تقارير

يعيد كتابة تاريخ الصحراء.. ويدرس جغرافيا البلاد والمجتمع.. ويبرز معالمه وسماته الثقافية والحضارية

‘‘عبر الصحراء: أطلس طرق القوافل والتجارة (2006)’’ مشروع شامل ينتظر الاكتمال..

مصطفى حمودة | بلد الطيوب/ مجلة الليبية
الصور: مخلص العجيلي، وأرشيف مركز المحفوظات

الأستاذ الدكتور محمد الأعور والأستاذ الدكتور عماد غانم (الصورة: عن مصطفى حمودة)
الأستاذ الدكتور محمد الأعور والأستاذ الدكتور عماد غانم (الصورة: عن مصطفى حمودة)

– تبنى مركز المحفوظات والدراسات التاريخية إنجاز الأطلس المصوّر، لامتلاكه حصيلة وافرة من المعلومات والبيانات والوثائق حول التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لليبيا.

– الأطلس استعان بأساليب علمية وتقنية متطورة كنتيجة للتعاون بين المركز وجامعة فرايبورغ الألمانية.

– يعتمد الأطلس البحث عن الآثار وقراءة ملامح الحياة الصحراوية، وتحديد الصخور التي كانت القوافل تستدل بها على الاتجاهات والأماكن.

– كلاوس وجاكلين: الهدف من الأطلس، أن يكون مرجعية ومنطلق علمي يؤسس عليه الباحثون أبحاثهم ودراساتهم في مجالات الحياة والتنمية، ويعرف المواطن من خلاله تاريخ وجغرافيا بلاده.

اقتفاء أثر طرق القوافل في الأراضي الليبية في القرن التاسع عشر وما قبله، ودراستها دراسة علمية، يعد خطوة مهمة من شأنها إعادة كتابة تاريخ الصحراء وإعادة دراسة جغرافيا البلاد والمجتمع الليبي، وإبراز معالمه وسماته الثقافية والحضارية، وهو أمر يجعل البحّاث والمتخصصين الأكاديميين المحليين على معرفة بالظروف والعوامل التي كانت تؤثر في تطوّر مجتمعهم، من نواحٍ عديدة: اجتماعية، زراعية، صناعية، ثقافية وغيرها، ومن شأن ذلك أن يحدد طبيعة العلاقة التي كانت تجمع بين سكان البلاد التي تفصل بينهم صحارى شاسعة في ظل غياب وسائل المواصلات المتطورة حينها.

وقبل سنوات من الآن تبنى مركز المحفوظات والدراسات التاريخية إنجاز مشروع أطلس مصوّر، يحمل عنوان: ‘‘عبر الصحراء: أطلس طرق القوافل والتجارة (2006)’’، باعتبار المركز يمتلك حصيلة وافرة من المعلومات والبيانات والوثائق حول التاريخ الاقتصادي والاجتماعي لليبيا التي من شأنها أن رفد الكتاب بحيث يظهر بشكل علمي دقيق يمكن البناء عليه مستقبلا.

هذا المشروع -حسب الفريق الألماني المشرف على صناعته- استعان بأساليب علمية وتقنية متطورة كنتيجة للتعاون المقترح من طرف جامعة فرايبورغ الألمانية مع المركز، وكانت انطلاقته بدأً بإجراء دراسة ميدانية لطرق القوافل العابرة للأراضي الليبية، وشبكة الطرق التي تربط الواحات فيما بينها، أو مع طرق التجارة العابرة، لتوثيقها ودراسة معالمها لوضع الأطلس بحيث يكون شاملا يقرن بين الخريطة والصورة والمعلومة، إضافة إلى خرائط وبيانات رقمية، توضع بين يدي البحّاث والأكاديميين كمرجعية في مجالات: الثقافة، السياسة، الاقتصاد، الأرصاد، السياحة والاجتماع، ومجالات أخرى. مع فتح المجال للتطوير المستمر لهذا العمل ورفده بدراسات من شأنها تحقيق ذلك.

في عام 2012 تقريباً، كنت قد التقيت في المركز بعضوي البرنامج التنفيذي للمشروع وهما الدكتور ‘‘كلاوس براون’’ والدكتورة ‘‘جاكلين باسون’’ الباحثين من قسم الجغرافيا الطبيعية والبشرية في الجامعة فرايبورغ، وعلمت منهما أنهما قطعا شوطا طويلا من الجهد والصبر وتحمل عناء الترحال والتنقل منذ عام 2006 رفقة الخبيرين الأستاذ الدكتور ‘‘محمد الأعور’’ والأستاذ الدكتور ‘‘عماد غانم’’ وآخرين، من أجل إنجاز المشروع الذي يتضمن -حسب ما ذكراه- عدة فصول مصنفة تصنيفا علميا دقيقا، يحوي بين طياته مقدمة، ومعلومات عن ليبيا في القرن التاسع عشر، حيث ازدهرت رحلة القوافل التجارية، إلى جانب تضمنه لملاحظات ومعلومات وصور ملتقطة بالقمر الصناعي تتعلق بالتضاريس ودرجات الحرارة والرياح؛ قوتها واتجاهاتها، وموارد الطاقة والمعادن، وطبيعة الأرض وخصائص التربة. بالإضافة لفصل يتضمن سرد تاريخي للواحات، بما فيها مدينة طرابلس التي كانت إحدى الواحات قديما، إلى جانب فصل آخر عن المدينة القديمة يضم صورا قديمة لها. ناهيك أن الكتاب سيقوم بتوثيق رحلات المستكشفين الأوروبيين الذي وفدوا لليبيا لاكتشاف طرق القوافل.

حيث يعتمد المشروع على البحث عن الآثار وقراءة ملامح الحياة الصحراوية، وتحديد الصخور التي كانت القوافل تستدل بها على الاتجاهات والأماكن، إلى جانب أماكن تواجد الإبل ومناطق رعيها وتحديد أماكن الخيم التي كانت تنصب في الصحراء، وذلك بمساعدة من المحليين المختصين.

قيمة علمية

وأوضح كل من ‘‘كلاوس وجاكلين’’ أنهما رفقة زملائهم بفريق العمل يهدفون من خلال إنجاز الأطلس إلى ‘‘وضعه بين يدي الباحثين كمرجعية وكمنطلق علمي، يؤسسون عليه أبحاثهم، ودراساتهم، في مجالات الحياة والتنمية، وبين يدي المواطنين لمعرفة جغرافيا بلادهم’’. كما أفادوا ‘‘أن هناك طلبة ألمان من قسم الجغرافيا بجامعة فرايبورغ رافقوا فريق العمل في هذا المشروع، وفي المقابل منحت الفرصة لنظرائهم الليبيين للذهاب لألمانيا للاستفادة مما يمكن أن تقدمه لهم جامعتها’’؛ حيث وجد كل من كلاوس وجاكلين وثائق في المناطق التي ذهبوا إليها مكتوبة باللغة العربية، فكان اعتمادهم على الطلبة الليبيين للقيام بأعمال الترجمة كبيراً.

وذكروا أنهم اتفقوا مع مركز المحفوظات على ‘‘القيام بطباعة الكتاب ونشره، والترويج له في طرابلس عام 2014 عندما تحتضن فعالية عاصمة الثقافة العربية’’، بالإضافة إلى ‘‘تسويقه في معرض سينظم خصيصا للاحتفاء بالأطلس يصاحبه ورش عمل، حتى تكون فرصة للتعريف به باعتباره مشروع محلي مهم وحيوي. على أن تقوم جامعة فرايبورغ بترويج الكتاب وتسويقه في ألمانيا، وفقاً لمخطط واضح المعالم، يهدف للتعريف بالكتاب إعلاميا من خلال الكتابة عنه في دوريات علمية وثقافية وعدد من الجرائد واسعة الانتشار’’، إلى جانب ‘‘تقديمه في الولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمر ذي علاقة’’.

وأوضحوا ما واجهه أعضاء فريق العمل من صعوبات أثناء إنجازهم لمهمتهم، من ‘‘صعوبة الحصول على تأشيرة السفر لليبيا، والمساحة الشاسعة للبلاد التي كانت مرهقة للخبراء’’. ناهيك ما واجهوه في البداية من ‘‘صعوبة للحصول على خارطة حديثة لليبيا، لكن مركز المحفوظات دلل كل الصعاب والمعوقات أمام عملهم، ووفر لهم أحدث خارطة ترجع لعام 2008م.

تجدر الإشارة إلى العمل على هذا المشروع انطلق عام 2006م بقيام فريق العمل المذكور بعدة رحلات في الصحراء الليبية، في الطريق الواصل بين غدامس وغات، ليتوقف بسبب اندلاع الحرب عام 2011، قبل أن يعود الفريق لزيارة ليبيا مجددا سنة 2012 بدعوة من مركز المحفوظات على أمل أن يستكمل المشروع، لكن للأسف توقف مجددا لنفس الظروف.. “ربما”.

مقالات ذات علاقة

الصعلكة والصعاليك كمفهوم أخلاقي وثورة فكرية وظاهرة أدبية قبل الإسلام

عبداللطيف البشكار

الكلمة قتلت الأزرق

محمد النعاس

حوش القرمانلي.. ذاكرة مدينة تضج بالحياة

مهند سليمان

اترك تعليق