الطيوب
انتشرت قبل أيام مجموعة من اللوحات على منصات التواصل الاجتماعي، تصور جزء من الحياة اليومية والاجتماعية في ليبيا إبان الاحتلال الإيطالي، للرسام ماريو ريدولا، الذي عاش لسنوات في ليبيا، وجسد من خلال لوحاته الكثير من مظاهر الحياة الليبية.
نتوقف هنا مع بعض لوحاته وتعريف بهذا الرسام.
ماريو ريدولا
(نابولي 1890 – كاتانزارو 1973)
إيلينا لاغو
ولد ماريو ريدولا في نابولي عام 1890 وتدرب في أكاديمية الفنون الجميلة في نابولي تحت إشراف ستانيسلاو ليستا وفينسينزو فولبي وميشيل كامارانو الذي أخذه تحت جناحه على وجه الخصوص.
بعد تخرجه عام 1912، أصبح معبرًا عن الواقعية الحيوية الخالية من التأثيرات الزخرفية، وركز على الحياة اليومية الشعبية وعلى سرد المشاهد المنزلية الحميمة والمضيئة.
ظهرت نابوليتانا (الحياة في نابولي) في معرض نابولي عام 1912 ومن بعد في معرض كامالدولي، حيث بورتريه (أختي) و(تحت الشمس) في معرض العام التالي. بعد هذه التجارب المبكرة، قرر ماريو ريدولا إكمال تدريبه في الأكاديمية في باريس ثم في الأكاديمية في أنتويرب.
رسام المستعمرة الليبية
لم ينطلق النجاح الحقيقي للرسام النابولي إلا بعد الحرب العالمية الأولى. كان رحالة يقظًا ودقيق الملاحظة، وحريصًا على التعرف على ثقافات وتقاليد البحر الأبيض المتوسط وروايتها، وبعد الصراع غادر إلى ليبيا، حيث مكث هناك لمدة عشر سنوات تقريبًا.
تظهر الألوان والأحاسيس التي تعبر عن جوهر التقاليد في شمال إفريقيا، والتي يتم نقلها من خلال تمثيل الحياة اليومية والمناظر الطبيعية التي يخترقها ضوء الصحراء، من أعمال مثل: بانوراما قورينا، أو عرب طبرق، التي عُرضت في بينالي البندقية عام 1924.
تمتلئ لوحاته كرسام استعماري واستشراقي، بنساء عربيات يرتدين أزياءً نموذجية، وهن يمارسن مهنًا مختلفة، ويغلفهن دوامة الألوان والأصوات والصور من مدن مثل قورينا.
نساء وأزياء قورينا
أطلق على ماريو ريدولا لقب (رسام المبروكات)، بمناسبة معرضه الفردي في قاعة البرلمان القوريني عام 1923. ومن بين أعماله العديدة المخصصة للشخصيات النسائية، لوحة (عازفة الطربوكة)، (عذراء قورينا) ولوحة (راقصة قورينا، المرأة العربية)، اللتين رسمتا خلال عام 1924.
تخلو لوحاته من الاحتفالية وتهدف بشكل مباشر إلى إظهار الحياة الاستعمارية في أكثر جوانبها اليومية. إنها تقرير وليس رؤية خيالية لأفريقيا الحالمة، كما كانت الحال في الرسم الاستشراقي في القرن التاسع عشر. وفي إطار هذا الإطار الأسلوبي والسردي، تم إدراج بعض أعمال ريدولا الرمزية، بما في ذلك: السوق في شمال أفريقيا، ودرنة، وشجرة اللوز ودرنة، ومسجد القباب الأربعين.
تم عرض لوحاته الدافئة المليئة بالتفاصيل الفولكلورية والحياة الليبية، في المعارض الاستعمارية في ثلاثينيات القرن العشرين، واليوم، يتم الاحتفاظ بالعديد منها في متحف الحضارات، مثل اللوحة الكبيرة “الداخل الليبي مع الشخصيات”.
سنوات في ألبانيا
في بداية ثلاثينيات القرن العشرين، انتقل ماريو ريدولا إلى ألبانيا، حيث افتتح أول مدرسة للرسم في البلاد. وفي هذه السنوات أيضًا، تبنى الرسام واقعيته المعتادة ذات الألوان الزاهية والمضيئة، الغنية بالتفاصيل المأخوذة من التقاليد المحلية، وكرس نفسه لتفسير حيوي لا تشوبه شائبة للحياة في البلقان.
تم حفظ معظم اللوحات التي رسمها في ألبانيا في القصر الملكي في تيرانا.
في عام 1938، عند عودته إلى إيطاليا، أقام معرضًا شخصيًا في روما، حيث ركز كل إنتاجه النابولي والاستعماري. في نهاية مسيرته الملحمية كفنان متجول، تقاعد في سنواته الأخيرة وتوفي في كاتانزارو عام 1973 عن عمر يناهز 83 عامًا.
ترجمة عن موقع: https://www.berardiarte.com/artists/mario-ridola/