غُفران جليد
مُتعَبٌ بعُروبتي.. وكلُّ ما فيها
يَثْقُلُ الخطوَ على دربي ويُدميها
أحيا غريباً في بلادٍ لا مرافئَ لي
لا شيءَ أملكُهُ، إلا مآسيها
أحملُ الشمسَ على كتفي وأرقبُها
تَذوي، وتَسقطُ في أعماقِ مَغليها
عُروبتِي عارٌ على كتفي، أَحملُه
أمضي به، والحُروبُ تَحكي لي لياليها
أنفاسُها موتى، وأحلامي ممزّقةٌ
كُفِّنتُ في خُطواتي، ثمَّ أُحييها
يا قَادماً من حُروبِ البُؤسِ تَسألني
كيفَ الطُفولةُ؟ أينَ الكُتبُ؟.. أمحِيها؟
صوتي جِراحٌ، وبحري رملُهُ انكسرَ
لا شيءَ يبقَى سوى أحجارِ ماضيها
مُتعَبٌ بعُروبتي.. عُمري يُلاحقني
كألفِ سيفٍ، وهذا الجُرحُ يُقصيها
إنِّي سئمتُ صِراعاتٍ بلا وجَهٍ
سئمتُ موتاً على أطلالِ أمانيها
مُتعَبٌ بعُروبتي
مُتعَبٌ من صوتِها… من صمتِها الأبكمِ
مُتعَبٌ من هولِ أقدارٍ تُنافيها
كم فارسٍ جاعَ في ميادينِ غربتِها
يُطأطئُ الرأسَ إذ عزَّتْ مُعانيها
أبكي على حلمٍ قد كانَ يسكنُنا
واليومَ باتَ خراباً في مراسيها
أرنو إلى غدِنا، والليلُ يقتُلنِي
والفجرُ يغفو على أطلالِ ماضيها
متى نفيقُ؟ وهل في الأفقِ نافذةٌ
تُعيدُ للروحِ نوراً من دياجيها؟
مُتعَبٌ بعُروبتي… والموتُ يَحضنُنا
كأننا في ظلالِ الموتِ نَحْييها
ما عاد في القلبِ إلا بعضُ أغنيةٍ
شاخت حروفُ الهوى، والحُبُّ يُنهيها
مُتعَبٌ بعُروبتي
مُتعَبٌ من حربٍ لا تُرى نهايتُها
تأكلُ الأجيالَ، تُطفي نارَ مُهديها
أشجارنا صارتْ رمادًا في شوارعنا
والأرضُ تَصرخُ من جوعٍ وتُبكيها
أينَ الملاجئُ؟ أينَ الحلمُ؟… أبحثُ عن
أوطانِنا، عن يدٍ تُسعفُ ماضيها
أبكي على حلمٍ قد كانَ يسكنُنا
واليومَ يَصرخُ بينَ الدمعِ يُقصيها
كم مِن شهيدٍ مضى، لا شيءَ يذكرُهُ
إلا الدمارُ، وأحلامٌ نخفيها
أرى الخرابَ بيوتاً كانَ يملؤها
دفءُ العروبةِ… والآنَ يُعميها
نحيا بلا وجهٍ… كالأرضِ منكسرةٍ
كأننا سُجناءُ في أوطانِنا نحميها