقاد بالألوان إلى رسم انعكاساتنا المُثلى فنواجه باللغة حتمية أسئلتنا الوجودية. إن الكتابة حاجة واحتياج بل هي نزوع إنساني يمارسه الإنسان بالسليقة، وضيفتنا في هذا الحوار شاعرة لا تكاد تُخفي شيئا فقد امتطت صهوة القصيدة وراحت تغني إزاء النوافذ المشرعة فالشاعرة الواعدة “منال بوشعالة” تستعيد بالكتابة جوهرية الموجودات من حولها، وتُخفي تحت طيّات نصوصها صراخ مدوٍّ تُحاجج به أنماط القبح وصور الدم المُراق على قارعة شوارع الوطن.

منال فرج بوشعالة من مواليد مدينة بنغازي حاصلة على بكالوريوس هندسة مدنية نشرت نصوصها الشعرية بعدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية والمواقع الإلكترونية مثل موقع بلد الطيوب ومجلة الليبي وصحيفة الديوان وموقع نخيل عراقي إضافة لمنصات التواصل الاجتماعي. كانت لها مساهمة في كتابين الأول (أوطان ممزقة) بنص عنوانه (صديقي البعيد)، والثاني(ديوان شعراء قصيدة النثر) بنص عنوانه (كبرنا للهرب) كما شاركت في عدة أمسيات شعرية بمدينة بنغازي

كيف استدرجتك اللغة بكل تعقيداتها لفعل الكتابة ؟
مبدئياً أنا إنسانة قارئة منذ الصغر، فأستطيع أن أقول أني اكتسبت اللغة من قراءة الكتب إضافة إلى موهبتي الفطرية لذلك لم أجد ذاك التعقيد الكبير عندما مارست فعل الكتابة إلا في بعض الأشياء التي تحتاج إلى التدقيق اللغوي، كما أنني سلكت طريق الكتابة بعمق المعنى لا بغنى الحرف وأعتقد أن هذا الطريق يمكن أن يجعل اللغة لكاتبها أقل تعقيد.

هل تشكل لك الكتابة الشعرية هامش عودة لأحلام الطفولة ؟
بالنسبة لي الكتابة قد تشكل عودة لكل الأحلام التي لم أستطع الوصول إليها بعد وليست أحلام الطفولة فقط. إن الكتابة عودة للمشاعر، للمواقف، لكل شيء كان له أثر على حياتنا كما أنها تجسيد لوضعنا الذي أصبحنا عليه أيضاً، وربما لما سنصبح عليه بعد حين تستطيع أن تقول أن الكتابة هي تجسيد لعودة وبقاء وسفر ليس لحياة الكاتب فقط بل لحياة كل من قابلهم.

الشاعرة "منال بوشعالة"
الشاعرة “منال بوشعالة”

عما تبحثين في الشعر ؟
لا أعتقد أني أبحث عن شيء محدد فكل ما أبحث عنه هي أشياء تائهة وضائعة حتى أني لا أعرف ما هي ربما هو البحث عن شيء جديد غير مكررمعنى لم يصل إليه أحد حتى اليوم أما بالنسبة لشعوري عند الكتابة فهو شعور البحث عن مشاعر مفقودة تراكمت منذ زمن في العمق ولم أستطع الوصول إليها إلى الآن.

هل يوازي الشعر عند منال بوشعالة النقيض المقابل للصمت ؟
قد يكون الشعر صرخة خفية أو لعله وسيلة للتكلم دون كلام فبالكتابة استطعت أن أقول ما أريده بحجة أني أكتب شعراً دون أن يكون لأي أحد حق في اسكاتي أو محاسبتي على ذلك.


برأيك أيمكن حصر كتابة الشعر في حدود الاحتياج فقط ؟
لا .. أنا ضد حصر أي شيء في قالب ضيق فمن أراد الكتابة فليكتب ولكن قبل ذلك يجب أن لا يضع لنفسه أي حدود أو قواعد او صورة نمطية معينة سيما في كتابة الشعر.

لماذا ترين بأن علمي العروض والأوزان أصبحا ثقلا على الشعر المعاصر ؟
أعتقد أن أغلب من يكتب اليوم ليس دارسا للغة العربية ولا لعلومها وأنا واحدة منهم، وهذا ما جعل الاتجاه إلى كتابة شعر النثر أكثر زخما في اعتقادي بالنسبة لي مثلا تعتبر كتاباتي نثرية وهذا لا يجعلني أدخل في كيفية وزن القصيدة أو حتى التفكير في قافيتها ما أود أن أقوله أن النصوص البسيطة هي الأكثر رواجا ولا يهم إن كان كاتبها عالما ببحور اللغة العربية أو هاويا استمد قوة قلمه من موهبته وتعدد قراءاته، وأكرر دائما أنا كمنال أكتب المعنى لا الحرف، لا تهمني الكلمات وترتيبها بقدر ما يهمني معناها، ولكني بالطبع يجب أن أركز على أن تكون كتابتي سليمة احتراما للغة ولقارئها.

كتاب (أوطان ممزقة)
كتاب (أوطان ممزقة)

متى يمكن للشاعر أن يحقق الشرط المعرفي لقصيدته ؟
صراحة .. لا أعتبر نفسي شاعرة بشكل جدي لأجيب على هذا السؤال أعتقد أنني ما زلت أحاول الكتابة قد يكون ما أكتبه ليس شعرا حقيقيا أو لا يندرج تحت ما يسمى بالقصيدة ولكنها بالتأكيد تظل محاولات لايصال معنى عميق ليس لأي أحد يمكنه فهمه.

كلمة أخيرة :-
سأقول ما أقوله دائما عندما يسألني أحدهم هل أنت شاعرة ؟ أنا أكتب.. لا يهمني أن ما أكتبه يندرج تحت مسمى الشعر أو القصيد أو أي مسمى آخر كل ما أعرفه هو أني عندما أشعر بالكتابة أبدأ بترك يدي تأخذ حريتها وعندما أنتهي منها لا أعرف حتى من أي مكان أتيت بهذه الكلمات لذا أنصح من ولج هذا العالم بأن يترك ليده حرية الاختيار لا تحدد من أنت كن حرا وكفى.

مقالات ذات علاقة

يونس الفنادي: الأدب الأردني يفيض بالجماليات والقيم الإنسانية

المشرف العام

الشاعرة: حواء القمودي/ الرجل هو بطل قصائد أي أنثى

المشرف العام

رجب الماجري:الشعر أن يبوح المرء بنفسه

المشرف العام

اترك تعليق