الخميس, 6 فبراير 2025
تجارب

تجربتي الشعرية باللغة الأمازيغية: من الكتابة إلى الترجمة والأغاني العالمية

قبل عشرين عامًا، كتبتُ ديوانًا شعريًا باللغة الأمازيغية. كانت تلك التجربة بمثابة محاولة للتعبير عن أفكاري ومشاعري بعيدا عن الأنماط التقليدية التي تهيمن على الشعر الأمازيغي، حيث كانت القصائد تركز غالبًا على مظلومية شعبنا ومعاناته. لكنني اخترت التوجه نحو مواضيع إنسانية وفلسفية، مثل الحب، الخيانة، الحياة، والموت، وأسلوبًا مغايرًا يتجاوز الحكايات التقليدية.

لسنوات طويلة، ظل ديواني مخبأ في أرفف ذاكرتي. لم ألتفت إلى نشره أو تحويله إلى أغاني، حتى أنني لم ألقَ الدعم من قبل العديد من المهتمين بالشأن الأمازيغي رغم محاولاتهم الحثيثة للحفاظ على اللغة المهددة بالانقراض. هذا اللامبالاة كان يثير في نفسي تساؤلات، لكنني لم أستسلم.

ومع تقدم التكنولوجيا، وبفضل الذكاء الاصطناعي، تمكنت أخيرًا من إعادة إحياء قصائدي. استطعت تحويل أشعاري إلى أغاني وفيديو كليبات عددها تجاوز 50 . لم يكن الأمر مجرد تحويل كلمات إلى لحن، بل كنت أعمل على إعطاء كل قصيدة طابعًا موسيقيًا يتناسب مع موضوعها الفلسفي. بل ولم أتوقف هنا؛ فقد قمت بترجمة تلك القصائد إلى عشرة لغات عالمية: الألمانية، العربية، الإنجليزية، الإسبانية، البرتغالية، الإيطالية، الهندية، التركية، اليابانية، واليونانية والفرنسية.

هذه الترجمة ليست مجرد نصوص بل تحولت إلى أغاني ثنائية اللغة، حيث أضافت كل لغة طابعًا خاصًا. اخترت مغنيين مشهورين من كل لغة لجعل أغنياتي تتماهى مع نمطهم الموسيقى وموسيقى البلاد التي ينتمون لها، مع الحفاظ على صياغة الأغاني وفق سياق الموسيقى الأمازيفية الكلاسيكية، مثل:

• الألمانية: مع مغني مثل “رالف شولتز”، الذي يعكس أسلوبه الجاد والموسيقي المنظم، تشابهت بعض أغانيي مع ذوقه في بعض المقطوعات.

• العربية: مع الفنان “كاظم الساهر”، الذي يمتاز بالكلمات المؤثرة والألحان الرومانسية العميقة، يمكن أن تتقاطع بعض قصائدي مع أغانيه في أبعادها العاطفية.

• الإنجليزية: مع “بوب ديلان”، حيث تجمع بعض أغنياتي بين البساطة والعمق الفلسفي مثل أغانيه الشعبية.

• الإسبانية: مع “جوليو إغليسياس”، حيث يتداخل أسلوبه العاطفي والموسيقى اللاتينية مع بعض أفكاري.

• البرتغالية: مع “جواو جيلبرتو”، حيث يمكن أن تتناغم القصائد التي كتبتها مع ألحانه المميزة.

• الإيطالية: مع “أندريانو شيلينتو “، حيث تماثلت قصائدي مع أغانيه في عمقها العاطفي.

• الفرنسية: مع “شارل أزنافور”، الذي يتميز بالكلمات العميقة والألحان الرومانسية.

• الهندية: مع “أريجيت سينغ”، حيث تشابهت بعض أغانيي مع أغانيه الحالمة.

• التركية: مع “تاركان”، الذي يمتاز بكلماته العاطفية وألحانه المميزة.

• اليابانية: مع “كينجي أيوي”، حيث يتقاطع الأسلوب الغنائي الأنيق مع بعض قصائدي.

• اليونانية: مع “ميكيس ثيودوراكيس”، حيث يمكن أن تكون بعض الأغاني قريبة من ذوقه الكلاسيكي.

هذه الرحلة من الكتابة إلى الترجمة والأغاني العالمية، لم تكن مجرد تحول لغوي أو موسيقي. بل كانت احتفاءً بالتراث الأمازيغي، وطريقة جديدة لتعريف الناس به في سياقات متعددة ومتنوعة

لم يقتصر الأمر على تحويل كلمات القصائد إلى أغاني فقط، بل قمت أيضًا بصناعة فيديوكليبات موسيقية مصورة، حيث أصبحت الصورة جزءًا لا يتجزأ من التعبير عن الكلمة واللحن. كانت التجربة مثيرة، إذ دمجت الألوان الحية واللقطات التي تعكس عمق المعاني التي أود إيصالها.

لقد اخترت تنوعًا موسيقيًا يثري هذه القصائد ويجعلها تتنقل بين أجواء مختلفة. استخدمت الموسيقى التارقية لتعبّر عن الارتباط العميق بالتراث الأمازيغي، حيث الأصوات والتراكيب الموسيقية التي تنبع من الصحراء وقيمها الأصيلة. كما أدخلت أيضًا الريغي لإضفاء طابع من الحرية والانفتاح على قضايا اجتماعية، بالإضافة إلى الروك الذي يتناغم مع بعض القصائد التي تحمل طابعًا أكثر تمردًا وثورية.

لم تقتصر التجربة على هذه الأنواع فقط؛ بل امتدت أيضًا إلى البوب الذي أضاف طابعًا عصريًا وجذابًا لأغانيي، مما يجعلها قادرة على الوصول إلى جمهور أكبر. وأخيرًا، استخدمت الموسيقى الهادئة لإضفاء عمق عاطفي على بعض القصائد التي تعبر عن الحب والتأمل في الحياة والموت.

ساعدني الذكاء الاصطناعي في خلق التوازن المثالي بين الصورة والصوت، مما جعل كل فيديو كليب ينقل شعورًا مميزًا ومؤثرًا، يتلاءم مع النصوص واللحن على حد سواء. أصبحت القصائد تتحرك وتتنفس، وتجمع بين قوة الكلمة، جمال اللحن، وسحر الصورة، مما أضاف بُعدًا جديدًا لشعري الأمازيغي .

مقالات ذات علاقة

ما فيه خير من ساعة ربي لا تبرم لا تعبي

المشرف العام

طالب بكلية القانون

سعيد العريبي

زنقة الباز.. تاريخ الناس المنسية

يوسف الشريف

اترك تعليق