منذ زمن، وفكرة كتابة شيء في السياسة تراودني فأهرب منها؛ لأنك لابد ستزل بك القدم، مهما أوتيت من قدرة على التحليل والتحايل ومعاملة الأمور بالسياسة.
ولكن إذا أردت أن تكتب، فأي المواضيع أكثر إلحاحًا كي أكتب عنه؟ وأي موضوع أتجاهله عمدًا؟ لا لأنني ليس لي ما أقوله فيه، ولكن أحيانًا من الحكمة -أو لنقل من السياسة- أن تتجاهله لحاجة في نفسك، قد يراها القارئ الحصيف، الذي لا تفوته متى تستخدم أسلوب التجاهل المتعمد ولماذا.
فمن السياسة أحيانًا أن تتكلم في السياسة بسياسة، ومن الأجدى أحيانًا ألا تتكلم في السياسة، وتتركها للساسة الذين سعوا لها بكامل وعيهم، وبعينين مفتوحتين وتخطيط مسبق، أو كما يقول القانون: “مع سبق إصرار وترصد”. وهم يدركون حنظلها ومرها قبل شهدها وحلاوتها.
فمثل هؤلاء من يمتطي عصاه كالساحرة في قصص الأطفال تمتطي مكنستها. “مبروك حصانك”، هذا ما تقوله له. وإن كانت زمان النصيحة بجمل، ففي وقت الناس هذا، من تنصحه تُعدمه؛ أي تصبح أنت عدوه. لذلك، فكر قبل أن تتكلم، ولا تتكلم قبل أن تفكر. وخاصتا اننا تخطينا فكرة الركل الى اعلى للتخلص من الخصوم ودخلنا مرحلة التصفية الجسدية للتخلص من الخصوم.
من منطلق أن الليبي يفهم في كل شيء لدرجة تجد الجاهل يجادل دكتورًا في تخصصه، ويريد أن يعلمه ويؤكد له أنه أعلم منه! عموما، إنه عصر العولمة، صنو الجمهرة أن تفهم من كل شيء شيئًا. وبهذه المحصلة، تجد نفسك تفهم في كل شيء.
أعطوا الخبز لخبازه، حتى لو أكل نصفه؛ لأنك لن تتحصل على خبز ولا طحين لو أعطيته لغيره، وتموت بحسرتك على الدقيق المهدور.
تبًا! هل هو النفط من أفسد الليبي، أم الليبي من أفسد النفط برعونته وجهله ونكران الجميل وعدم شكر الثروة؟ كان يمكن أن يبني دور العلم، ويبني المؤسسات، وقبل ذلك يبني إنسانًا خبازًا يجيد صنع الخبز. كنا تفوقنا على صناع الخبز الفرنسي
جدلية الثقافة والرفاهية متلازمة؛ كل منها تجلب الآخر. يفترض بناء دولة يحتاج إلى فكر وتعليم وتوظيف الموارد في محلها ودمتم بأمن وسلام….