حاورته بطرابلس : هاجر الطيار
الأدب الأردني يلقى الكثير من المتابعة والاهتمام لدى القراء والنقاد العرب خارج حدود المملكة الهاشمية في تأكيد على العديد من المضامين الإنسانية التي يعبر عنها في أجناسه المختلفة. ومن بين هؤلاء المهتمين العرب المميزين أديب وكاتب وإعلامي من ليبيا الشقيقة مارس الكتابة الشعرية والنقدية، وإعداد وتقديم البرامج الثقافية المسموعة والمرئية، وسجل مؤخراً شغفه وعشقه للأدب الأردني فتناوله في عدة مقالات حول الأقصوصة والقصة القصيرة والشعر نشرها في بعض المواقع الالكترونية والصحف والجرائد الليبية والأردنية. ولذلك فإنني حين فكرتُ بإنجاز عمل صحفي ناجح يترك صداه لدى القارئ ويضيف قيمة تاريخية وإبداعية داخل وخارج القطر الجغرافي الأردني والليبي اخترتُ أن أحاور هذا المهندس الخبير بعلوم الأرصاد الجوية والمناخ للحديث عن مشواره الأدبي ومقالاته النقدية التي خص بها العديد من الإصدارات الأردنية في القصة والشعر، ثم عن نشاطاته الصحفية والإعلامية.
ضيفي الأستاذ يونس شعبان الفنادي تخصص في علوم الأرصاد الجوية التي درسها في ليبيا ثم تحصل على درجة الماجستير من جامعة ريدينج ببريطانيا وهو يعمل حالياً ومنذ أكثر من ثلاثة عقود في مجال الأرصاد الجوية، طاف خلالها في حوالي أربعة وعشرين دولة بمختلف قارات العالم مشاركاً في مؤتمرات وورش عمل ولقاءات واجتماعات علمية وممثلاً لبلده ليبيا الشقيقة في بعضها، وفي جانب آخر تربطه علاقات وطيدة بالحياة الأدبية والإعلامية ورموزها العربية والليبية حيث مارس الصحافة والإذاعة منذ بواكير نبوغه حين فاز بالترتيب الأول في كتابة المقالة الأدبية سنة 1981 وهو لازال وقتذاك طالباً بكلية العلوم بجامعة طرابلس، وأجرت معه العديد من القنوات الفضائية مثل قناة الجزيرة والنيل الثقافية والبي بي سي والسكاي نيوز وغيرها عدة لقاءات وحوارات متنوعة حول مشواره الإبداعي.
التقيته هنا في العاصمة طرابلس للحديث حول عدة جوانب من مسيرته، وخاصة في مجال النقد الأدبي، فقد كتب الفنادي قراءات في نصوص أردنية وتونسية وفلسطينية، وأصدر عدة كتب في هذا الجانب الذي يفضل أن يسميه “القراءة الانطباعية” عوضاً عن النقد المنهجي. وأثمر التقائي به هذا الحوار القصير:
– كيف تشكلت شخصية الناقد يونس الفنادي؟
لا أدعي بأنني ناقد بالمفهوم الأكاديمي أو المنهجي بالقدر الذي أقدم فيه قراءات انطباعية تبرز جماليات النص والمكامن التي اخترقتني وأثرت في مشاعري وظلت متفاعلة في كياني. قد أضيف إليه شيئاً، وقد أتناول اقتباسات منه فأُثريها وأربطها مع جوانب أخرى ربما تفوت القارئ العابر، ومن خلال هذا أؤكد على الدور الحديث للقارئ الذي لم يعد مجرد متلقي نمطي استهلاكي للنص الإبداعي فحسب، بل أصبح يعيش النص بعمق وعنفوان ويفتح بعض الجوانب التي تستعصي على القاريء ولا يدركها.
– من هو ضيف يونس الفنادي الذي يختاره لغرض النقد: النص أم مبدعه؟ وما هي آلية انتقاء ذلك الضيف؟
أنا قارئ أختار بذائقتي الخاصة، ولم أكن يوماً قلماً يكتبُ ما يختاره أو يقترحه عليه الآخرون، وهذا ما يجعلي أختار الاثنين معاً النص والمبدع، فبعض النصوص تترك شعوراً داخلياً لديَّ يدفعني لأن أضيف إليها شيئاً ما، فهي نصوص أجدها جديرةً بأن تُقدَّم إلى القارئ. لكي يتعرف عليها ويشاركني متعة الاستمتاع في فضائها. أما على صعيد الشخص المبدع فهناك شخصيات تستحق أن تكون ضمن رصيدي الكتابي، فأختار لهم نصوصا تلامسني وتشبه ذائقتي وأتوقع أنها ستترك أثرا يعلق في ذهن المتلقي حين يطالعها في مقالاتي.
– المتتبع لما قدمته من قراءات نقدية يلاحظ بروز النمط الإحصائي. فهل يعود ذلك لطبيعة مهنتك وتخصصك الأكاديمي كخبير في الأرصاد الجوية؟ وما الدور الذي لعبه هذا التخصص في قدرتك على رصد ما يكتنفه النص من جوانب تستحق أن يلتفت إليها المتلقي؟
قد يعود هذا لكون منهجية عمل الأرصاد تعتمد على الإحصائيات من خلال الرصد الدقيق والاستقراء والمتابعة، ومن هنا يكون الغوص في التفاصيل ورصد جماليات النص واكتشافها وإبرازها للمتلقي. وبالمقابل، فإن ما يؤول إليه النص من أبعاد مستقبلية أو تنبؤات هو غير وارد في كتاباتي الأدبية.
– المطلع على السيرة الذاتية ليونس الفنادي يلاحظ أنه لم يحده المكان. فأنت كثير السفر والترحال. فكيف أثر ذلك على شخصيتك وكتاباتك؟
أسفاري خارج البلاد والتي شملت ما يزيد عن أربعة وعشرين دولة عربية وأجنبية، كانت في أغلبها مشاركات علمية، حيث قمتُ بتمثيل ليبيا في العديد من المؤتمرات وورش العمل والاجتماعات والأحداث والمؤتمرات العلمية بتقديم أوراق بحثية في مجال الأرصاد الجوية. أما المحطة الأطول في تلك الأسفار فكانت دراستي في جامعة ريدنج في بريطانيا. كل ذلك الترحال أسهم في إثراء ذاكرتي المعلوماتية. على الرغم من أني لا أذكر أنني كتبتُ نصاً مهماً خارج ليبيا، إذ كنت أستلهم وأغذي ذاكرتي وأثريها أثناء تواجدي في الخارج، وأفرغها عندما أعود وأجد البراح هنا على أرض الوطن، فأحول ما اكتسبته من معرفة وخبرة إلى عطاء في هيئة نصوص ومقالات ودراسات وكتابات.
– كيف جاءت تجربة خوضك لميدان النقد الأدبي، في قراءة نصوص لكتاب من دول عربية غير ليبيا، مثل تونس والأردن وفلسطين؟
بداية خوضي لغمار هذه التجربة كانت ربما من خلال الشاعرة التونسية نجاة المازني التي تفضلت مشكورة بإهدائي عدداً من إصداراتها، ورأيتُ أنها تستحق أن أقدم لها تلك المقالة المطولة حول أعمالها بعنوان (ثلاثية السحاب واللقاء والإنتماء). بعدها أعد الدكتور محمد البدوي وهو أستاذ تونسي قدير دراسة عن الشاعر الليبي على الفزاني وأصدرها في كتاب، فقدمتُ ذاك الكتاب الذي كان رسالة في الدراسات العليا للدكتور البدوي. ثم كتبتُ حول ديوان (نصوص حنظلة) لسعادة الشاعر الفلسطيني المتوكل طه حين كان يعمل سفيرا لبلده في ليبيا، وقدمته بدار الرواد مع الزميل الشاعر خالد درويش، ثم كتبت قراءة في قصيدة للشاعر الفلسطيني جميل حمادة بعنوان (سيرة ذاتية لزمن غابر) من ديوانه (أسئلة الهذيان). بعد ذلك أهداني الشاعر الصديق جميل حمادة مجموعة قصصية للكاتب الأردني محمد العارف مشه بعنون (شبابيك)، وهي قصص قصيرة جداً، فكتبتُ حولها مقالةً مطولة نشرتها مشكورة جريدة “الرأي” الأردنية على صفحات ملحقها الثقافي. وتوالت بعدها الإهداءات من كتاب وشعراء أردنيين سعدتُ بها وشكرتهم عليها. وبدأتُ أكتبُ حول عدد من الأعمال الأردنية، فتناولتُ المجموعة القصصية (أنثى تشبهني) للدكتورة نهلة الشقران، ثم المجموعة القصصية (ضيوف ثقال الظل) للأستاذ جعفر العقيلي، وبعدها كتبتُ عن ديوان الشاعر المميز المرحوم عاطف الفرايه (أنثى الفواكه الغامضة)، ومؤخراً أنجزتُ قراءة في ديوان الشاعرة الأردنية سهى حدادين (لرُوحكِ ألملم حروفي)، وأُعد حالياً قراءة بعنوان (المدينة في أناشيد الشعر الأردني الحديث) حول ديوان الشاعرة غدير حدادين (سأكتفي بحبك قمحاً للطريق) ، وربما غير ذلك في مستقبل الأيام إن شاء الله.
– ما الذي شدك في الأدب الأردني؟
الأدب الأردني كغيره من الآداب الحسية والفكرية في البلدان الأخرى يزخر بالكثير من الجماليات والقيم الإنسانية والإبداعات التي تستحق أن تُبرَز ويعرفها المتلقي في الدول العربية الشقيقة خارج الأردن الحبيب. هذا ما أؤمن به، وقد ربطتُ في مقالاتي بعض النصوص الأردنية بمثيلاتها من النصوص الليبية، فيما يعرف في النقد الأدبي بمصطلح التناص سواء على مستوى العنوان أو على مستوى فكرة الموضوع أو تقنيات عرضه فنياً. وكمثال على هذا تناولت الشاعرة الأردنية غدير حدادين مدينة (عمان) في ديوانها الأخير كما تناولت إحدى شاعراتنا الليبيات مدينة (طرابلس) في إحدى قصائدها، وهذا أثار رغبتي بالاسهام في ربط الجسور بين مثقفي البلدين والمقاربة بين النصين للشاعرتين العربيتين وكيف عبرت كل واحدة منهما عن المدينة العاصمة لوطنها.
وللعلم فأنني لست أول من طرق هذا الباب، أقصد الكتابة والتواصل على الصعيد الأدبي بين ليبيا والأردن، فقد سبقني إليه الأديب الأردني الدكتور عيسى الناعوري الذي ارتبط بعلاقات أدبية وإنسانية وثيقة وقوية مع صديقه الأديب الليبي الأستاذ خليفة التليسي رحمهما الله تعالى. وقد اتخذتُ ما نشره الدكتور الناعوري حول تلك العلاقة العربية بإحدى مقالاته بالصحف الأردنية في عقد الستينيات استهلالاً لقراءتي التي قدمتها حول مجموعة الدكتورة نهلة الشقران، لأن التساؤلات التي طرحها الدكتور الناعوري رحمه الله آنذاك لازالت حاضرة في المشهد الأدبي العربي حتى هذه الساعة.
ماذا يعرف الأديب الليبي عن الأديب الأردني؟
لا أدعي المعرفة الكاملة، ولكن أؤكد أن الإجابة محبطة. ولا أظن أن الأديب الأردني كذلك يعرف الكثير من الأسماء الأدبية في الساحة الليبية. ولا أستطيع القول بأني قد نذرت نفسي لسدِّ هذا الفراغ بين الطرفين، ولكني أحاول قدر الإمكان أن أسهم في ذلك، فأنا ربما الكاتب الليبي الوحيد الذي نشر أكثر من خمسة مقالات حول الأدب الأردني، وهذا يسعدني كثيراً. وأمل أن أرى كاتباً أردنياً يكتب عن النص الليبي والتعريف به في الأردن الحبيب كذلك. وهذا بلا شك يحقق الغايات النبيلة المرجوة من الأدب والأدباء وهو مد الجسور بين الأقطار العربية والتبادل المعرفي والإبداعي بما يخدم الأهداف المشتركة.
–هناك رأي يفيد بأن هناك تشابهاً كبيراً بين الشعبين الأردني والليبي. ماذا يقول يونس الفنادي بهذا الخصوص، بعد أن تمكن من فتح نافذة على الأدب الأردني وتواصل مع العديد من الأدباء الأردنيين؟
كانت الإذاعة المرئية الليبية “التلفزيون” خلال ثمانينيات القرن المنصرم تعرض العديد من أعمال الدراما والمسلسلات التلفزيونية الأردنية مثل (حارة أبو عواد) و(هبوب الريح ) وغيرهما، فنلاحظ فعلا أن هناك تشابها في المفاهيم والأفكار وبعض الألفاظ وظروف البيئة العربية المشتركة. وبما أن الحياة في الأردن تغلب عليها الطبيعة العشائرية والقبلية، فقد وجدتُ هذا أيضا ربما قاسماً مشتركا بين الشعبين. طبعاً أنا لستُ متخصصاً في علم الاجتماع لأقدم أحكاماً مطلقة في هذا الجانب ولكن يمكنني من خلال مطالعتي المحدودة للنص الأدبي الأردني القول بأنني لمستُ أن مضامين بعض الأمثال الشعبية الأردنية لها حضور في المجتمع الليبي رغم اختلاف اللفظ حرفياً. وكذلك الأمر بالنسبة لبعض الأهازيج الشعبية والفلكلورية التي وردت في قصص الدكتورة نهلة الشقران والأستاذ جعفر العقيلي. وفكرياً من خلال أجواء وفضاءات النص القصصي لاحظتُ تشابهاً في غَلَبَة العقلية الذكورية التي تُقصي المرأة في بعض جوانب الحياة وتحاول التقليل من شأنها ككائن له قيمة إنسانية.
– ما هو دور وسائل التواصل الاجتماعي في التبادل الثقافي على الصعيد المحلي أو الدولي من وجهة نظرك؟
لكل منتج تكنولوجي سلبيات وإيجابيات. فبقدر ما دمرت هذه الوسائل بيوتاً وخربت علاقات، بقدر ما قدمت خدمات جليلة للبشرية كافة. وعلى الصعيد الشخصي فقد خدمتني هذه المواقع كثيراً حيث أسهمت في انتشاري ككاتب وصحفي، وأسعدتني بتشكيل علاقات وصداقات جميلة مع أشخاص من مختلف الجنسيات خارج ليبيا وكذلك داخلها. ولا شك بأنه لولا هذه الوسائل التقنية الحديثة والمتطورة ما كان يتسنى لي التواصل لمعرفة ما عرفته عن الأدب الأردني ونشر مقالاتي الصحف الأردنية وغيرها من العلائق الايجابية التي تحققها هذه التقنيات الحديثة التي أؤمن بأنها سلاح ذو حذين تتوقف انعكاساتها على العقلية التي تستخدمها والغايات التي تنشدها.
– توالت إصدارات يونس الفنادي المختلفة. حدثنا عن ولادة تلك الاصدارات.
كان أول إصداراتي ديوان شعر بعنوان (لعينيكِ أغني)، وأهديته “إلى ليبيا ولَّادة النجباء”. فالغناء كان لليبيا وحدها، والعنوان هو لقصيدة اخترتها عتَبَةَ الدخول إلى باقي النصوص الشعرية، وهذا الإصدار الذي لا يمكنني حقيقة أن أسميه ديواناً لأنه عبارة عن خواطر ونصوص تشكل البدايات لكل كاتب مغامر، والتجريب في أنواع مختلفة من الكتابة، وقد جمعتها كلها وأدرجتها فيه، وشرفني الدكتور الصيد أبو ديب أستاذ الأدب العربي بجامعة طرابلس بكتابة مقدمة هذا الإصدار فله كل الشكر والامتنان, وكنتُ سعيداً به جداً لأنه صدر لي بالتزامن مع كتاب آخر بعنوان (قراءاتٌ أدبية) تأسس على شقين: الشق الأول تناولت فيه القصة والمقالة عند الأديب الراحل الصادق النيهوم، حيث جمعتُ خمسة قصص نشرت بمجلة (كل العرب) العراقية التي صدرت في باريس خلال ثمانينيات القرن الماضي، والشق الثاني كان حول الشاعر الدكتور عبد المولى البغدادي وتضمن ورقة حول أعماله قدمتها في ندوة أدبية بعنوان (دور المثقف العربي في قضايا الأمة العربية) في منتصف التسعينيات، إضافة إلى لقاء وحوار صحفي كنتُ قد أجريته معه ونُشر بجريدة العرب اللندنية، وكذلك مقالة مطولة قدمت فيها ديوانه اليتيم (على جناح نورس) عقب صدوره. أما الكتاب الثالث الذي صدر لي بعد ذلك عن المركز الوطني للأرصاد الجوية فقد كان حول الأرصاد الجوية والتشريعات القانونية. وكتابي الرابع كان (الأدب الليبي في ثورة فبراير: قصص الأستاذة عزة كامل المقهور نموذجاً) سنة 2012، والخامس كان (النص الشعري عند سعدون السويح) سنة 2013، أما كتابي السادس فكان بعنوان (طرنيش في القلب) سنة 2017 حول الصحفي الراحل محمد رجب طرنيش، وكتابي السابع بعنوان (روايات ليبية نسائية ).
– ما الرسالة وراء الاهتمام بأدب المرأة بشكل واضح في أعمال الكاتب يونس الفنادي؟
إن مصطلح “الأدب النسائي” بمقابل “الأدب الرجالي” هو مصطلح يكتنفه الجدل، وأعد الاهتمام بأعمال الأديبات الليبيات خاصة والعربية كافة هو التفاتة لجانب المرأة. وأنا يسعدني أن أقرأ نصوصا للمرأة الليبية بشكل عام، فهي سجلت اسهامات عظيمة في التنمية المجتمعية وأثرت الحركة الأدبية في ليبيا، ويشرفني أن أكتب عنها أو أتناولها في دراساتي الأدبية. وللعلم فإن أول مجموعة قصصية ليبية صدرت للراحلة زعيمة الباروني كانت عام 1957 بعنوان (من القصص القومي)، وفي عام 1972 أصدرت الأستاذة مرضية النعاس أول رواية ليبية بعنوان (شيء من الدفء)، وأول ديوان شعر نسائي في ليبيا صدر للشاعرة فوزية شلابي بعنوان (في القصيدة التالية أحبك بصعوبة) عام 1984. علماً بأن تاريخ إصدار هذه المطبوعات لا يعني أن النصوص كتبت في تلك التواريخ بل قبلها بكثير.
أنا تناولت في كتابي (ثورة فبراير في الأدب الليبي: قصص عزة كامل المقهور نموذجاً) الصادر عن وزارة الثقافة سنة 2013 التجربة القصصية عند المحامية عزة كامل المقهور وتأثرها بالأوضاع السائدة إبان ثورة الربيع العربي في فبراير 2011 وقدرتها على التقاط العديد من الصور النضالية الواقعية وإحالتها بأسلوب سردي مفعم بالوطنية إلى قصص تدعم الشارع الثائر في وجه نظام الحكم. أما كتابي الأخير (روايات ليبية نسائية) الصادر في ديسمبر 2017 فقد تضمَّن قراءات انطباعية في روايات ليبية كتبتها المبدعات الليبيات، قدمت له الدكتورة فريدة المصري أستاذة الأدب العربي والنقد بجامعة طرابلس، وقامت بنشره الأستاذة فاطمه حقيق صاحبة دار نشر مكتبة طرابلس العلمية العالمية. وهذه الروايات الستة هي (الهجرة على مدار الحمل) للكاتبة رزان نعيم المغربي، و(قصيل) للكاتبة عائشة إبراهيم، و(صراخ الطابق السفلي) للدكتورة فاطمة الحاجي، و(خريجات قار يونس) للدكتورة عائشة الأصفر، و(زرايب العبيد) للدكتورة نجوى بن شتوان، و(أسطورة البحر) للدكتورة فريدة المصري.
– ما هي مشاريع يونس الفنادي المستقبلية؟
أطمح لجمع مقالاتي حول الأدب العربي الأردني والفلسطيني والتونسي، إضافة لما كتبته حول الأدب الليبي، وإصداره في كتاب واحد. وغايتي من ذلك أن يطَّلع القارئ الأردني الكريم على أدب عربي من تونس وليبيا وفلسطين بين دفتي كشكول أو كتاب مجمع واحد، وكذلك القاريء الليبي يطلع على أدب عربي أردني وفلسطني وتونسي وهكذا … وأتمنى أن أجد ناشراً يتبنى هذه الفكرة ونشر مقالاتي في كتاب واحد.
– حدثنا عن تجربتك في مجال العمل الإعلامي؟
يبدو لي أن التجربة الأدبية والتجربة الإعلامية كانتا متوازيتين. فحين كنتُ سنة 1981 طالبا بكلية العلوم، تحصلتُ على الترتيب الأول في كتابة المقالة الأدبية على مستوى جامعة طرابلس، فانخرطتُ في عدة دورات صحفية تدربتُ خلالها كتابة وصياغة الأخبار الصحفية، ثم دفع بي الأستاذ الراحل جمعة الزائدي الأحمر لمجال العمل الإذاعي فتلقيت بالاذاعة دورة حول الالقاء والتقديم الإذاعي على يد الأستاذ المذيع القدير محمد كشلاف أحد أركان الإذاعة والتلفزيون الليبي رحمه الله، والفنان المبدع علي أحمد سالم، الذي أدى شخصية “بلال” في فيلم “الرسالة” الذي أخرجه الفنان العربي الراحل مصطفى العقاد رحمه الله.
وبعدها انخرطتُ في العمل كمذيع بالقناة المسموعة “الراديو” أثناء مواصلتي دراستي الجامعية شاركت خلال تلك الفترة المذيع الأردني القدير ماهر الآغا تقديم بعض حلقات برنامج “منتدى العرب” بإذاعة صوت الوطن العربي. وبعد تخرجي من الجامعة انسحبت من المشهد الإذاعي إلى حين عودتي في منتصف التسعينيات مع افتتاح إذاعة طرابلس المسموعة لأعد وأقدم البرامج المسجلة وكذلك البرامج الحوارية المباشرة على الهواء. وفي سنة 2010 خضت تجرية تقديم البرامج الثقافية المرئية والظهور التلفزيوني على شاشة القناة الفضائية الثانية ببرنامجي (المشهد الثقافي) الذي حاورتُ فيه العديد من الأدباء والكتاب والشعراء والفنانين والمسرحيين. والحمد لله سيعود هذا البرنامج (المشهد الثقافي) على قناة ليبيا الوطنية هذا العام حيث سجلتُ مؤخراً بعض الحلقات الجديدة وفي طريقي لتسجيل حلقات أخرى خلال المدة القريبة القادمة .
أما فيما يخص الصحافة المكتوبة فقد بدأت بالنشر في أواخر السبعينيات بمجلة “النهضة” الكويتية ثم صحيفة “الجماهيرية” و”المنتجون” و”الأرض” في ليبيا ومجلة “الفصول الأربعة” ومجلة “لا” وتواصلت المسيرة الصحفية حتى صرتُ سنة 2007 أكتبُ زاوية أسبوعية منتظمة لعدة سنوات بصحيفة “أويا” و”الشط” و”المنارة” و”فبراير” و”البلاد”، كما نشرتُ بعدة مطبوعات خارج ليبيا منها صحيفة “العرب” اللندنية ومجلة “أرصاد” المغربية ومجلة “عالم المياه” اللبنانية ومجلة “الناقد” اللندنية ومجلة “الصحفي” القاهرية، و”الرأي” الأردنية.
– من هي الشخصيات التي اثرت في الكاتب يونس الفنادي؟
أنا مدين بما وصلت إليه لوالديَّ الأُمِّيينِ حفظهما الله تعالى اللذيْنِ جعلا مني مُحِبَّاً للقراءة، وكان والدي الأمي أمده الله بالصحة وطول العمر يشتري لي الكتاب ويهديني المطبوعات والجرائد والمجلات، ثم لأساتذتي في مراحل تعليمي كلها، وهم من جنسيات عديدة وديانات مختلفة، المصرين والفلسطينيين والتونسيين والليبيين، ولا زلتُ أتواصل مع بعضهم. كل هؤلاء بالإضافة للعديد من الشخصيات الأدبية والفكرية التي أسهمت بالارتقاء بذائقتي الأدبية والفكرية.
– ما الذي يحكم الأديب والصحفي والإعلامي فيما يقدمه للمتلقي من أعمال؟
الرقابة الذاتية هي المؤشر الذي يجب أن يوجه صوب كل الأعمال الابداعية. وإذا أراد الإعلامي تقديم شيء يعيش ويعمر طويلاً في ذاكرة وذهن المتلقي، فنصيحتي له ألا ينتمي إلى تيارٍ أيديولوجي أو سياسي معين، بل يوجه بوصلته صوبَ الوطن، ويعزز رسالته الإعلامية والأدبية والصحفية بالقيم الانسانية الخالدة، فلا يكون كاتباً مأجوراً، ولا صوتاً أو بوقاً يردد شعارات مسيسة ظاهرها النعيم وباطنها الفساد.
– ما المسؤولية التي تقع على عاتقكم أنتم كمثقفين مخضرمين تجاه هذا؟
التوعية، وتأصيل الهوية والقيم الإنسانية، وتحويل الشعارات إلى قيم الحب والخير والجمال.
بدورنا نشكر ضيفنا الكاتب والإعلامي الليبي الأستاذ يونس الفنادي على رحابة وسعة صدرة وحضوره المتألق في المشهد الثقافي داخل ليبيا ونأمل له تحقيق المزيد من الانتشار عربياً وكل ما يطمح إليه خلال مسيرته الإبداعية المتنوعة.
_____________________________________________