ذاكرة المجني عليه…
8 – شهود أخرون

 تمضي الأيام، رويداً رويدا ولا أحد من المتسكعين من أبناء (ادريس  بوشرفيدة) أو (افتوحه ادراما) يأبه بتصرفاتهم، فيقتادهم الي السجون ،ولم يتفطن أحد أن أبناء سي (أدم)، والذين يمرون في شارع الوحل بشكل دائم، ومنهم من يتسرب لجميع البيوت ، يمكن أن يكونوا ذاكرة جمعية لزمن الرذيلة، وفي لحظة من لحظات القدر قد تنكشف حقيقة، كانت منسية ،أو جرائم ذهب من جرائها مظاليم، وطويت علي اثرها صفحات  ناصعة لتاريخ أبناء الأصل، ورفعت من شأن ناس وهوت بأقدار ناس أخرين الي الحضيض ك مظاليم في غياهب السجون أو مستشفيات المجانين!!.

تمر الأيام وتتطور العلاقة بين (ميلود شرفيدة)، و(نجوى)، و(قدري) والشقيقتين (مريم) و(رتيبة) كذلك بين (الخمار فتحي ادارما) والأرملة (سالمين)، من جهة، ومن جهة أخري تنامت علاقة ملائكية ودودة بين الأطفال الثلاثة (صالح وأمجد وأسعد).

أصبح (صالح) صديقا لـ (أمجد وأسعد) الكسيحين بمجرد رؤية بعضهما البعض، وتوثقت علاقة الأطفال الثلاثة حتى أنهما لم يفترقا عن بعض ف كل يوم من تلك الأيام بدء من العاشرة صباحا وحتى السابعة عند المغيب.

وببراءة الأطفال أخبر (أسعد وأمجد) (صالح) كيف كان والديهما يشحذان بهما في كل مدينة أو منطقة ينتقلان اليها، حتى قدما الي ليبيا وتحديدا رباية الذائح بنغازي واستقرا هنا في غوط الأوادم في هذا الشارع (شارع الوحل).

مضت العلاقة بين الاطفال جميلة، فلقد تمكنا الطفلين الكسيحين من حفظ جزء (عم) من جزاء القرآن الكريم عن طريق الطفل (صالح) والذي كان يعيد ما يحفظه من أخيه (محمد) في الخلوة على مسامعهم، وحتى بدأت صحة الطفلين تتحسن يوما بعد أخر، رغما عن إهمال أبويهما لهما! وتورطهما في مشاهدتهما، لفصول من الخيانة المتكررة لبعضهم البعض!

….تولد عنه حزنا كبيرا، فأعتري قلبا الطفلين، وحتي (صالح) تأثر، فحزن، والذي تورط كذلك بتفطنه مع الطفلين الكسيحين ، لانحراف أمهما ( نجوي ) مع (ميلود شرفيدة) في غياب والدهما (زوجها قدري) ثم تنبه الي  كيف كان يحضر (قدري)(رتيبة) و (مريم) ويستميلهما للمضاجعة الجنسية حينها كذلك و ليمارس معهن الجنس عديد المرات ،حين كانت (نجوي) منشغلة بتنظيف بيت (سعدة) ،زوجة ( ميلود شرفيدة ) والتي كانت تعاني  القهر الاجتماعي من جراء رعونة زوجها، فتولد عن ذلك الم وجراح تسببت في زيادة نوباتها القلبية وأزماتها الصحية الفجائية ،لتنتابها وتمنعها من الاهتمام  ببيتها وزوجها.

لكن (صالح) كذلك، بدأ ينقل ما يراه الي أمه العمة (حواء) واخوته (داوود)، و(محمد)، و(ابراهيم) ثم للأحفاد والذين سيبدأ ولادتهم نهاية الستينات.

.. ومن جراء اهتمام (ابراهيم ) بأطفال الغوط وحرصه علي أخذ ( أمجد) و(أسعد ) من بيت (نجوي )، حيث كان يقف بالكاروا ليدخل الطفل (صالح ) لمساعدة الأطفال للوصول الي (ابراهيم ) المنتظر ، وكذلك انتظاره للطفل (مبروك) ابن الأرملة ( سالمين ) لنقلهم للمسجد هو الأخر لمواصلة دروس حفظ وتجويد القران الكريم، بدأت الشائعات تنسج من حوله بأنه يرغب في الاستفراد بهاتين الاثنتين ، ثم تطور الأمر الي عراكا مع  (ميلود شرفيدة ) و (افتوحا ادراما)، وفي أحد الأيام وبعد صلاة الفجر وبمجرد خروجه من المسجد، قاموا بمهاجمته وخطفه بعد أن اخفوا ملامحهم عنه ونقلوه فوضعوه  في حفرة داخل منخفض كبير في أرض رعوية تبعد عن غوط الأوادم مسافة يوما كاملا سيرا علي الأقدام، وتركوه مقيد اليدين دون طعام أو شراب، ثم عادوا أدراجهم الي غوط الأوادم ومارسوا حياتهم الماجنة مع (نجوي وسالمين ) بطريقة عادية حتي لا يشك بهم أحد.

.. لم يجزع سي (أدم) على ابنه (ابراهيم) ولأنه مؤمن بالله العلي القدير بدأ يجمع ابنائه كل ليلة بعد صلاة العشاء الي صلاة الفجر ليتلوا آيات بينات من سورة (البينة).

بسم الله الرحمن الرحيم

لَمۡ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأۡتِيَهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ (1) رَسُولٞ مِّنَ ٱللَّهِ يَتۡلُواْ صُحُفٗا مُّطَهَّرَةٗ (2) فِيهَا كُتُبٞ قَيِّمَةٞ (3) وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ (4) وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ (5) إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَآۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ شَرُّ ٱلۡبَرِيَّةِ (6) إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ أُوْلَٰٓئِكَ هُمۡ خَيۡرُ ٱلۡبَرِيَّةِ (7) جَزَآؤُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّٰتُ عَدۡنٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ رَبَّهُۥ (8)

صدق الله العظيم

وبعد انهائهم لتلاوة السورة يخرجون لأعمالهم متمتمين:

كوني بردا وسلاما علي ابراهيم

كوني بردا وسلاما علي ابراهيم

ويدعون بالدعاء التالي:

يا رب

قصدتك وأنت الكريم

دعوتك وأنت العظيم

رجوتك وأنت رب العالمين

ناديتك وأنت الرحمن الرحيم

فيا ربي أرحم عبدا ناداك

وليس له سواك

اللهم أكشف عنا الغمة

اللهم أصرف عنا المرض والبلاء

أشفنا شفاء تاماً

وعافنا في أبداننا

وأخرجنا مما نحن فيه

من الهم والحزن والكرب

فأنت الله الذي لا يرد سائلا

وأنت الله القادر على تغيير الحال لأحسنه.

وأنت الله الذي إذا دعي اجاب

يامن يقول للشيء كن فيكون

أن ترحم البلاد والعباد

اللهم ألطف بنا فيما جرت به المقادير

أرحمنا رحمة واسعة

وأرزفنا عافية الأبدان

ونور الأبصار

يا كريم يا رحيم يا عليم

يا رب العرش العظيم

يا قاضي الحاجات

يا كاشف الكربات

يا مجيب الدعوات

يا غافر الزلات

نعوذ بك من البرص والجنون والجذام

ومن سيء الأسقام

ونعوذ بك اللهم من زوال نعمتك

وتحول عافيتك

وفجاءة نقمتك

وصلي علي نبينا وسيدنا محمد

وعلي أله وصحبه وسلم

أمين يا رب العالمين

بينما (ابراهيم) كان يتلوا آيات من الذكر الحكيم:

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى:

﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ﴾

وقال:

﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾

وقال:

﴿وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعَالَمِينَ﴾

قال سبحانه:

﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾

وقال:

 ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾.

قال تعالى:

﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِير﴾

وقال:

﴿ألا لعنة الله على الظالمين﴾

قال الله تعالي:

 ﴿وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾

وقوله تعالي:

﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾

وقال:

 ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾

وختم بقوله تعالى:

﴿وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾

صدق الله العظيم

وبدأ يستذكر مواقفه النبيلة ومحاسنه مع الناس، فاستجاب الله له بعد أيام ،وها هو احد رعاة الابل يقترب بقطيعه والتي فزعت شاردة بمجرد اقترابها من(ابراهيم)، فسارع الراعي السوداني (سليمان) بالاقتراب منه ليفك وثاقه.

يتبع