سرد

مقاليع الرعب: رؤية

الغابة من أعمال التشكيلي موسى أبوسبيحة
الغابة من أعمال التشكيلي موسى أبوسبيحة

مُحنّطة تتساقطُ لحاءاتها الجافة المُشقّقة، كُلّما تيبّسَ الوقت، غابة أمزونية لا تحدّها المداءات ولا تحتويها الفراغات الهائلة، تعومُ وسط سرابٌ مائي يُغطي ظِلال الحصى الفسيفسائي،  ملأ الخواء ظلامٌ أحدب، سالت أودية من فوسفور شمعي، تفجرت شُهب قزحية متدفّقة من فجوج الرمل الكريستالي المتراكم، فجأة تنهال لتسدَّ ثقوب ناتئة، تتناثر فوق الأخاديد المتصدّعة، انهيار طيني وجلبة كونية وأصوات لزجة من تقطع عروق القاع المائية، انفصال دوائر الطبقات التكتونية عن الطين الأصفر المُتكلس منذ ألف سنة ضوئية، صوت طبول صخرية تقدح في جمجمتي الحائرة، حمم الموت خارج أتون المدارات المخدوشة، تنتظر اكتمال الانجراف العظيم، تنحثه الريح بركضها المحموم، تجرفُ الجزيئات الذرية نحو أرخبيل الكبريت الأحمر، مصيدة الزمن، بانوراما جحيمية تنحسرُ قبل الوميض الخفي، رُبّما تكون هي ذاتها لحظة الاقتران الرهيب، مشهدية مُفزعة، ثنائية ملحميّة تُؤطرها موسيقى الموت وكرنفال الخراب، تنوح أقبية الريح بصفيرٍ الوداع ونحيب كأنّه شهقة البدء لكينونة الكون المعطوب، قبيل اجتراحه الفناء على يد البشر، ليس بوسعي أن أعِد أحفادي بحفنةٍ من أكسجين الاخضرار، ما بطاقتي الكهلة سوى ركل الفكرة المعزولة عن التاريخ وحمض الإنسان النووي، الساعي لخنق الأرض وزرع كربونه الوحشي.

مقالات ذات علاقة

أرفع راسك فوق لين تبان خنانتك!

محمد المصراتي

جزء من رواية لن ترضى عنك روما

فتحي محمد مسعود

فـوضـى

الصديق بودوارة

اترك تعليق