قصة

شيخوخة

من أعمال التشكيلي صلاح غيث.
من أعمال التشكيلي صلاح غيث. الصورة: عن الفيسبوك.

كاد يسقط، تلقفته بكلتا ذراعيها.. ترنحت قليلًا.. ثمَّ تماسكت.. التقطت التقارير المبعثرة، وشظايا نظارته الطبية.. قال:

– تهشمت ؛ لن أرى من دونها.

– سنشترى أخرى.

– ما تبقى من نقود بالكاد يكفي متطلبات الفحوصات والأدوية.

– ستتدبر.

– تذكري أيضًا تكلفة الإقامة إلى حين العودة.

تنهد بحسرة:

– وسداد ما اقترضناه فور رجوعنا.. معاشي التقاعدي لا يغطي كل هذا.

غيّرت مسار الحديث قائلة:

– اتَّكِئ على كتفي.

ارتسمت على شفتيه ابتسامة باهتة:

عرفت سرّ انبعاثها.. لابد أنه تذكر.. الجملة نفسها؛ تلك التي سمعتها تخرج من بين شفتيه.. أول أيام شهر العسل.. بعد وصولهما إلى القاهرة.. قبالة الأهرامات.. انطلقت مهرة جذلى.. همّت بركوب الجمل.. الريح داعبت جدائل شعرها.. انزلقت قدمها.. قبل أن تسقط؛ باغتها بساعده القوي.. المصوّر الجوال حنّط اللحظة.. طوال اليوم ينظران إلى الصورة.. يتندران بالموقف. يقهقهان بجنون.. يا للزمن.. انتبهت حين تمتم من وراء لهاثه الضعيف:

– لا أستطيع مواصلة السير.

– تماسك قليلًا.. وصلنا إلى المقهى. فلنجلس لنرتاح.

قرّب رأسه منها.. همس:

– قشعريرة.. كأن بللًا طال بنطلوني.

– لا تقلق يا عزيزي، عامل التنظيفات يغسل الأرضية.. أنا أيضًا اعترتني البرودة.

– مسّدت يده بحنو..

أدارت رأسها.. شرعت تصيح:

– أغرقتنا يا رجل.. احترس.. اجذب الخرطوم إلى الناحية الأخرى.

لفت صوتها انتباه الجالسين، تطلعت إليهما الأعين.. لم يكن هناك أحد يرش الماء.

مقالات ذات علاقة

شعرها المستعار

المشرف العام

نظارتي….

عزة المقهور

الشيخ حمد

عزة المقهور

اترك تعليق