
قالوا: الشطرنج لعبة العظماء، رقعةٌ منقوشة بمصائر الملوك، معارك تُخاض بالعقل لا بالسيوف. جلست أمامها مرارًا، أحاول أن أقرأها كما يقرأ العارفُ وجهَ السماء قبل المطر، لكن الرقعة ظلت غريبة، أحجارها متصلبة في أماكنها، كأنها تستهزئ بي، كأنها تعرف أنني لم أفهمها يومًا ولن أفهمها أبدًا.
أُقلب الفرس بين أصابعي، أفكر: لماذا يتحرك هكذا؟ لماذا لا يختار طريقًا أبسط؟ ثم أنظر إلى الملك المسكين، هذا الذي يُحاط بجنوده كأنهم يحبونه، لكنهم في النهاية يتركونه يسقط وحده.
حاولتُ أن ألعبها ذات مرة، لكنني كنت كمن يحارب في معركة لا يدري من العدو فيها ومن الصديق. قلبي مال إلى الجنود الصغار، أولئك الذين يضحّون بأنفسهم ليفتحوا الطريق، لكنني حين علمت أنهم قد يصبحون ملوكًا أو وزيرًا إن نجوا، شعرت بالخيبة—حتى في اللعبة، كل شيء مدفوع بالمكاسب!
ربما لهذا لم أفهمها، لم أشأ أن أفهمها. الحياة مليئةٌ بما يكفي من الخطط والمناورات، فلماذا أختار أن أُرهق نفسي برقعةٍ أخرى؟ قلتُ لمن حاول تعليمي ذات مرة: “أنا لا ألعب الشطرنج، لأنني أرفض أن أعيش بخطواتٍ محسوبة، وأكره أن أكون جنديًا يموت ليحيا غيره!”
ثم تركتهم يلعبون، بينما جلستُ أراقب، أبتسم لنفسي—لعلّني رغم كل شيء، انتصرتُ على اللعبة التي لم تفهمني قبل أن أفهمها.
لعبة الشطرنج التي لم أفهما أبدا.