الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
أقيمت ببيت نويجي للثقافة بالمدينة القديمة طرابلس يوم السبت 23 إبريل الجاري محاضرة بعنوان (لمحات تاريخية عن قبر الجندي المجهول) للباحث في الشأن التاريخي والتراثي “فاضل الصويدي” وذلك ضمن فاعليات تظاهرة المدينة الثقافية -ليالي المدينة- وسط حضور لفيف من الكتاب والمثقفين والمهتمين.
انبثاق فكرة النصب التذكاري
وقد تناول الباحث في سياق محاضرته عدة محاورمستهلا حديثه بنبذة تاريخية عن فكرة إقامة النصب التذكارية للجندي المجهول بأن فكرة ظهور إنشاء نصب القب المجهول تعود لما بعد الحرب العالمية الأولى وأول من فكر بإقامة نصب تذكاري يُخلد ذكرى أولئك المقاتلين المجهولين اللذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الوطن متمثلا في العقيد “جوليو دوييه” وهو أحد ضباط الجيش الإيطالي حيث خاض غمار الحرب العالمية الأولى، لذلك آثر ألا يسقط الجنود والضباط الصغار في غياهب المجهول.
تخليد الجنود المجهولين
كما أضاف الباحث أنه بتاريخ 4 نوفمبر عام 1921م وهو التاريخ الذي يحتفل فيه الإيطاليون بذكرى انتصارهم على الإمبراطورية النمساوية المجرية إبّان الحرب العالمية الأولى وبانتهاء عمليات القتال نُقل أحد عشر تابوتا كانت تضم رفات جنودا مجهولين شاركوا في الحرب العالمية الأولى إذ تم نقلهم من كنيسة أكويليياء الواقعة بشمال شرق إيطاليا إلى العاصمة روما في موكب مهيب فدفنوا بالنصب التذكاري المسمى (مذبح الوطن) المقام في الأول لتخليد ذكرى الملك “فيكتور عمانويل الثاني” ليتحول هذا النصب لقِبلة للزوار والسياح، وتابع إن الكثير من الدول بعد ذلك اقتدت بهذا التقليد بإقامة نُصب تذكارية تكريما للجنود المغمورين في الحروب، واستشهد الباحث بعدد من النُصب التذكارية لقبر الجندي المجهول في مدينتي الأسكندرية بمصر وفي العاصمة الإيطالية روما للملك فيكتور عمانويل الثاني.
نصب القبة بطرابلس
وأوضح الباحث فاضل الصويدي إن الإيطاليين بُعيد إحتلالهم لليبيا واستتاب الأحوال لهم شيّدوا بالقرب من وسعاية البولاقي بمدينة طرابلس مرتفعا أو قبة لنصب الجندي المجهول الذي دُفن رفات جميع الجنود ممن لاقوا حتفهم في الحرب العالمية الأولى بالإضافة للحروب القديمة وصممه المهندس الإيطالي “أرماندو براسيني” وكان النصب يحتوي بالداخل على عدد من النقوش ورسومات للصلبان وللأزهار والفواكه، واستطرد الباحث الصويدي في سرد وقائع مراسم حفل افتتاحه يوم 23 إبريل عام 1925م وأبرز الشخصيات الإعتبارية التي زارته وزيارة الزعيم الفاشي “بنيتو موسوليني” له، وأشار أيضا إلى أن المارشال طيار “إيتالو بالبو” حاكم ليبيا في ذاك الوقت دُفن فيه وبقي حتى نُقلت رفاته أوائل السبعينيات من القرن المنصرم، وبسبب شُح المياه العذبة في المدينة القديمة بطرابلس دفعت ببلدية طرابلس في الخمسينيات لإزالته وإقامة خزان لتوفير مياه الشرب لأهل المدينة .
من جهة أخرى أعطى الباحث نبذة موسعة عن السيرة الذاتية للمهندس الإيطالي “أومبيرتو دي سيني” المولود بطرابلس عام 1894م، وأضاء على محطات من أنشطته المهنية والمعمارية وأبرز المشاريع والأعمال المعمارية التي صممها في مدينة طرابلس.