حوارات

عائشة بازامة: أفكر أن أستمر في ذات الرواية بأجزاء أخرى لاحقة

حوار الطيوب مع الشاعرة عائشة بازامة
حوار الطيوب مع الشاعرة عائشة بازامة

للرواية غواية، جعلت الكثير يجترحون تجربة كتابتها، ربما كان لمقولة: الرواية ديوان العرب! أحد الدوافع التي جعلت مجموعة من الشعراء العرب، يتجهون لكتابة الرواية، بل عن البعض نال جوائز في الرواية لم ينلها في الشعر.

في ليبيا تطالعنا العديد من هذه التجارب، لعل من أولى هذه التجارب؛ تجربة الشاعر عاشور الطويبي، التي انسحبت على الكثير من الشعراء والشاعرات في ليبيا، ومنهم ضيفتنا في هذا الحوار، الشاعرة عائشة أحمد بازامة، التي لم تكتفي بكتابة الرواية، بل لتكون أول روائية ليبية تكتب ثلاثية روائية تحت عنوان رئيسي (سوق الحشيش)، أما الأجزاء الثلاثة فجاءت: وريدة / الإمام والملك / شارع تفاحة.

رواية (سوق الحشيش)، تحكي عن أحد أحياء بنغازي القديمة، الذي عاشت فيه الكاتبة طفولتها وعاصرت فيه فترات متنوعة من ذاكرة المدينة، حيث كان من أكثر الأحياء القديمة عطاءً وصخباً وتأثيراً وتأثرًا في الأحداث.

في هذه الحوار نحاول استجلاء بعض جوانب التجربة، والدخول إلى عالم الرواية عند الشاعرة عائشة بازامة، والعلاقة بين الشعر والقصة!

الرواية زادتني نبعًا جديدًا يضاف لما ينهل منه قلمي

بداية، كيف تصفين شعورك، وأنت أول ليبية تكتب ثلاثية روائية؟ وهل تم التخطيط لهذا العمل، أم إن الضرورة الأدبية، جعلت العمل في ثلاثية؟ ثم هل ستتوقف رواية سوق الحشيش، باكتمال الثلاثية، أم إنها ستستمر؟

__ مشاعري احتفائية بإنهاء منجز هو ضمن تحقيق ذاتي، بل كتابة ما صاغ وطرز سنين طفولتي وصباي عبر تلك الشوارع والأزقة. أحسست أنني شاركت في إعادة بناء تلكم العلاقات الحميمية، وتلكم الأبنية المسكونة بأجمل الذكريات والحكايات.

في بدء كتابتي للرواية لم أعر بالاً لأن تصير ثلاثية ولم أفكر في ذلك. لكني عندما اندمجت في سرد أحداث حياة (وريدة) حدثتني هذه الشخصية أن أفرد لباقي أفراد سوق الحشيش رواية لكل منهم. فكان ذلك. واستحسنت فكرة الأجزاء التي تلي بعضها. وحالياً أفكر أن أستمر في ذات الرواية بأجزاء أخرى لاحقة. سيكون الجزء الرابع ساردًا لأحداث ارتبطت بشخصية أدبية متفردة ممن عايشوا وتعايشوا مع حي سوق الحشيش.

عرفناك شاعرة، كيف جاء الدخول لعالم الرواية؟ وما الذي أضافته الرواية لك؟

__ كانت منذ بداياتي، فقد جمعت كتابة القصة والشعر معاً منذ طفولتي، لذا لم تكن عملية السرد غريبة عن قلمي وسبق أن فزت عام 1975 بالترتيب الثاني في القصة وقبلها عام 1971 في مجال الشعر.

دخلت لعالم كتابة الرواية لحاجة ملحة دفعتني لها ذكريات الطفولة التي تتزاحم في ذهني، فكان لابد لقلمي من التجول داخل الأماكن التي نقشت في حياتي وسمًا لا ينسى من أحداث رغم بساطتها لكنها استهوتني بشدّة للكتابة، فاقتحمت عوالم جديدة للسرد وكانت عام 2005م لكنها لم تتح طباعتها إلاّ في السنوات الثلاث الفائتة. ظهرت (سوق الحشيش) في جزئها الأول ولاقت ترحيبًا من المتلقي وأعيد طبعها في نسخة ثانية مما شجعني على كتابة الجزئين الثاني والثالث.

الرواية زادتني نبعًا جديدًا يضاف لما ينهل منه قلمي، أضافت لي ميزة الصبر في الكتابة والتأني في سبر الأحداث، ومزج الفكرة بين الزمان والمكان والحوار مع الشخوص التي قد أختارها برضا أو بعنوة.

كتابة الرواية هي مساحة هدوء نفسي للشاعر ليسترد ما فقده من بعد عن الواقع

سؤالنا هنا؛ ما الذي وجدّته في الرواية، ولم تجدينه في الشعر؟

__ الرواية فضاء أرحب للتأليف وأشمل متسعاً للكلمات، فيها مزاوجة واقعية تنطلق من هدف لا يتشتت إلى أمزجة المجاز، ولا يغوص في بليغه، هي تحوي بساطة اللغة والتنقل بالمتلقي في مساحة الحكاية دون جنوح إلى تطرف البلاغة وجزالة اللفظ. الرواية مجال لتنفيس الذكريات وإراحة نفس الكاتب. بينما الشعر يجنح إلى كل غريب ومدهش وخيالي.

الكثير من الشعراء دخلوا عالم الرواية، كيف تفسرين هذا الأمر؟

__ الشعراء حين يكتبون قصيدة فإنّهم يذوون في الحرف ينتهون أو يحيون فيه، يسبغون الخيال بتنبؤاتهم ويفاجئون اللغة ويصطدمون بأدواتهم فيفجرون الفكرة وينتهون إلى غيرها. لهذا يلجؤون إلى الرواية ويتخذونها كاستراحة محارب. كتابة الرواية هي مساحة هدوء نفسي للشاعر ليسترد ما فقده من بعد عن الواقع.

طالع: جزء من رواية سوق الحشيش

هل رواية سوق الحشيش، رواية ذاتية؟

__ لا. لكن الزمكان من ضمن ما يمس حياتي والشخوص منهم من تعايش مع طفولتي التي اشتغلت ذاكرتي على جلبهم.

وهل اتجاه الكثير من الكتاب للرواية، هي محاولة لتسجيل سيرهم الذاتية؟

__ إن تم ذلك فأراه أمرًا جميلاً، وإنّ الروايات في الغالب تتأثر بالكاتب وتؤثر فيه ذاتيًا أو بيئياً وإن كانت الأحداث بعيدة الزمان والمكان فإنّ تناولها هو تقريب النص لكاتبها وإن انفصل عنها.

في الرواية، ومن خلال تجربتك، أيهما الأكثر تأثيراً، المكان أو الحدث؟

__ المكان أقوى لأنه الثابت والمتغير في آن وتتحرك الأحداث من خلاله، وتتنقل فيه الشخوص وهو الأكثر تأثيرًا في مجريات السرد لهذا لا يمكن لرواية أن تخلق دون مكان. ولا يمكن أن نخلق الحدث دون مكان.

المتن الروائي في ليبيا يزخر بتنوع يستمد اختلافه … بما لليبيا من تنوع بيئي وتراثي وفكري

يقال إن الرواية أدب الاستقرار، كيف تفسرين حجم الأعمال الروائية التي تم إنتاجها في العشر سنوات الأخيرة في ظل ظروف غير مستقرة في ليبيا؟

__ ما أفهمه هو أنّ الكثير من الروايات كتبت في ظروف صعبة ومنها الحروب التي تؤثر تأثيرًا واضحاً في روايات عديدة كتبت منذ قرون

في ظل رواج الرواية في ليبيا، كيف تقيمين المتن الروائي في ليبيا؟

__ أستطيع أن أقول أنّ المتن الروائي في ليبيا يزخر بتنوع يستمد اختلافه عن بقية سكان المعمورة بما لليبيا من تنوع بيئي وتراثي وفكري في الستة عقود الماضية ويعد قفزة غير اعتيادية خاصة بدخول المرأة الكاتبة عليه وتميزها في كتابة الرواية. المتن الروائي منذ رواية تحولات الجحش الذهبي إلى الآن سيكون له شأن يتفوق على غيره من إبداع.

يقال إن الرواية هي أفضل من يقدم التاريخ، إلى مدى أي تتفقين مع هذا الرأي؟

__ الرواية لها مبدعوها وقد لا تحكي أحداثاً تاريخية بعينها، والتاريخ له مؤرخوه الذين يسجلون اللحظة، لكل منهما عوالمه ومنتجه ونوع فكرته. قد ترتبط الرواية بالتاريخ. لكن التاريخ لا يمكن أن يتكئ على الرواية دائمًا.

أحاول أن أنجز الجزء الرابع من سوق الحشيش

ما الذي ينقص الكاتب الليبي ليكون حاضرا ومؤثرا في المجتمع؟

__ ينقصه الشخصيات الرمز وتنقصه المرجعية، ينقصه جسم يأويه من حالة التشظي والتشتت، ينقصه جسم يحفظ ويدخر حرفه ويصونه من تقلبات الزمن والتعدي غير المبرر، ينقصه من يقول له : نعتز بك وبإنتاجك.

ما هي نقاط القوة في الثقافة الليبية التي يمكنها أن تكون مادة للأدب؟

__ بيئة الثقافة والموروث وقوة اللغة وتوسطها بين جزر ومد الثقافات الأخرى والمنهل الإيجابي لتاريخها.

ما هي مشاريعك المقبلة؟

__ أحاول أن أنجز الجزء الرابع من سوق الحشيش، ووضعت بعض النقاط لكتابة رواية أستقيها من أسطورة تراثية لشعب تشاد الصديق.

هناك مخطوط جاهز للقصة القصيرة يحوي عدد لا باس به من القصص. إضافة إلى مخطوط لديوان القصيدة السردية التعبيرية بعنوان (جسر الشوق ).

مقالات ذات علاقة

عائشة إدريس المغربي: شعرت أنني أملك منذ صغري حدسا تجاه الأشياء والكون

المشرف العام

ليبية تسعى لتكون أول مذيعة محجبة بالتلفزيون الأميركي

نهلة العربي

المكي المستجير لـ (السقيفة): ”أنا طفل يحبو.. لا يزال يتعلم كيف يمشي.. يحاول تحويل دهشته شعرا، وفضوله فكرا“

المشرف العام

اترك تعليق