الذكرى السادسة لرحيل الشيخ العلامة أحمد القطعاني
أحمد القطعاني
إن 7 ملايين مسلم في فرنسا يشكلون أكثر من 10% من السكان البالغ تعدادهم 64 مليونا هي نسبة تمثل جسرا إنسانيا تواصليا هاما مع عملاق ضخم رأسه في فرنسا وقلبه في ألمانيا وجسده منتشر في قارة كاملة اسمه أوروبا الموحدة.
2007/5/19م في بقعة شاسعة مترامية الأطراف من العاصمة الفرنسية باريس تدعى مطار أورلي وهو أحد 4 مطارات بها، إذ لا تنقطع الطائرات عن هذا البلد الذي يُلقب بعاصمة الثقافة العالمية ويحوي إضافة إلى برج ايفل الذي تحتاج أربع ساعات ليصلك الدور فتدفع ما قيمته 40 دينارا ليبيا ثم تنتظر مثلها لترتقي مصعده، وقوس النصر، والشانزليزيه أحد أشهر شوارع العالم بالعروض المتنوعة التي يقدمها، والكونكرد، وسجن الباستيل التاريخي بدوره الكبير في أحداث الثورة الفرنسية سنة 1789م وقرابة 44 ألف متحف ما بين رسمي وأهلي ومئات المسارح والمكتبات ودور الأوبرا، وفيه الأدباء والشعراء والفنانون والرسامون والمبدعون بالأكوام في كل مكان حتى في الشارع تجد من يوقفك ليرسم لك صورة لشخصك في خمس دقائق بيده بمقابل، تصور حتى مقابر موتاهم يأتيها السواح بالمئات لزيارة وتصوير قبور مشاهيرها من فلاسفة وأدباء وسواهم.
لم تمض سوى بضعة أيام على تولي الرئيس الجديد سركوزي رئاسة فرنسا خلفا لشيراك وقد افتتح عهده بتعيين سيدة من أصل مغاربي عربي هي رشيدة دافي وزيرة للعدل، والرجل له الكثير من التصريحات والتلميحات المتناقضة حيال العرب والمسلمين داخل وخارج فرنسا، والجميع ينتظر ما ستأتي به الأيام فقد كتب علينا أن يكون جسم الرئيس منهم في عاصمته ويداه في بلادنا العربية.
والناس منقسمون حوله منهم من يؤيده ومن يرفضه على ما رأيته في جامع باريس وهو أكبر مؤسسة إسلامية نشطة في باريس وإن كان للأسف ينقصه البعد الدعوي لغير المسلمين وتقام فيه صلاة الجمعة والأوقات وبه مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم وأمور الدين ومستوصف خيري ومكتبة ومنشآت إسلامية مماثلة ويستقبل زائريه من مسؤولين وعلماء وسواهم.
المجذوب الفرنسي:
لا زلت أذكر شيخنا وأستاذنا سيدي مفتاح بن إسماعيل الدرناوي رحمه الله (ت1979م) وكانت مجلة الأسوة الحسنة الغراء قد نشرت ترجمته وصورته في عددها رقم 34 الصادر في 2004 م، كان رحمه الله يسير في شوارع مدينة بنغازي يحمل علما كبيرا عاليا ويُكبر بصوت مميز عال ويسير خلفه طفل صغير وقد كنت كثيرا ما أتبعه وأتبرك بالاستماع لتكبيره وأنتفع بصحبته ودعاته رحمه الله.
ولكن أن أصادف نسخة فرنسية منه في باريس فهذا ما لم يخطر لي ببال قط، وهو شاب فرنسي في ال 28 من عمره مجذوب مثل المجاذيب الذين عندنا تماما مع فارق أنه يعرف مواقيت أذان الصلاة فإذا ما دخل الوقت سار في الشارع مكبرا بصوته المميز، وقد حضرتُ معه آذان صلاة الظهر، والأغرب هو ذلك الحب الذي زرعه الله تعالى له في قلوب كل سكان الحي الفرنسيين، فالجميع يحتضنه ويطعمه ويضحك له إنه واحد من أفراد كل أسر حيه لا تتركه يد حتى تتلقفه أخرى ولا يقوم من مكان إلا ليأخذه آخر إلى مقعده، وهو مجذوب ذاهل عن نفسه لا يكاد يدرك ما حوله يتلو بعض آيات يحفظها من القرآن الكريم ويردد بالعربية الركيكة بعض الكلمات الإسلامية كالسلام والدعاء والصلاة والسلام على سيدنا محمد.
من طبرق إلى قلب باريس:
في لفتة كريمة أطلق الفرنسيون على احدى أهم محطات قطار أنفاق باريس الشهير اسم منطقة ليبية عزيزة على القلب والخاطر هي (بير حكيم) وتقع جنوب مدينة طبرق حيث كانت قوة فرنسية ترابط ببير حكيم حتى أجلاهم عنها القائد الألماني الشهير رومل سنة 1942م بعد أن كبدهم قتلى وخسائر فادحة، إنه نوع من الإنصاف المشكور تقدمه فرنسا لشعب ليبيا الذي جرت على أرضه أشرس المعارك العسكرية أثناء الحرب العالمية الثانية بين قوات الحلفاء وفيهم فرنسا والمحور بقيادة المانيا وأهلكت المتحاربين ومن صادف وقوعه بينهم من الليبيين الذين لا ناقة لهم في الحرب ولا جمل، وقد حرصتْ على زيارة المحطة وتصويرها بمنتهى الفخر والاعتزاز مستحضرا ذكريات عزيزة لي في بير حكيم الأصل التي طالما تجولت متنزها في ربيعها وربوعها في أحضان البطنان الأشم.
حي بارباس:
فجأة وأنت تسير في وسط العاصمة باريس ستجد نفسك كأنك تحلم أو صرت من أهل الله الذين تطوى لهم الأزمنة والأمكنة فأنت الآن في سوق المُشير بطرابلس،، الوجوه عربية والمحلات تبيع الطواقي والحجاب الإسلامي والجلاليب والتمر وسجادات الصلاة والأشرطة والكتب العربية والبخور وستشم رائحة الكسكسي والرز المبوخ وتسمع تلاوات القرآن الكريم بأصوات كبار القراء من أجهزة التسجيل بالمحلات، لا يذهب فكرك بعيدا فأنت الآن في حي بارباس العربي.
وستجد محلات كثيرة تبيع اللحوم نيئة وناضجة وعلى لافتاتها كلمة (حلال) أي مذبوح حسب الشريعة الإسلامية، ومع احترامي الشديد للبائعين والمشترين إلا أنني عادة لا أحفل بهذا الأمر بل أشتري من أقرب مكان فسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أكل لحم شاة ذبحها له اليهود وهم أهل كتاب كالمسيحيين تماما ولا أعتقد إنني أكثر ورعا ورعاية لدين الله منه صلى الله عليه وآله وسلم بل إنني أرى أن من امتنع عن أكل ذبائح أهل الكتاب وإن بحجة الورع والتدين هو معطل لنص القرآن الكريم القائل: {اليومَ أجلّ لكُمُ الطّيّبَاتُ وَطَعَام الذِينَ أوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطْعَامُكُمْ حِلَّ لَهُمْ – المائدة 5}. فكل ذبائحهم والأكل في منازلهم ومطاعمهم حلال خلا ما حوت من لحم خنزير أو ميتة أو دم مسفوح.
والمؤسف أن أمر مخالفتنا لنصوص ديننا الحنيف التي وسعت على المؤمن ليأكل من ذبائح أهل الكتاب بلا منع أو قيد جعلنا محل نصب وخداع المؤسسات التجارية في العالم ولا زلنا نذكر عندما احتجزت بلدية أبو ظبي سمكا كتب على صناديقه مذبوح حسب الشريعة الإسلامية.
أما عن الدجاج فمنذ زمن بعيد جدا ما عاد يذبح باليد أصلا حتى في ليبيا وحتى الذي يأكله حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة كله يذبح أليا بآلة صنعها شخص غير مسلم في بلد ما مما يسقط كل حجج مشرعي أكل لحم الحلال في الخارج، فعلام التعسير على المسلمين والله القائل: {يُريدُ اللهُ بَكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بَكُمُ العُسْرَ – البقرة 185}.
– السلام عليكم
– عليكم السلام تفضل يا أخي
– هل ممكن أن تدلني على محطة القطار؟
– وخاوخا،، بزاف،، تهدر {تتكلم} العربي؟
– نعم .
– وي وي ،، أتنسيو نو أقوش ادغوات كواتغو غو لا ستيسن ميتغو تغين ،، داكور.
– ،،،،،،،،،،،،،،،،
مسيو جاكوب:
عجوز فرنسي الأصل والمولد والنشأة متشرد عريق متقدم العمر أبيض الشعر متهالك الجسد ينام في مأوى المسنين ويقبع في النهار في شارع (كليشه) ويعيش من طعام ومكافأة مالية تقدمها الحكومة لأمثاله ينفقها كلها على الخمر، أدرك الاحتلال الألماني لكامل فرنسا سنة 1940م كما خدم في الجيش الفرنسي في شبابه ثم تركه ليمارس العديد من المهن،، ويتنهد بعمق وأسى في وجهي ورائحة الخمر النفاذة تفوح من فمه وثيابه فأحس براسي يدور وأجفاني تثقل معه ويمضي في سرد قصة تعاسته لي بلغة انجليزية ركيكة تتخللها فرنسية قحة،، أصررت على الزواج بها رغم رفض أبي ومدام سيمون جدتي لأمي التي ربتني بعد وفاة أمي، وأقسمت لها بمكاني في الجنة إنني مخلص وفيٌّ لها وإنني أراها أجمل وأفضل امرأة في الدنيا وليتني ما فعلت إذ كانت تلك غلطة عمري فالنساء كمستكشفي الكهوف يحببنك ما دمت كهفا مظلما مجهولا فإذا ما أطلعتهن على كل ما فيك خصوصا ما يتعلق بمشاعرك الصادقة الوالهة نحوهن مللنك وسعين لاكتشاف كهف اخر.
أووووه لقد خلقها الرب لشقائي، تزوجتها وأقمنا معا كنت أفعل المستحيل لأسعدها وتزداد هي عني بعدا وأتوسل اليها بصدق وحب أن أراها باسمة في وجهي أو ناظرة إليَّ أو متحدثة معي كما تفعل كل النساء مع أزواجهن فتشيح بوجهها علي وهي متأكدة من إنني عاجز معها مقيد بقيود حبي الكبير لها لا أستطيع حتى تخيل فراقها لي لقد تغيرت بريجيت بعد أقل من عام واحد من زواجنا، لم تكن أبدا تلك الفتاة الطيبة التي أحببتها دائما.
ويتوقف عن الحديث ليعب جرعات طويلة من زجاجته مباشرة ويربت على كتفي بيده النحيلة قائلا: خذ اشرب إنها (بيافيني روج) ممتازة جرب منها شربة واحدة وستنسى كل شيء،، صدقني ستعجبك.
ثم يتنهد مرة أخرى في وجهي ويقول: واستيقظت ذات يوم لأجدها تجمع أشياءها وتخبرني أنها قررت تركي والانتقال إلى منزل فاليري للعيش معه وبكيت ورجوتها وقبلت قدميها الصغيرتين الناعمتين كحرير مدريد ولكنها غادرت، أنا أفضل مائة مرة من فاليري المخادع الذي ضحك عليها بكلامه المعسول، وصرت أضحوكة الناس في مدينة ليون فهجرتها إلى باريس وعملت لفترة ثم انتهى بي المطاف كما ترى، أما هي فقد توفيت وفاليري توفي أيضا وهو يُشوى في نار جهنم الآن، تصور أنني سافرت إلى ليون خصيصا وزرت قبرها وبكيت عليها كثيرا،، خسارة مائت بريجيت المسكينة قبل أن أخبرها بكل مشاعري نحوها،، ااآه كم أنا سخيف وغبي،،، احذر النساء أيها العربي فكلهن كاذبات منافقات لقد كان المسيح على صواب عندما رفض الزواج بامرأة.
أكلو القمامة في فرنسا:
انضمت العام الماضي العديد من دول أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي مما يعطيهم الحق في التنقل والعمل والإقامة في أي دولة أوروبية وقد كانت هذه الدول ضمن منظومة الدول الشيوعية بقيادة الاتحاد السوفيتي قبل انهياره، وحيثما ذكرت الشيوعية ذكر الظلم والجوع والقمل والاستبداد والفساد والفقر والتشرد وكل أنواع الشرور والبلاءات وسينفطر قلبك برؤية ما فعلته أفكار ماركس وأنجلز ولينين بهؤلاء البائسين بمجرد دخولك باريس إذ قدم هؤلاء المحطمون لا ليكونوا كباقي الأوروبيين الاخرين بل ليتسولوا في الشوارع ويناموا في العراء ويتجمعوا رجالا ونساء وأطفالا فرحين حول صناديق القمامة والنفايات بحثا عن أي شيء إنهم أناس كانوا مثلي ومثلك يوما ما ولكن سلبت الشيوعية منهم معاني الكرامة والعزة والأنفة الإنسانية فصاروا لا يتعففون عن شيء ولن ترى في وجوههم إلا الذل والانكسار وفقدان الأمل، وستحتاج أوروبا المجتمعة في قاعات قصور بروكسل عاصمة الاتحاد الفخمة المكيفة وقنا طويلا لتعلم أنها تأخرت جدا جدا في اصدار قرارها بضم هذه الدول إلى اتحادها بعد أن تجاهلتهم أحقابا وتركتهم لقمة سائغة لأنياب الشيوعية الدامية تنهش أبدائهم وقلوبهم وتمتص دماءهم حتى حولتهم إلى أشباه بشر.
حسناء العالم:
إنها الجيوكندا أو المونا ليزا حسب الاسم الذي اشتهرت به وهي لوحة رسمها العبقري الايطالي ليونارد دافنشي المتوفي سنة 1519م على مدي 4 سنين لامرأة تضع خمارا على رأسها وترتدي ثياب عصرها ولكن أودع هذا المُبدع شيئا في أبعادها فصارت تنظر اليك من أي زاوية تأنيها منها وتبتسم لك أنت تحديدا وذلك من غير أن تنفرج شفتاها أو تظهر أسنانها وحتى إن كنتم عشرة يدورون بها فسيجد كل واحد منكم أنها تنظر وتبتسم إليه هو بالذات، وحار العالم كل العالم في هذه الابتسامة الظاهرة الباطنة وترجم ذلك إلى أسعار قدرت بها اللوحة تجاوزت المليار يورو ويرفض المتحف مجرد التفكير في عرضها خارج قاعاته المحصنة فضلا عن بيعها، ورغم أنه يسمح في متحف اللوفر بباريس الذي افتتح أبوابه سنة 1793م وهو من أشهر وأكبر متاحف العالم قاطبة بمشاهدة 35000 قطعة فقط من أصل ثلاثمائة ألف قطعة فنية وتاريخية ونحتية وسواها مجموعة في 450 قاعة على 4 طوابق كبيرة جدا مزدحمة بأروع فنون العالم فرعونية وإسلامية وإغريقية واتروية ورومانية ومن كل الدول والشعوب والقارات يدخله في العام 9 مليون زائر يدفع كل منهم قدر 14 دينارا ليبيا ولك أن تجري عملية حسابية لترى كم يدخل على فرنسا منه في العام الواحد، إلا أن أشهر هذه الموجودات هي الجيوكندا التي أحب أن أسميها حسناء العالم ورغم الحراسة المشددة عليها والحواجز التي تبعد أقرب مشاهد عنها بنحو 2 متر فقد كافأتني بأن سمحت بالتقاط صورة تذكارية لي معها كانت نعم الهدية.
أحدب نوتر دام:
في فرنسا مئات الكنائس قديمة وحديثة ولكن من أشهرها إن لم نقل من أشهر كنائس العالم واحدة اسمها نوتردام وهي عادية جدا ليست كبيرة ولا تحمل الكثير من فئون العمارة والبناء، فما السر في شهرتها يا ترى؟
السر يكمن في ذلك الذي أقسم به الله في كتابه الكريم إنه القلم، فما بالك إن كان الذي يمسك به هو الأديب الفرنسي الكبير فيكتور هيجو الذي كتب قصة رائعة أسماها (أحدب نوتردام) وبطلها شخص أحدب الظهر أعور ضخم الجسم جدا مشوه الوجه بشكل مرعب أصم الأذنين بسبب ناقوس الكنيسة الذي يقرعه بانتظام يخاف منه الناس ويسمونه الشيطان.
ويُقر هيجو في القصة حقيقة إنسانية عجيبة هي أن الحب شيء لا علاقة له بالمظهر أو السن أو المال حيث نشأت علاقة عاطفية بين هذا العملاق المشوه وازميرلدا أجمل وأرق فتيات باريس ثم وبأسلوب رائع أخاذ يوجه الكاتب المبدع لطمة تاريخية لنظام الكنائس المسيحية لم يستفق منها حتى الآن وذلك بأن كشف عن الوجه الحقيقي الخبيث لأكبر قياداتها فالكاهن الشهير كلود فروللو الذي يحمل لقب الأرشمنديت الأول وهو من أعلى وأرفع الألقاب الكنسية والذي كان يظهر نفسه للمجتمع مؤمنا طيبا خاشعا ملتزما بتعاليم السيد المسيح في حياته وممثلا له في الاخرة كان يراود أزميرلدا عن نفسها وهي ترفضه بشدة.
ولا يكتفي هيجو بفضح النظام الكنسي بل يفضح نظام الدولة أيضا الذي أصدر حكما قانونيا مدعوما بقوة الكنيسة التي كانت حاضرة بأكبر رموزها الدينية ممثلة للادعاء ضد الشابة المسكينة المرتعبة يقضي بإعدام أزميرلدا بتهمة السحر وعقوبتها في الكنيسة هي القتل لا غير وذلك بعد أن طعن الأرشمنديت الأول ضابطا كان يزاحمه على حبها بخنجره وفر هاربا فالتصقت بها التهمة، وهنا يخيرها الأرشمنديت الأول في لحظات حياتها الأخيرة بين حبل المشنقة وبين أن تختاره هو فيستعمل نفوذه لإنقاذها ولكنها تفضل المشنقة لتنتزع من بين ذراعي أمها الباكية التي دافعت عنها بصلابة حتى سقطت على الأرض ميتة وتشنق، والكاهن يقهقه بصوت عال ويراه الأحدب فيلقي به من أسوار الكنيسة ليقع ميتا في نفس لحظة موت الفتاة المسكينة، وفي الختام يتمدد الأحدب في قبر الفتاة ويحتضنها ميتة حتى يموت هو الآخر وهي في حضنه، يقول هيجو من خلال ذلك أن المظاهر خداعة فكم من جميل الظاهر قبيح الباطن والعكس صحيح أيضا.
وبالمناسبة فإن لهيجو كلاما رائعا عن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم خاطب به بابا الكاثوليك وقنها بل سبه وسب قساوسته ورجال الدين المسيحي عاقدا بينهم وبين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم مقارنة لم تكن في صالحهم قطعا.
هل عرفت الآن سر شهرة هذه الكنيسة الباريسية وحرصي على زيارتها والتجول في إرجائها، لقد كنت أعيش وقتها أحداث تلك القصة الخالدة كلمة كلمة وسطرا سطرا وأرى شخصياتها رأي العين.
أحمد القطعاني (رحلات أحمد القطعاني)، دار بشرى وكلثوم، 2018م.