المقالة

ركود

من أعمال التشكيلي الليبي_عبدالمنعم بن ناجي (الصورة: عن عدنان معيتيق)
من أعمال التشكيلي الليبي_عبدالمنعم بن ناجي (الصورة: عن عدنان معيتيق)

قمت بتنفيذ جميع الاقتراحات المتاحة لكسر الركود. وإزالة الانحرافات، رياضة المشي. مؤانسة صديق.. مشاهدة مسرحية فكاهية عبر احدى القنوات الفضائية الليبية. مررت بكل هذه التمارين الموصي بها. ولا زال ذهني مليئًا بالنفايات الغامضة، هل حان الوقت للجلوس وإجراء بعض الكتابة

ليس بعد.. وها انا أضرب رأسي على الجدار بحثا عن فقاعة لأفكار خلاقة.

أواجه صعوبة في البدء.. وفي اختراع هراء العبارات والكلمات.. أفكر في كتابة قصة عن حلم الليلة الماضية، ولا أدرى ان كنت قادرًا على تذكر أحلامي.. قد تقدح شرارة الإبداع هناك … وعندها سيكون هذا ممتعا

حلمت الليلة البارحة.. وسط صحراء جرداء قاحلة.. لا تسمع فيها همسا.. هائما على وجهي.. فجأة.. ثار الغضب.. وصارت تتلقفني رياح عاتية صفراء مغبرة.. صرير وزفير.. لسعات وخزات الحصى.. ادمت كاحلي.

ابحث عن وقود لكتابة شيء مثير ورائع.. ربما لو تذكرت فقط مقتطفات من أحلامي.. قد يساعد الذاكرة.. سأضع قلم بجانب سريري لتدوين أحلامي فور الاستيقاظ.. وسأحرص بصورة دائمة على ان تبقى عادة.

يجب أن اكتب.. كي احصل على التروس الإبداعية.. ودون توقع النشر.. أو المشاركة مع الآخرين.. اود ان اسمح للحروف كي تصبح أكثر حرية.. يمكنني حتى منح نفسي الإذن بكتابة النفايات والقمامة.. أي كتابة على الإطلاق يمكن أن تصبح علاجًا لكاتب.

سأكتب عن فزان، ومدى نجاح فكرة التوءمة بين سبها وأنجامينا، وعن فضل رمال الصحراء.. في تحميص الكاكاوية بالشتاء.. بالبراهين العملية.. والامثلة الفقهية.

لكل كاتب صوت وبصمة فريدة.. معزوفة نادرة القسمات.. احجارها الكلمات.. وعلامات الترقيم والإملاء والعبرات.. وشطح الخيال عنان السماء والفلوات.. يستلهم وميض فرح سبقه رثاء.. ويرنو لان يكون أكثر المحررين دهاء.. وكل هذا العناء.. وما إذا كان شيئًا منه يعرفه القراء.. ام لا.

خيارات الكلمات.. اتساق الوصل.. تحرر الفكرة.. اشعر برهبة شديدة.. مزاجها تحفظات عديدة.. معظم الأيام، أستيقظ منتعش الذهن.. افتح اللابتوب.. يتلاشى المحيط.. وتحل رغبة في أخذ القراء عبر رحلة قصيرة.. أمل أن أشاركهم فكرة جديدة.. ولست متأكداً من أنهم سوف يستمعون.

لا زال أمامي الكثير لأتعلمه، الكتابة تعطيني أيضًا منفذًا.. انا أكثر سلاماً منذ أن بدأت الكتابة بانتظام.

تمتلئ مسيرتنا العائلية بأحاديث بلا هدف.. بالنسبة لي زاد وزني 3 كيلو جرام هذا الشهر.. هل سأكتب في النهاية المزيد من القصص الشخصية، اشبه بالمذكرات؟ لا أعرف أين يقود هذا المسار، لكني أريد أن أشكرك على انضمامك إليّ.

عندها قرات كلماتي.. شكرتني بغزل.. وأرسلت تقول.: نصك يا عابد يشبه رحلة داخل مختبر الكتابة ذاته، حيث التجربة تتجاوز   الكلمات وتشتبك مع الذات أيضًا. أعجبني صدقك في وصف الركود الإبداعي، وكأنك تقبض على لحظاتنا المألوفة جميعًا ككتّاب. الانتقال بين الحلم، وفزان، وأفكارك الشخصية خلق فسيفساء غنية

أجمل ما في النص   الاعتراف بأن الكتابة ليست دائمًا عن الفكرة المثالية، بل عن فعل الكتابة نفسه كعلاج ومتنفس. أعجبني أيضًا وصفك للكتابة بأنها ‘معزوفة نادرة القسمات’، فيها موسيقى تشبه ارتباك الكاتب وتوقه الدائم لالتقاط ومضة جديدة…

هذا يدعوني الى الفكر في إضافة سطور أخرى للنص.  لكن كما ترى.. (العين بصيرة والخطوة قصيرة).. بنت بلادي … ليبيا

مقالات ذات علاقة

الهُـويـة الليبيـة

مفتاح قناو

ميول ديستويفسكيّة

ميسون صالح

سلحفاة الوقت الهرمة

رشاد علوه

اترك تعليق