النقد

رؤية نقدية لقصة (ظل امرأة) للكاتب/ عاشور أحمد عثمان/ ليبيا

قراءة قصة (ظل امرأة) للكاتب الليبي: عاشور أحمد عثمان
قراءة قصة (ظل امرأة) للكاتب الليبي: عاشور أحمد عثمان

الرأي

بخصوص العنوان ،فقد كتب من كلمتين: ظل امرأة.

ظل: الظل هو المنطقة المظلمة الذي يسببه جسم ما عندما يحجب الضوء من الوصول إلى سطح ما. وهو صورة غير واضحة للشيء بلون أسود. وعندما نضيف كلمة امرأة يكون المعنى يوحي بأنه امرأة..!

ولكن عدم التأكد يكون لعدم وضوح الصورة لأنه مجرد ظل أو خيال..!

السؤال: هل هو ظل لامرأة، أم ظل لتمثال على شكل امرأة؟!

محور النص

يشير الكاتب إلى مفرد غائب(هو). ويشير لاهتمام (هو)بمفردة غائبة(هي).

الاستهلال

جاء بصورة مشهدية قسمت اليوم إلى ثلاث فترات :

ضوء النهار(الصباح)، فترة الظهيرة، فترة حلول الظلام (المساء).

(هو) في حالة حركة:

في الصباح:

يجوب أطراف القرية بين الحقول

هو لا يدخل القرية ولكنه على أطرافها

وهذه الحقول تضررت بفعل معارك بين مقاتلين يستغلون أماكن الاختباء فيتقاتلون معا وهذا القتال يسبب الاحتراق للنباتات السامقة.

هو فقط عابر سبيل ،هنا نربط بين تحركه عند بداية اليوم ،ومكان التحرك من أطراف القرية، وكلاهما بداية.

عند الظهيرة:

يتحول إلى شبه فزاعة لا تهابه الطيور، وهنا نلتفت لتغير المشهد من حالة الحركة إلى حالة السكون التام ،وهنا يكثف الكاتب هذا السكون بعدم خوف الطيور والطمأنينة وهي تحط بجانبه دون خوف ،والمعنى يقودنا للتساؤل عن هذا الزائر الغريب الذي يتسلل عند شروق الشمس من أطراف القرية بين الحقول وهناك إشارة لمعارك كانت منذ زمن قصير وتركت أثرا لازال حاضرا باحتراق النباتات، وفي الظهيرة يحرص على عدم إحداث صوت ؛حتى يختبئ عن الأنظار..!

المكان داخل منطقة مأهولة بالسكان والأمر بهذا الوصف يجعلنا ندرك أمرا غامضا لهذا الزائر الغريب.

عند حلول الظلام:

وتعني بنهاية اليوم ،ونذهب مع ما يفعله، فنجده وصل إلى مقابل منزل (هي).

استند إلى حائط مقابل منزلها، ورأى من خلال النافذة وفي وجود ضوء خافت (ظل) خمنه ظل امرأة..!

هنا ندرك عدم وجود رؤية تتيح له التعرف على صاحبة الظل، وهو في كل الأحوال على شكل امرأة.

الغموض

كونه مجرد ظل يدفعه للتخلي عن حظره ،ويدفعه للتحرك قدما نحو منزلها حتى يتحرى الأمر بدقة، ويقرر حقيقة الظل والذي يتمنى أن يكون لها دون غيرها..!

هروبه

يتراجع ويهرب فيرى كأن الخيال يلاحقه ،ويهاجمه هاجس بكلماتها:

لا تهرب كهروبك يوم ان استباحنا العابرون العتاة.

الحلم والحقيقة

يعيدنا الكاتب ببراعة إلى الحقيقة بذكر الوسادة والتي تدلل على النوم والاسترخاء، فهو قد عاد بحلمه للوراء واستعاد ما حدث، وتخليه عنها وعدم تقديم العون لها وتركها للذئاب ينهشون لحمها، ويراجع هذا الفعل المخزي ، ويدرك لماذا غادرته دون عودة..!

ينام حتى يبزغ الفجر، فيتحرك بصورة واقع ويحاول تنفيذ ما جاء بالحلم ، فيصعد إلى نافذتها، ولكنه في حالة  سكون كفزاعة لا تخيف أحد وبجواره الغربان ينعقان (كإشارة إلى الخراب الذي يخيم على المكان).

المعادل الموضوعي

غرابان (هو وهي)،ينتظرانه في الخرائب المجاورة. هجرته حواء، وأهل القرية يتحاشون لقاءه. هو غير مرغوب منها أو منهم، يعاني حالة نفسية محبطة فتجربته السابقة لا تحمل سوى خزي وعار، وما يراه مجرد هواجس وأحلام، والغرابان والمكان الخرب يذكرانه بالتشابه الكبير بين حياته وحياتهما معا.

المقاربة

الغرابان ينعقان بجواره ويدعوانه ؛ليلحق بهما إلى المكان الخراب دون حياة..! المعارك على أطراف القرية والأثر الجانبي باحتراق الزرع وحالة الخراب ثم سكونه كفزاعة دون قدرة على التأثير فيمن حوله.

العابرون وطأوا حبيبته واستباحوها وهرب دون أن يفعل شيئا في سبيل الدفاع عنها وحمايتها. والمقاتلون في معاركهم دمروا الحقول وخربوها.

هو في كل مراحل حياته عديم رد الفعل لا يدافع عن نفسه ولا يدافع عن حبيبته.

نعود لمغزى العنوان

ظل امرأة يراها كهاجس، فلا يعقل أن تكون حبيبته التي أضاعها حين تخلى عنها وهرب من مواجهة العابرون العتاة الذين استباحوها..!

نراه عيبا

تكرر العنوان بنفس الجملة داخل النص (ظل امرأة).

طريقة السرد

بدأ النص براوي عليم مع استخدام زمن المضارع المستمر فنحن نلمح ضمير الغائب (هو)،ثم يطلق العنان للبطل لاستحضار موقفه مع حبيبته حتى لوكان الذي يخاطبه مجرد خيال.

وعلى ذلك يكون الكاتب قد دمج بين الراوي العليم والبطل ولكن في مراحل مختلفة من القصة.

الحبكة القصصية

التقارب والتلامس بين الحلم والحقيقة، يكاد لا يدرك بسهولة ،ومع إيجاد المقاربات ظهر خواء البطل، ومرضه النفسي الذي جعله يتحاشى التعامل مع الناس فهو في خواء داخلي ويرتاد الأماكن الخربة ويستبدلها رغما عنه بديلا عن الحياة الطبيعية.

الزمكان

البطل يعيش حلما مستمرا يجعله يرى هواجس تطارده دون أن يتحرك من مكانه وكأننا أمام مريض نفسي..!

تعامل الكاتب مع المكان والزمان داخل تلك الهواجس فجعلنا نراها كأنها حقيقة.


هذه القراءة تمت المشاركة بها ضمن برنامج (ضيف وقصة)، للقاص عاشور حمد عثمان، وقصته (ظل امرأة)، بالمنتدى العربي للنقد المعاصر بمشاركة العديد من النقاد؛ 14/8/2024م.

مقالات ذات علاقة

نبوءة الشاعر

ناصر سالم المقرحي

نجوى بن شتوان و “صدفة جارية”

إنتصار بوراوي

قراءة انطباعية لديوان الشاعرة/ حواء القمودي (هكذا صرختُ)

جمعة عبدالعليم

اترك تعليق