المقالة

مسقط وحكاية «واتس آب»

كنت الأسبوع الماضى فى سلطنة عُمان فى زيارة غير متوقعة ولا خطرت لى ببال! وحكاية تلك الزيارة هكذا بدأت: بمجموعة عربية (الملتقى العربى الإعلامى) أنشط بها على «الواتس آب» وضعت زميلة إعلامية لبنانية مُلصق ومطوية برنامج لمنتدى إعلامي (عربى – دولي) له علاقة بالصحة النفسية وظهرت لى قائمة بالدول العربية والدولية الأخرى المُشاركة بأبحاثها، فكتبتُ مُعلقة عليها: «وكالعادة يا عزيزتى ليبيا لا تتم دعوتها ولا اعتبارها من ضمن هذا الوطن المُسمى عربي، عشنا نفيا وإقصاء ممن حكمنا لعقود، وهناك من يُواصل دوره معنا»، فردت الزميلة بود ورحابة مُعتذرة وقالت لي: «ما أستطيعهُ وقوفا ودعما أن أمنحك وسائط الاتصال بالمُنظمين، حتى ولم يبق على اللقاء غير أيام معدودة!»، ووضعت لى رابط الاتصال برئيسة اللقاء، من صارحتُها بإهمال ليبيا، وهى معنية بهذا المنتدى الذى يتناول دور الإعلام فى دعم الصحة النفسية للنساء فى هذه الأوضاع، وكتبت لها: «نحن أحوج لتناولنا كحالة، وللسؤال عن مدى توافر سياسة وبرامج إعلامية لدعم الصحة النفسية لنساء تأذين من مُعقبات التحول والتغيير، وحالة الحرب، ومنها مؤخرا حرب الإرهاب والتطرف شرقا وغربا، ولدينا بعض الجهود لمُنظمات مدنية ينقصها الخروج إعلاميا»، فردت السيدة المُنظمة: «معك حق وعلى الرحب والسعة، أرسلى سيرة ذاتية وصورة من جواز سفرك ومرحبا بليبيا والليبيات».
وانطلقتُ فى رحلتى للمشاركة بالمنتدى الدولى للصحة النفسية للمرأة فى الإعلام مُرفقة بمداخلة أعددتها بعنوان: «مساهمة وسائل الإعلام فى تقوية ودعم الصحة النفسية للنساء» الطائرة التى أقلتنى إلى مسقط، كانت مكتملة المقاعد حجزا، وقد أعلمنى شابان مصريان جلسا بجانبى عن فرص عمل متاحة بسلطنة عمان فى أكثر من مجال، وأن هذا العدد بالرحلة جُلهم مصريون قضوا إجازتهم وأبنائهم يستعدون للعام الدراسى الجديد بالسلطنة.
ساعة نزولى بمسقط، ورغم أن رحلتى كانت ليلية، إلا أنى لمست عناية واهتماما ظهرا فى المطار، وكذلك فى مسافة طريق المطار إلى الفندق، فأشجار نخيل الزينة كمصدات رياح على طول الطريق مُشذبة بعناية، والنظافة عنوان جميل لمجمل مسقط، حتى إن مساحات كانت بها أعمال بناء وتشييد حظيت بعناية وترتيب لما يُمثل مواد بناء.
فى مركز عمان للمؤتمرات والمعارض، جرت أعمال المنتدى الذى ضم أيضا ورشا تدريبية فى أكثر من مجال إعلامى وصحة نفسية، كما افتُتح معرض يمثل أعمال الرُعاة المنظمين للمنتدى لفتح آفاق التعاون مع مؤسسات حضرت اللقاء عربيا ودوليا، وقادت منصة المحاور والنقاشات شخصيات إعلامية معروفة، كما جرى تكريم سيدة الشاشة الخليجية من الكويت حياة الفهد، وتتويج أربع سيدات كسفيرات للهيئة المنظمة للمنتدى «هيئة المرأة للتنمية والسلام».
حكاية زيارتى مسقط والواتس آب تصادف فيها أيضا اعتذار عن المشاركة من قبل وزيرة الشئون الاجتماعية للمرأة والطفولة بموريتانيا، وكانت فرصة مداخلتى مُعلقة كونى أُدخلتُ للبرنامج بعد إعداده وتداوله إعلاميا، لحظة تواصلت معى المنظمة للمنتدى السيدة عواطف الثنيان، ونحن فى أيام المنتدى بطلب أن أنوب عن الوزيرة الموريتانية، أعلنتُ موافقتى وشكرتُها، وقدمت مداخلتى بالجلسة الختامية والتى شهدت حضورا لافتا، بل وتصدى فيها وزير الإعلام العمانى بمناقشتنا فيما طرحنا من آراء، وكان مما ورد فى ورقتى أن إرادة الفعل وروح المقاومة تمثل فى نشاط وفاعلية المرأة فى مواقع النزاع والتوتر، نموذج ذلك درنة وبنغازى وسرت وصبراتة ومصراتة، غير أننا شهدنا غيابا وقصورا فى انشغال الإعلام بتخصيص برامج تدعم الصحة النفسية، منها إشراك المتأثرات بالأوضاع بسرد قصصهن، وتشاركها مع الجمهور المتلقى، لتدفع باتجاه دعمهن ومناصرتهن كما والمشاركة الوجدانية، وأن يمارس الإعلام دوره فى فتح المجال للبرامج الحوارية؛ فالتعاطى الحر والنقاشات فى مواضيع تمس ما يُريح النفس فرصة للخروج من الاضطراب والانغلاق، وتعطى الأمل بأن الإرادة الفاعلة يمكنها أن تواصل حياتها دون أن تتمترس على البقاء فى مكانها المظلم والمنعزل.

مقالات ذات علاقة

زهور المقابر

منصور أبوشناف

حركة الهيبيين

أحمد معيوف

من سكب الأبيض في “الفراشية” الليبية؟.. “الفونغ شوي” يُجيب

أحلام المهدي

اترك تعليق