طيوب الفيسبوك

من الأرشيف: زهير بن أبي سلمى

(الصورة: مولدة بالذكاء الاصطناعي)
(الصورة: مولدة بالذكاء الاصطناعي)

أضعف شعراء المعلقات شاعرية زهير بن أبي سلمى، فهو على المستوى الشخصي والإنساني دبلوماسي حكيم وداعية سلام وزعيم محنك، وعلى المستوى الفني هو ناظم للحكمة، وليس بشاعر يمتلك أفقا وكونا شعريا كالذي امتلكه بعض شعراء زمانه كامرئ القيس وعمرو بن كلثوم وعنترة، فكونه الشعري ضيق ومحصور في المدح والصلح والنصح وإرسال الحكم، يقدم إجابات جاهزة، ولا يشجع على الأسئلة، ولا يثير شهية المخيلة للتخيل واصطياد الرؤى.

جاء المتنبي بعده وتفوق عليه في إرسال الحكم التي تفتح للمتلقي آفاقا وطرقا متشعبة للتأويل، وسأكتفي هنا بإيراد مثال واحد للتفريق بينهما، ففي أحد أبيات المعلقة قال زهير عن الظلم :

ومن لا يَظْلِمِ النَّاسَ يُظْلَمِ

 وهذا الكلام عامي شائع بين العوام، ويقوله حتى الجاهل والمتعلم، فلا مزية لزهير فيه، كما أنه كلام أخرق يغري القوي بظلم الضعيف والتعدي على حقوقه.

ولكن قف مليا عند بيت المتنبي الذي يقدم لك تصوره للظلم، ويفتح لك الأبواب للبحث عن سبب شيوعه:

والظلم من شيم النفوس فإن تجدْ …. ذا عفةٍ فلِعلةٍ لا يَظلم

فرق كبير بين من يقول لك: لكي تعيش سالما، وتأمن شر الناس بادرْ أنت بظلمهم والتعدي عليهم لكي يهابوك، وبين من يقول لك الشر طبع بشري، فكل إنسان تحدثه نفسه بفعل الشر، فإن امتنع عن فعل الشر فاعلم أن امتناعه وتعففه قد يعود لعجزه، أو لخوفه من ردة فعل خصمه، أو لتقواه وخوفه من الله الذي لا يحب الظالمين.

مقالات ذات علاقة

لغة السرّ .. صورة أخرى

نورالدين خليفة النمر

المبدعون الشباب

أحمد يوسف عقيلة

أحبك

أمل بنود

اترك تعليق