استطلاعات

طيوب يستطلع: القصيدة العربية في زمن الحداثة والذكاء الاصطناعي!! 1/2

الطيوب | استطلاع: رامز رمضان النويصري

مازال للقصيدة العربية حضورها الثقافي على المستويين المعرفي والجماهيري، فهي مازالت قادرة على إطراب المتلقي وإقناعه بانها الصورة الحقيقية للشعر، وأن ما عداها يظل يراوح في مناطق الظل!

هذا الحضور، يؤكده الشعراء من خلال التزامهم بقواعد القصيدة العربية التقليدية، بالحفاظ على الطريق التي طرقها الشعراء العرب الأوائل، وضبطها الفراهيدي، إذا مازالت هذه البحور ضاجة وزاخرة!

هؤلاء الشعراء، يجددون عهد هذا النص العربي، جيلاً بعد جيل، من خلال استلامهم للراية التي رفعها امرؤ القيس، محافظة على جِدّتها ورفرفتها، وإشعاعها!

في استطلاعنا هذا، توجهنا بسؤالنا إلى مجموعة من الشعراء الليبيين، ممن يواصلون الكتابة على البحور الشعرية، ويبدعون قصائد تؤكد حضورها القوي، في المشهد الشعري الليبي، فكان سؤالنا:

كيف تفسر استمرار تجربة القصيدة العربية التقليدية (العمودية)، في عصر الذكاء الاصطناعي، وما بعد بعد الحداثة؟

ومحاولة لفهم:

لماذا هناك شعراء مازالوا يمارسون كتابة القصيدة العربية؟ بالرغم من انتشار الشعر الحديث، مع انتشار منصات التواصل! هل مرد التأثير أيديولوجي أم ثقافي؟

وهل هناك جمهور لهذه القصيدة؟

هل هناك تغيرات نالت من القصيدة العربية؟ على مستوى: الأغراض، الشكل، البناء الداخلي.


أول الشعراء المشاركين في هذا الاستطلاع، هو الشاعر “علي الجمل”، الذي يؤكد:

وهذا يُبيّن صلابة القصيدة العربية الأصيلة ورشاقتها وحيويتها

الشاعر الليبي علي الجمل
الشاعر الليبي علي الجمل

ويجيب بقوله:

الادّعاء بأنّ تجدّد انتشار القصيدة العمودية – التقليدية – على الساحة العربية لدى أغلب الشعراء الشباب اليوم مردُّه إلى التأثير الأيديولوجي الذي فرضته موجاتٌ مذهبيةٌ أو تياراتٌ فكريةٌ بعينها في أحداث المنطقة منذ سنوات: هو في الحقيقة ادّعاءٌ غيرُ موضوعي، ولا يستند لقرينة التطورات الحاصلة في أروقة وصفحات الحياة الثقافية، والدليلُ أنّ بلدان مثل تونس والجزائر والمغرب وسوريا والعراق والأردنّ وحتى مصر لا يُلمس بها ذلك التأثير المُباشر لأي مذهب أو أية طائفة دينية في كتابات شعرائهم ومنشوراتهم كثيرا، بل على العكس تجد غالبية الشعراء يصدحون في زوايا منتدياتهم وأقبية صالوناتهم بالشعر العربي الذي امتلكوا زمام ناصيته وخاضوا بحوره في قضاياهم وتطلعاتهم ووجدانياتهم، وعليه فأنا أكاد أُجزم أنّ خُرافةَ تجاوزُ الزمنِ للشعر العمودي بتفعيلاته وتحت مظلة أوزان (الفرهيدي) والذي يُنعت – تعاليًا – بالشعر التقليدي قد نالها التلاشي ومحقها الأفول، وهذا يُبيّن صلابة القصيدة العربية الأصيلة ورشاقتها وحيويتها، والتي ما تزال تواكب تطوّر المفاهيم العلمية والأدبية، وتتسع إلى المزيد من مفردات العصـرنة واصطلاحاتها مع الإبقاء على نفَسها الجمالي وعدم الإخلال بشكلها العَروضي المتزن الأصيل، والذي لم يألفه بعضُهم أو لم يسطع إليه سبيلا، فعمد إلى الانكباب وراء أنماطٍ دخيلة على التراث العربي بحجة الحداثة المزعومة، حتى أصبح الشعراء قلائل والألكعُ أمهرُ من سحبان بن وائل …

الشاعر “أحمد الفاخري” ثاني المشاركين في هذا الاستطلاع، يقول:

القصيدة التي نقرأها اليوم غير التي كنا نقرأها
لشعراء في العصر العباسي أو الأموي أو الجاهلي

أظن أن القصيدة العربية (قصيدة البحر) أو قصيدة (العمود) كما تُعرف ظلت ثابتة راسخة على مر العصور، ليس باعتبارها فقط أصل الشعر العربي ومبدأه، لكن الدارس للتاريخ الأدبي يرى أن عصر ما بعد الحداثة الذي يطفو على السطح في الآونة الأخيرة ليس هو المحاولة الأولى في التجديد التي عمدت إلى أن تطغى على البناء التقليدي (العمودي) المستند إلى بحور الشعر.

الشاعر الليبي أحمد الفاخري
الشاعر الليبي أحمد الفاخري

إنّ الموشّح الأندلسي على سبيل المثال جاء محاولة للتجديد لكن قلّما تجد من يمارسه في هذا العصر، ثم جاء العصر المملوكي بأنماط مختلفة من التجديد كمثل ما يسمى بالقصيدة المربعة والقصيدة المثلثة وما إلى ذلك، كلّها مستندة على ألاعيب لفظية وشكلية أكثر من تركيزها على المعنى والصورة بالرغم من احتفاظها بالوزن والقافية، لكن هذه الحقبة باتت تعرف الآن بعصر انحطاط الشعر لنفس السبب الذي ادعت التجديد بواسطته، حتّى انتهينا الآن إلى العهد المعاصر الذي جاء التجديد الشعري فيه في أكثر من صورة، أوّلها قصيدة التفعيلة التي كان من روادها كل من نازك الملائكة والسياب وكتب عليها أغلب الشعراء اللاحقين إن لم يكن كلهم، ثم جاءت قصيدة النثر، وعصر ما بعد الحداثة.

ما يفرق لدى قصيدة النثر عن قصيدة التفعيلة هو أن الأخيرة تعتمد على الوزن مثلها مثل قصيدة العمود، كلاهما يرتكز على أوزان الخليل (نسبة إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي واضع علم العروض) إلا أن قصيدة التفعيلة لا تعتمد طولاً ثابتًا للبيت ولا قافية موحّدة، أما قصيدة النثر فهي لا ترتكز إلا على الموسيقى الداخلية للنص منسلخة عن أوزان الخليل والقوافي.

فنلاحظ أنه بالرغم من الإقبال الكبير من عدد لا بأس به من الشعراء في اتجاه قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة إلا أنّ الشعراء الّذين يكتبون قصيدة العمود هم عدد لا يستهان به بأي حال من الأحوال، بسبب ما ذكرناه سابقًا، من أن محاولات التجديد الحالية لم تكن فريدة عصرها، ولأسباب أخرى جانبية.

أما فيما يخص التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، فثمة شعراء مبرمجين ومؤسسات أدبية عربية استثمرت الكمبيوتر في إعداد موسوعات شعرية ضخمة بكل التراث الشعري العربي، وأيضا بعض المواقع يمكنك من خلالها ضبط بيت الشعر وتحديد نوع البحر الذي ينتمي إليه، ومن ذلك نستنتج أن التكنولوجيا تم تطويعها في خدمة الشعر وفي خدمة التراث الأدبي.

وهو استمرار الممارسة، يقول “أحمد الفاخري”:

أعتقد أنك لو سألت من سألت من الشعراء المتمكنين والمهتمين بالأدب والشعر والدارسين عن أفضل الشعراء في كل العصور، سيذكر لك بلا تردد أحد الشعراء الثلاثة الأبرز؛ المتنبي وأبو تمام والبحتري، فإن النقاد يجمعون على أن الشعر العربي قد بلغ ذروته في العصر العباسي، بمن فيهم قائد لواء الحداثة أدونيس، ويجمعون أيضا على أن الشعراء الثلاثة المذكورين هم الأشعر، دون الإنقاص من أهمية أغلب شعراء تلك الفترة ومن قبلهم من العصر الأموي إلى الجاهلي، فما دام الأمر كذلك؛ سيظل الشعراء اللاحقون يحتدون بهؤلاء القدوة، وسيبحثون عن موطن لهم على خارطة الشعر بحيث لا يبتعدون كثيرا عن هذا المستوى المطموح إليه، وسيكتبون القصيدة التقليدية، القصيدة الأصل.

وعن الجمهور المتابع، يعلق:

من خلال المشاهدة والمتابعة في منصات التواصل الاجتماعي ألاحظ كثيرا من الشعراء المشهورين، من لهم متابعون كثر، هم من كتاب القصيدة التقليدية، نعم هناك جمهور عريض لقصيدة العمود، أكثر هؤلاء الجمهور ينجذب للكلمة الراقية والصورة العميقة والموسيقى الجذابة مع إيقاع الوزن والقافية إضافة إلى أداء الشعراء وطريقة إلقائهم.

وأضيف أيضًا أن بعض البرامج التلفزيونية والمسابقات قد وسعت جمهورية قصيدة العمود، على سبيل المثال لا الحصر، برنامج أمير الشعراء، فهذا البرنامج مثلا زاد من الإقبال على كتابة قصيدة العمود ومتابعتها على حد سواء.

وبرنامج أمير الشعراء، وغيره من البرامج والمسابقات أيضًا ليست سابقة عصرها في مجال التسابق والتنافس على نحل الشعر، فنذكر مثلا أن سوق عكاظ في العصر الجاهلي كان مضمارًا للتنافس والتبارز بالكلمة كما كان الشعراء يُصنفون ويتمايزون في هذا السوق، ونذكر أيضًا اهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعر وإقبال الشعراء عليه لمدحه وإكرامه لهم، ونذكر كذلك الحظوة التي ينالها الشعراء عند الأمراء والولاة في العصور التي تلت صدر الإسلام، وإكرامهم بالهدايا والعطايا، ما يجعل الشعراء يقرضون الشعر ويتسابقون لنيل الاستحسان والتميز، فأظنّ أن مجال التنافس في الشعر هو لا محالة مقرون بانتشاره وزيادة شهرة الشعراء البارزين وزيادة شعبية الشعر والقصيدة الموزونة.

ويختم الشاعر “أحمد الفاخري” مداخلته، مجيباً على سؤالنا: هل هناك تغيرات نالت من القصيدة العربية؟ على مستوى: الأغراض، الشكل، البناء الداخلي.

بناء قصيدة البحر أو قصيدة العمود يتميز بالتزامه ببحور الخليل وبالقوافي الموحدة في نهاية كل بيت، بحور الخليل عددها 16 بحرا. فقد عكف الخليل بن أحمد الفراهيدي، الذي عاش في العصر العباسي، على دراسة كل الشعر العربي، ولاحظ أنه يتميز بنمط معين من الأوزان، فصنف هذه الأوزان وسمى كل نمط منها بحرا، وكان هذا التصنيف ذكاء وفطنة منه، وبذلك أنشأ علم العروض المهتم بدراسة بحور الشعر وأوزانه.

وعلى الرغم من احتفاظ القصيدة التقليدية ببنائها الخارجي وشكلها المنظوم، إلا أن التجديد قد طال دواخلها بلا أدنى شك، القصيدة التي نقرأها اليوم غير التي كنا نقرأها لشعراء في العصر العباسي أو الأموي أو الجاهلي.

لا ننكر أن بعض الشعراء ظلوا مستمسكين بنمط تقليدي حتى في المعاني والصور، وهؤلاء في نظر جميع النقاد والمتذوقين ظلوا أدنى منزلة من غيرهم، لكن صنفا كبيرا من الشعراء جددوا في الصورة والمعنى واللغة والإيحاءات فحلقوا بنا في عوالم شاعرية متجددة وأمتعوا المتذوقين وكتبوا قصائد سوف تخلد.

وأظن كذلك أن بعض الأغراض التي كان يكتب عليها القدماء قد اندثرت، فقلما تقرأ قصيدة في الهجاء أو الحماسة أو الحكمة على سبيل المثال، كما أن غرضًا مستحدثا صار سائدا وهو القصيدة الغنائية، وهي التي تتغنى بالنفس والمشاعر والأحاسيس بوجه أشمل، وهي بذلك قد تجمع أكثر من غرض من الأغراض التقليدية في قصيدة واحدة ولكن بشكل أكثر اختزالاً.

الشاعر “عمر عبدالدائم”، يقول إن القصيدة العربية:

كانت بمثابة الجريدة الرسمية، والقناة الاذاعية،
والوسيلة الإعلامية والإعلانية

الشاعر الليبي عمر عبدالدائم
الشاعر الليبي عمر عبدالدائم

حافظت القصيدة العمودية على حضورها عبر التاريخ، منذ عصر ما قبل الإسلام من خلال النقل الشفوي أولاً ثم وصلت إلينا مكتوبة بعد أن بدأت عملية التدوين في مراحل لاحقة..  وقد كان حضور القصيدة العربية الكلاسيكية (العمودية) -أو ذات الشطرين كما يسميها البعض- أكثر بروزاً في العصور المتقدمة لأنها كانت لسان حال العرب الوحيد، فهي ناقلة أخبارهم ومصورة أحداثهم وراسمة مشاعرهم ومحفزتهم وقت الحرب ومطربتهم وقت السلم ومخلدة انتصاراتهم ومشاركتهم افراحهم واتراحهم.. كانت بمثابة الجريدة الرسمية، والقناة الاذاعية، والوسيلة الاعلامية والاعلانية.

تلجأ إليها القبائل للفخر، وتهاب هجاءها، وتكرم شعراءها، وتحتفي بمولدهم لأنها تدرك أن ما يصنعه الشاعر في رفعتها أكثر مما يفعله المقاتلون..

ثم كانت عصور الانحطاط الأدبي، وحتى في هذه العصور لم تختف القصيدة العمودية، وإن أصابها الوهن وتآكلت قواها، فأخذت تنأى عن قوة الشعر لتسقط في … الصنعة.. بقيت خلال هذه الحقب شكلا بلا مضمون، وجسداً بلا روح لأنها كانت محض بناء أجوف مقولب في تفعيلات خليلية.. فصدق فيها وصف النظم بدل الشعر..

لكنها مع كل ذلك الانكسار لم تغب تماماً (على الأقل من الناحية الشكلية) حتى قيض الله لها من أخذ بها للنهوض من جديد بعد تلك الحقب، فكان محمود سامي البارودي وعلي محمود طه ومعروف الرصافي وصافي النجفي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وشعراء المهجر وغيرهم، ممن أسهموا في إعادة روح الشعر للقصيدة العربية العمودية.

واستمر الحال إلى ان جاءت قصيدة التفعيلة على يد شعراء شباب أثرت فيهم انتكاسات الأمة فحاولوا الهروب والتحرر من بعض القوالب التي أسرت القصيدة العربية، فكانت الثورة على البحور الخليلية في شكلها الكامل ولكن دون المساس بتفعيلاتها الفردية، فجاءت قصائدهم بموسيقى التفعيلة لذيذة مُطرِبة للمتلقي العربي الذي تعوّد أن يتلقى الشعر سماعاً، فلم تكن بذلك قصيدةً نشازاً، بل زاد من قبولهم لها ما اظهرته قصيدة التفعيلة من امكانية للحركة والمناورة في المعنى والمفردات لم تستطع القصيدة العمودية أن تمنحه..

واستمر السباق بين هذين اللونين مرة تتغلب العمودية في كسب إسماع الجمهور ومرة تفوز التفعيلة بذلك.. إلى أن ظهر مصطلح “قصيدة النثر” والذي أراد أن يطيح منظروه بكافة ضوابط وأحكام القصيدة العربية سالفة الذكر، فتحرر النص الشعري من الأوزان والتفعيلات عموماً واعتمد اعتماداً كاملا على المحتوى الداخلي للنص من حيث ابتكار الصور والأخيلة والارتكاز على قاعدة تحطيم العلاقة بين الاشياء، دون الالتفات للشكل المتعارف عليه للقصيدة العربية.. ومازال الحال حتى اليوم بين مريدين للقصيدة العمودية أن يكون لها الصدارة في الشعر العربي، وبين من يقول أن هذا النمط من الشعر لم يعد يلبي شغف الجيل الجديد من حيث التحرر من رتابة الأوزان والانطلاق في فضاء “الشعر المحض”..

حسب رأيي أن القصيدة العمودية مازالت تستأثر بمكانتها المميزة في المشهد الشعري على امتداد مسرحه في جلّ البلاد العربية، لا سيما بعد هذه “الصحوة” للقصيدة العمودية والتي نشهدها هذه السنوات على أيدي الشعراء الشباب من خلال التجديد في موضوعها دون المساس ببنتيها العروضية.. وليس أدلّ على النجاح المبهر للقصيدة العربية العمودية الحديثة من هذه المهرجانات التي تقام لها، وهذا الاستحسان الذي تلاقيه من قبل الجمهور سواء على منصات التواصل الاجتماعي أو من خلال الإلقاء المباشر لها..

الأمر الذي يعني أن هذه الصحوة نجحت بالفعل في إحياء هذه القصيدة وإظهارها بشكل جديد. وأن القصيدة العمودية أثبتت ومازالت تثبت حضورها الفاعل برغم الوهن الذي أصابها دهوراً عديدة.

الشاعرة “وجدان صقر”، ترجع سبب تراجع الشعر اللغة، فتقول:

ذهبت قوانين وقواعد اللغة في خبر كان،
وأصبح الجميع ينشر بقوانينه الخاصة

الشاعرة وجدان صقر (صورة: من اختيار الشاعرة)
الشاعرة وجدان صقر (صورة: من اختيار الشاعرة)

تمتاز القصيدة العربية بالعمق في استخدام مفردات اللغة والتلاعب بها بشكل جميل وتوظيف العديد من مفردات اللغة حسب موقعها والحاجة إليها. ويتلذذ السامع بتناغم مفرداتها وعمقها.

وهذه الأشياء قد يفتقر إليها الشعر الحديث، الذي يسعى للوصول بشكل سريع للجمهور مواكباً لعصر السرعة الذي نعيشه اليوم، فنجد فيه الكلمات الأكثر تداولاً وفهماً ووصولاً لعدد أكبر من الجمهور. مع ذلك هناك شعراء مازالوا يهتمون بالقصيدة العربية يتألقون في كتابتها ويتنافسون في ذلك. اعتبر ذلك من حبهم للقصيدة العربية وهِوايتهم لها وشغفهم بها، بغض النظر عما يهتم به الأغلبية العامة في وقتنا الحالي.

جمهور القصيدة العربية في هذه الأيام ليس كبيراً أو واسع النطاق، لما ظهر من أمور بديله حلت محل القصيدة العربية تجذب العامة من الناس، أو ربما قل الاهتمام بها من قلة الاهتمام باللغة العربية أساساً للأسف، فاليوم تسلط الأضواء على اللغة التي يمكنها الوصول للعالم أجمع لسهولتها وقلة مفرداتها (الإنجليزية). ومع ذلك مازال هناك جمهور يهتم بالقصيدة العربية ويتجه إليها لما تحمله من جمال اللغة العربية وعمق الوصف.

مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي واحتلالها العالم، حدثت الكثير من التغيرات وانقلاب الموازين، فاليوم الجميع أصبح كاتباً وناشراً على منصاتها المتعددة وبإمكان أي شخص الاطلاع على أي نص مكتوب سواءً كان هذا النص يستحق هذا الرواج أو لا!

هذه المنصات أتاحت للجميع النشر دون رقابة أو بالأصح بحرية تامة وذهبت قوانين وقواعد اللغة في خبر كان، وأصبح الجميع ينشر بقوانينه الخاصة.

وهذا طبعاً بإمكانه التأثير على سلامة اللغة وتناقلها بشكل سليم، أي أنه بإمكان أي شخص كتابة شعره الخاص بقواعده الخاصة دون الالتزام والتقيد بقواعد اللغة، والمقلق في هذا أنه بإمكان هذا الشعر حتى إن كان في أدنى مستويات اللغة، الحصول على اهتمام وجمهور كبير على مستوى عالمي، بغض النظر عما يحمله من لغة، إن كان صاحبه يملك شهرة واسعه أو بمقدوره الوصول والتأثير على نطاق واسع.


مقالات ذات علاقة

البرامج الثقافية … بين واقع الغياب وحقيقة التغييب !!

مهند سليمان

بين سهام (كيوبيد) وتيجان (كوفيد19).. وقت مستقطع

حواء القمودي

المشهد الثقافي الليبي شهادة من قريب

المشرف العام

اترك تعليق