الذكرى التاسعة لرحيل التشكيل الليبي محمد العارف اعبية
علي العباني
ولد الفنان التشكيلي الراحل محمد العارف اعبية بالعاصمة طرابلس في شارع الشط سنة 1944م. بدأت هوايته في مجال ( الكاريكاتير ) الرسوم الساخرة تظهر، وبشكل ملفت ومتميز عندما عمل كرسام بمجلة المرأة التي كانت تصدر عن الهيئة العامة للصحافة التابعة لوزارة الأعلام في بداية السبعينيات وهي المجلة الدورية التي أسستها السيدة خديجة الجهمي وتولت رئاسة تحريرها.
يعتبر محمد اعبية من الفنانين الذين لم يقتصر إنتاجهم على مجال الرسم الساخر فقط بل تعدى ذلك الى مجال الكتابة الأدبية التي صاغ من خلالها عدد من القصص القصيرة وبعض الخواطر بأسلوب أدبي شيق، وكان هذا إفراز لقراءاته المتعددة والمبكرة للعديد من الأعمال الأدبية العربية والعالمية.
بداية الثمانينات بدأ الفنان محمد اعبية رسم لوحات ملونة بعد ان عرف إنتاجه الفني فقط في مجال الرسوم الساخرة .
ونظرا لأنه من السكان الأصليين بمدينة طرابلس فقد بدأت هذه المدينة الزاخرة بموروثها البصري الجمالي تظهر من خلال انتاجه الملون بكل ما تحويه من تفاصيل روحية متوارثة حتى أنه يمكننا القول بأن الفنان محمد اعبية بإنتاجه الغزير ولوحاته الرائعة هو أفضل من تناول الروح الطرابلسية في أعماله الفنية رسما وتلوينا بشعرية ورهافة أظهرت مدى تعلقه بالمدينة وذاكرتها وتفاصيلها .
يعتبر محمد عبية من ضمن أكثر الفنانين الليبيين انتاجا على مستوى الكم ذلك لأنه ومنذ تقاعده عن العمل الرسمي خلال التسعينيات من القرن الماضي أصبح ملازما لمرسمه محاطا بألوانه وأصباغه ولا يخرج إلا لضرورة قصوى تستدعي الخروج متواصلا مع تجارب عديدة وخوض لا يتوقف مع اللون وسبر أغوار المادة وتأثيراتها وما تحققه من نتائج .
حقا لقد كان مرسمه ورشة تجارب متعددة تقودها روح البحث رسما وتخطيطا وتلوينا وطباعة وتصويرا واستكشافا لطبيعة المادة وتوظيفها ومعرفة نتائجها.
كان أيضا محمد اعبيه من أهم المتتبعين لتاريخ الوطن الثقافي قارئا ولاظما بكل عناية ودقة لتفاصيل وجماليات يطرحها بروح المحبة والاعتزاز والصدق.
في أسلوبه الجميل والفريد تقنية وتعبيرا الذي حدد طبيعة لوحاته .لم يخضع الى أية أساليب فنية محددة بشروط أكاديمية، لكنه فقط عول على ذاته المبدعة وفطرته الطرابلسية الغنية بموروث زاخر بتنوعها المسموع والمرأى والاجتماعي .
كان يتحدث بروح الفنان والأديب عن طرابلس الستينيات عن تفاصيل دقيقة كونت ذائقة المدينة وتقاليدها حديث العارف والعاشق والمريد .
شارك محمد اعبية في اغلب المعارض التي اقيمت بمدينة طرابلس منذ تسعينيات القرن الماضي وكان من صفاته الحرص الشديد على لوحاته من أية تصرفات تصدر عن الآخرين وخاصة من سدة الحكومات المتتالية بالدولة .هذا الحرص كون توجسا ملحوظا اتجاه الدولة وعلاقاتها بالإبداع وأيضا اتجاه الوسط الإعلامي الذي لم يحقق نضجا ووعيا اتجاه رسالة الفن ودوره
سافرت اكثر من مرة مع الفنان الصديق محمد اعبية (رحمه الله) خارج البلاد ضمن مشاركات فنية ومعارض كان من أهمها مشاركة بمعرض بألمانيا مدينة (هانموندن) قرب مدينة (كاسل)أواخر تسعينيات القرن الماضي وكان خير رفيق بجمال روحه واحاديثه الشيقة .. ولطف معشره …
رحمة الله عليه…