الثلاثاء, 11 فبراير 2025
سعيد العريبي (حكايات وذكريات - سيرة قلم)
سيرة

مشكلتي مع مركز الجهاد

بدأت وانتهت كما قلت لكم.. قبل ثورة فبراير.. حينما كان اسمه: (مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية).. وقبل أن يستبدل باسم (المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية).. ربما بعد الانتقادات الكثيرة التي وجهتها إليه.. التي اتهمته فيها بالانحراف عن نهجه.. ونشره لكتب أخرى لا علاقة لها لا بالجهاد.. ولا بتاريخ البلاد.. وقد كان للمقالات التي كتبتها بالخصوص.. وأشرت إليها من خلال هذه السلسلة.. دور كبير في ذلك.. ومنها مقالاتي التالية:

(مركز الجهاد في قفص الاتهام// هفوة أخرى من هفوات مركز الجهاد// لماذا منع هذا الكتاب من النشر..؟ // من سرقات مركز الجهاد).

نعم.. كتبت عنه عدة مقالات.. في ذلك الوقت المشحون ــ وقبل أن ينعم الكثيرون (من كتاب ما بعد فبراير) بحرية الكتابة دونما خوف.. وانتقدت أيضا (اتفاقية الشراكة الليبية الإيطالية) التي تولى هذا المركز دورا في تنفيذ بعض بنودها كما سيمر بكم.. من خلال مقالتي التالية.. وذلك بعد توقيعها بقليل:

هفوة أخرى من هفوات مركز الجهاد

هذه أول مقالة تنتقد اتفاقية الشراكة الليبية الإيطالية.. وسبب كتابتي لها.. الإعلان التالي الذي قرأته بالموقع الإلكتروني لمركز الجهاد:

(يقوم مركز جهاد الليبيين، خلال هذه الأيام بحصر أسماء الأخوة “المجندين” الذين حاربوا مع إيطاليا في الحبشة وإيريتريا والصومال وفي الحرب العالمية الثانية والموظفين والعمال الليبيين في الإدارة الاستعمارية الإيطالية منذ سنة: 1911 وحتى عام: 1942م.. فعلى الإخوة المعنيين بالأمر أو أحفادهم أو أقاربهم.. ضرورة الإسراع بالتوجه إلى مركز الجهاد بطرابلس أو الفروع التابعة له في أنحاء الجماهيرية لتعبئة النموذج الخاص بالحصر).

ـــ وقد حزنت لهذا الإعلان.. وتأسفت كثيرا على مركز الجهاد.. الذي أسندت إليه مهمة إعداد قوائم المجندين والعملاء “الذين حاربوا مع إيطاليا”.. واستعان بهم المستعمر لقمع تمرد إخوتهم الذين “جاهدوا لحساب الوطن” ولم يهادنوا ولم يستسلموا ولم يفرطوا في ترابه الغالي.

تأسفت لأن هؤلاء العملاء الذين يعمل مركز الجهاد.. من أجل مكافأتهم وتعويضهم.. كانوا قد قبضوا أجورهم كاملة من المستعمر.. ليرات إيطالية ذهبية وغير ذهبية نقدا وعدا.. في الوقت الذي كان فيه أحرار الوطن يتضورون جوعا في معسكرات الاعتقال وخارجه.. ويجاهدون – رغم ذلك –  فيقتلون ويقتلون في شموخ وعزة وكبرياء.

تأسفت لأن مركز الجهاد لم يوجه دعوته الكريمة.. إلى أحفاد وأقارب آلاف المواطنين الذي قضوا في معسكرات الإبادة الجماعية.. معسكرات الاعتقال التي أنشئت من أجل إخماد المقاومة المشرفة.. وإسكات الروح الوطنية ولو بإبادة شعب بأسره.

تأسفت جدا لأن هذا الإعلان.. سيكافئ الجلاد ويتجاهل الضحية.. تأسفت جدا لأن هؤلاء المجندين الذي يشير إليهم الإعلان.. هم وحدهم من حارب مع المحتل.. وقاتل معه ونكل بإخوانه.. كما فعل الطليان وأكثر.

تأسفت لأن هؤلاء العملاء.. هم من أغار على البيوت والنجوع الآمنة وروع أهلها.. وحرس معسكرات الاعتقال.. وقاد إلى المشنقة العديد من الأبرياء.. ولف حبلها حول رقابهم، تماما كما لف أحدهم حبل المشنقة حول رقبة عمر المختار.

هؤلاء العملاء.. هم من عهد إليهم المحتل بمحاربة أهلنا.. فكانوا أمناء جدا.. وحريصين جدا على تنفيذ أوامر المستعمر إليهم.. وكانوا بحق إيطاليين أكثر من الطليان.

طالعوا ما كتب عن معسكرات الاعتقال.. واقرأوا ما رواه المعتقلون.. الذين أرخوا لأفعالهم الخسيسة والمشينة.. كهذه الشاعرة التي تقول: (حتى اللي مو لابس كاكي ….. هابا فينا ياما دار).

هؤلاء العملاء كما تعرفون وكما يشير إعلان مركز الجهاد.. صنفان لا غير..  صنف عسكري وآخر مدني (لا يلبس الكاكي) كما تشير الشاعرة التي استغربت.. أن ينكل بهم حتى غير العسكريين من أبناء وطننا.

وليس من المستغرب بالطبع أن يقوم بهذا العمل المشين والشنيع.. مجندو إيطاليا وعملاؤها.. من عساكر وباندات وكابوات وغيرهم.. لكن الغريب حقا أن يقوم به العملاء المدنيون أيضا.. ممن أشرفوا على تعذيب المواطنين.. وساهموا بجهدهم ووقتهم وحقدهم أيضا.. في نصرة المحتل في العديد من المواقع والمعارك التي قتل خلالها آلاف الأبرياء من أبناء وطننا العزيز.

هؤلاء العملاء الذين يحرص مركز الجهاد على حصرهم وتعدادهم لمكافأتهم.. هم وحدهم من كانوا يعرفون مسالك ودروب الوطن من شرقه إلى غربه ومن جنوبه إلى شماله.. وقادوا المستعمر  إلى معاقل المجاهدين في الزاوية والجبل الغربي.. وفي الكفرة وفزان والجبل الأخضر.

مقالات ذات علاقة

الذكرى 908 لاستشهاد رمز الجهاد ضد الصليبين السيد الشريف سليمان الفيتوري

المشرف العام

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (39)

حواء القمودي

للتاريخ فقط (26)

عبدالحميد بطاو

اترك تعليق