انتقل إلى رحمة الله وعفوه الرجل الوفي الودود صاحب الابتسامة الدائمة والعطاء المتوقد، ضابط الشرطة، الملازم أول، السيد الجليل عمران الطاهر المهدي المسلاتي، السائق الخاص لولي العهد الأمير الحسن الرضا، مساء يوم الثلاثاء 27 أغسطس 2024م بمدينة طرابلس عن عمر ناهز الثامنة والتسعين عاماً، بعد معاناة قصيرة مع المرض. وأقيمت صلاة الجنازة بعد صلاة الظهر من يوم الأربعاء الموافق 28 أغسطس 2024م، ودُفن الفقيد العزيز في «مقبرة البومة» بمنطقة سوق الجمعة – العمروص، بمدينة طرابلس.
ولد الحاج عمران المسلاتي في العام 1926م بمدينة مْسَلَّاتة الواقعة في شمال غرب ليبيا على مسافة «130» كيلومترًا تقريباً شرق طرابلس.
وفي العام 1952م، التحق بالبوليس، وتلقى دورة تدريبية بمدينة مْسَلَّاتة بمدرسة الشرطة الزعفرانية. وبعد إنهاء دورته التدريبية التحق بالعمل في مركز شرطة بمدينة مْسَلَّاتة، ثم نُقل إلى مدينة طرابلس ليعمل أولاً بمركز شرطة الأوسط، وثانياً بمركز شرطة سوق الجمعة.
وبعد فترة وجيزة من انتقاله إلى مدينة طرابلس، قام بشراء منزل بحارة العمروص بمنطقة سوق الجمعة. واستقر بهذه المنطقة منذ تاريخ انتقاله إليها إلى ساعة انتقاله إلى رحمة الله مساء يوم الثلاثاء الموافق 27 أغسطس 2024م.
تزوج الحاج عمران المسلاتي في العام 1957م، ولديه ثلاثة أولاد: عبدالسلام الذي توفي هذه السنة «2024م»، والطاهر، ومحمد، وله أربع بنات.
في أواخر خمسينات القرن المنصرم، نُقل إلى القسم الخاص التابع لوزارة الداخلية، المعروف اليوم بجهاز المخابرات الليبية. وتم تعيينه سائقاً لولي العهد في العام 1960م، وذلك بعدما حضر السيد راسم النائلي الياور الخاص لولي العهد الامير الحسن الرضا إلى مقر عمل الحاج عمران المسلاتي التابع لوزارة الداخلية، وطلب منه أن يأتي غداً إلى منزل ولي العهد.
جاء الحاج عمران المسلاتي إلى بيت ولي العهد في الموعد المحدد، وتقابل مع راسم النائلي وابلغه بأنه سيصبح منذ اليوم السائق الخاص لولي العهد بتعيين من وزارة الداخلية. وكان الحاج عمران وقتها يحمل رتبة ملازم وتدرج في الرتبة إلى ملازم أول، ويوم انقلاب القذافي في الأول من سبتمبر 1969م كانت رتبته ملازم أول.
سُجن ولي العهد بعد انقلاب معمر القذافي في الأول من سبتمبر من سنة 1969م، وأقيل السيد عمران المسلاتي من جهاز الشرطة وانهيت علاقته بوزارة الداخلية، وتم تعيينه بعدئذ في مؤسسة الكهرباء بإدارة الحركة والنقل، وظل في وظيفته من العام 1970م حتى تاريخ استقالته في تسعينات القرن الماضي.
لم ينقطع الحاج عمران عن مواصلة عائلة ولي العهد بعد سجن الأمير الحسن الرضا من قبل الانقلابيين، وظل يزور الأمير في بيته بعد الإفراج عنه، وكان يصطحب أبناءه معه في المناسبات والأعياد. وقد رافق الأمير في رحلته البرية إلى المنطقة الشرقية في العام 1982م، وذلك حينما تمكن الأمير من حصول على تصريح من سلطات القذافي للسماح لسموه بالذهاب إلى مدينة البيضاء لتقديم واجب العزاء إلى السيد علي العلمي في وفاة ابنه خالد، ثم زيارة مدينة بنغازي مسقط رأسه.
قال الأمير محمد ابن الراحل الأمير الحسن الرضا في تأبين الفقيد: «كان الحاج عمران المسلاتي رجلاً مهذباً دمثاً لا تفارق الابتسامة محياه، دؤوباً في زيارة والدي رحمه الله خلال فترة السجن ومسانداً له في فترة الاقامة الجبرية، غير مبالٍ بما جلبه له هذا من مضايقة وتضييق وتهديد في وقت عزّ فيه الصاحب والسند».
أخيراً، أحب الحاج عمران الإدريس وولي عهده، وكان رجلاً وطنياً بامتياز. وكان حُلو المنطق وقوراً.. لم يعرف إلا الكلمة الطيبة، ولم يُعرف عنه خصومات مع أحد.. وكان رجلاً مخلصاً وفياً، ولا أبالغ عندما أقول أنه كان عنواناً للإخلاص والوفاء.
والله نسأل للفقيد العزيز الرحمة ولأهله ومحبيه الصبر والسلوان…
إنا لله وإنا إليه راجعون.
يوم الخميس الموافق 29 أغسطس 2024م