المقالة

شباب أكمله الرصاص

الرصاص في طرابلس (الصورة: عن الشبكة)
الرصاص في طرابلس (الصورة: عن الشبكة)

“شعب كمله الحديد”، “شباب كمله الحديد”.. هذه الجمل كانت تتردد على ألسنة الكثير من الليبيين، وخاصة كبار السن خلال السنوات والعقود الماضية، تعبيرًا عما يتعرض له أبناء الوطن عامة وشبابه خاصة، ممن كانوا يسمونها بحرب إبادة، تتمثل في حوادث السيارات وما كان ينتج عنها من خسائر في الأرواح بين المواطنين، وخاصة الشباب منهم، والأسباب كثيرة ومتعددة، والتي كانت تعتبر من أكثر الأسباب وراء الوافيات والإصابات الدائمة للكثيرين في البلاد.

اليوم تغير الحال، فقد أصبح لدينا حرب جديدة، أنستنا تلك الحرب وجعلتها تتأخر في ترتيب الأوليات رغم إنها مازالت متواصلة وتحصد كل يوم الأرواح، إن الحرب الجديدة والتي يمكن أن نقول عنها إنها ساخنة بامتياز، هذه المرة إنها حرب الرصاص، طبعًا يأتي على رأسها الحروب والاشتباكات التي تشهدها البلاد منذ سنوات هنا أو هناك لسبب أو آخر، ولكن هنا ليس موضوعنا هو ما يفقد خلال تلك المعارك والاشتباكات لأي سبب كان، وإن كانت تبقى على رأس القائمة إلا أن الحديث هنا يدور من يقتلهم الرصاص لأسباب لا معنى له ولا قيمة، بدأ من المشاجرات البسيطة، والتي تتحول إلى معارك بالرصاص يسقط خلالها القتلى والجرحى، إلى ما يمكن أن يتعرض له أي مواطن كنتيجة محاولة سرقة بدأ من السيارة إلى المحال التجارية إلى أي ملكية خاصة أو عامة.

أصبح الرصاص هو العمل الأساسي في القيام بها، فيتم ذلك بعد أن يطلق الرصاص على أحدهم أو أكثر، فيقتل من يقتل ويصاب من يصاب، حد الإعاقة، فأصبح لا يمر علينا يوما إلا ونسمع عن أكثر من جريمة قتل أو إطلاق رصاص على أحدهم، إصابة لسبب أو آخر.

أصبح الرصاص العدو الأول لنا، طبعًا بسبب من يحمله ويستعمله في الوصول إلى أغراضه الدنيئة من أجل الحصول على حاجة الآخرين غصبا عنهم، وصل الأمر غلى القيام بذلك جاهرا نهارا، دون أي خوف أو تردد، بل أصبح من يقوم به معروفا وكثيرا، لا يستطيع أحدا إيقافه، حتى صاحب الحق أصبح يشاهد غريمه كل يوم ولكنه لا يستطع أن يستعيد حقه أو يقتص منه، لأنه قد يكون تحت حماية جماعة مسلحة مستعدة للدفاع عنه والقيام بالعرك من أجله، وطبعًا قد تكون مشرعنة من إحدى السلطات التي مرت على البلاد وحولوها إلى حامية الحمى وهي من تفعل بأهله ما تفعل من خلال بعض شخوصها المجرمين، إن الرصاص يحصد الأرواح دون هوادة كل يوم، رجالا، أطفالا، نساءً، دون فرق وإن كان الشباب هم أكثر المفقودين أم موتا أو إعاقة أو إصابات مختلفة.

فألى متى تستمر هذه الحرب اليومية، دون حلول أو إيقاف من يقومون بها و لا من يردعهم أو يوقفهم عند حدهم وينقذ البلاد والعباد من أمثالهم ومن رصاصهم المنفلت جدا.

مقالات ذات علاقة

إِبْـــــدَاعُ شَــاعِــرِ الوَطَــنِ: أحمد رفيق المهدوي.. وَقِصَّةُ القَطِيعَةِ الثَّقَافِيَّةِ بَيْنَ الأَجْيَالِ!

خالد السحاتي

فاطمة عثمان: خرابين يا وطن

سالم الكبتي

ليبيا في عيون الآخرين

المشرف العام

اترك تعليق