الطيوب
يحل هذا اليوم بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للترجمة الذي اعتمده لأول مرة الاتحاد الدولي للمترجمين (المؤسس عام 1953) ليُحتفى به كل عام منذ عام 1991م من القرن المنصرم، فيما لم تُصادق عليه منظمة الأمم المتحدة إلا في عام 2017م، يُشار إلى أن لفكرة التأصيل لهذا اليوم جذور دينية صِرفة ترجع لمناسبة ما يُسمى بعيد (القديس جيروم) الذي ترجم الكتاب المقدس فهو في نظر المترجمين يعد قديس الترجمة الأول بلا منازع حيث اضطلع بمسؤولية ترجمة الأناجيل الأربعة بتكليف رسمي من بابا الفاتيكان من اللغتين اليونانية والعبرية إلى اللغة اللاتينية، كما يجيء الهدف الجوهري من الاحتفاء بالترجمة لتشريع الآفاق وبث الفرص لتسليط الضوء على عمل المترجمين والمتهمين بهذا المجال الحيوي في اللغة، فالمترجم يمارس دورا استراتيجيا في تجسير الهُوّة بين الشعوب، وتذويب المسافات بين الثقافات المختلفة للأمم والشعوب
تذويب التفاوت الثقافي بين الشعوب
وتُعرِّف الأمم المتحدة مفهوم الترجمة بكون أن اللغات مع انكاساتها المعقدة على الهُوية والتواصل والتكامل الاجتماعي والتعليم والتنمية لها أهمية استراتيجية للناس ولكوكب الأرض، حيث تؤكد الأمم المتحدة في هذا السياق على أن هناك وعي متزايد بأن اللغات تلعب دورا حيويا في التنمية، وفي ضمان التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات معتبرا أن مسألة تعدد اللعات عاملا أساسيا في الاتصال المنسجن بين شعوب العالم وقيمة مضافة لعمل المنظمة نفسها، ويشهد العالم العربي اهمالا كبيرا وأرقام متردية في معدلات الترجمة من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية والعكس صحيح فوفق بعض التقديرات أشارت إلى أن متوسط مجموع الكتب المترجمة في العالم العربي لا يتجاوز الـ4.4 كتاب مترجم سنويا أي أن هذه المؤشرات تفيد بتفاقم أزمة الترجمة برغم وفرة المترجمين العرب في جميع المجالات والتخصصات العلمية والأدبية، وفي مقابل ذلك نستأنس ببحث نشره التمرجم المصري “شوقي جلال” (توفي 17 سبتمبر الجاري) الذي يوضح من خلاله بأن ما ترجمته 16 دولة عربية في مدة عشر سنوات (من عام 1970 إلى عام 1980): 2840 أي بمعدل 284 عنوانا مترجما في السنة.
صنوف الترجمات
وفي ذات السياق تنقسم الترجمة إلى مجموعة من الصنوف والأنواع من أبرزها الترجمة العامة، والأدبية والترجمة المتخصص والإدارية، والطبية والقانونية والتجارية، والترجمة العلمية فضلا عن الترجمة الأدبية.
الترجمة الأدبية
من جهة أخرى إذا ما أردنا التطرق للترجمة الأدبية يُحدثنا الدكتور “محمد بلحاج ” نائب رئيس مجمع اللغة العربية بطرابلس مؤكدا بأننا إذا أردنا المعنى الدقيق للمعنى المتسع للترجمة الأدبية فهي الترجمة التي تُعنى بنقل الفنون الأدبية بأنواعها، أما ما عدا الفنون الإبداعية من شعر وسرديات فهذا المجال هو ما يمثل الإبداع الذاتي للأديب، وبصورة دقيقة يصدق عليه الترجمة الأدبية، وتابع بالقول : أما إذا وجدنا ترجمات لنصوص في مجال الفلسفة والأخلاق وعلم الاجتماع وفي علم النفس أحيانا هذا الأمر يعتمد على الكاتب ومدى تمكنه من اللغة العربية، وأضاف الدكتور بلحاج بالقول : هنالك تباين كبير بين المترجمين فمثلا ثمة مترجم يشدك بأسلوبه ولغته مما يُشعرك بأن تقرأ الكتاب في لغته الأم، وأوضح الدكتور بلحاج : يظل ما نعنيه بالترجمة الأدبية هي الترجمة التي تتناول الفنون الأدبية الإبداعية من شعر بجميع أشكاله وأنواعه ومن سرديات مثل الرواية والقصة والأقصوصة وما يجاورها كالسيرة الذاتية تحسب أيضا على النصوص الأدبية باعتبارها تعتمد على العطاء الشخصي.
صعوبات الترجمة
بينما من جانبه يُضيف الكاتب والمترجم الليبي “عبد السلام الغرياني” قائلا : بأنه مهما اجتهد المترجم فلن يقترب من النص الأصلي وهو قول متداول وشائع لديه مناصروه والمختلفون معه، فعلى سبيل المثال الراحل بورخيس قد فنّد هذا الزعم المتداول فهو يقول يصل أحيانا النص المترجم لدرجة أنه يتفوق على النص الأصلي، وأشار الغرياني أن الترجمة الأدبية أصعب أنواع الترجمة وأكثرها ذكاءً وأنبلها لكونها تتكىء على مخيال المبدع وتضم تطلعاته وبيئته، ولكي تنقل البيئة أو المحيط الذي كتب فيه النص إلى لغتك العربية يحتاج من المترجم لحساسية مفرطة وجهد وبحث كبيرين، وبحث في حياة المؤلف وظروف كتابته وبيئته الاجتماعية كل هذه العوامل لابد للمترجم أن يتشرّبها ويتقمصها، وساق الغرياني بضعة أمثال مثل الأعمال التي تُرجمت لفوكنر وهيمنجواي وغيرهم،وكتابات فوكنر مشحونة بالعنف وبالتالي جاءت ترجمته مربكة ومشتتة حتى القراء الأمريكان نفسهم بسبب التعقيد والجمل الطويلة والتلاعب بالأزمنة أما حينما نقرأ هيمنجواي فهو يكتب بلغة سلسة وبسيطة جدا تعكس شخصيته.