طيوب المراجعات

قاهرة اليوم الضائع.. عندما يكون الأدب معارضاً

غلاف رواية (قاهرة اليوم الضائع) للأديب المصري “إبراهيم عبد المجيد”

يأخذنا الروائي المصري الكبير إبراهيم عبد المجيد في رحلة غير مألوفة إلى شوارع العاصمة المصرية القاهرة من خلال روايته الجديدة “قاهرة اليوم الضائع” ليشارك معنا تاريخ أبرز شوارع هذه المدينة العريقة، وليخبرنا بأبرز التغييرات والتحويرات التي طرأت على هذه الشوارع التي لم تعد كما تعود عليها معاصروها عند تشييدها.

عبد المجيد لا يكتفي بالحديث عن الشوارع التي تغير الكثير من معالمها، ولكنه يأخذنا في مقارنات حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تبدلت هي الأخرى، بل وساءت على نحو غير متوقع، وسط غياب الفعل المجتمعي الذي يعجز عن أحداث أي تغيير في ظل سلطة تبطش بأي صوت يخالف توجهاتها فهناك إشارة واضحة إلى تراجع قيمة العملة المحلية، فيقول أحد شخوص الرواية عن أحد محال الصرافة المغلقة” كنّا نغيّر عنده الدولار بثمانين قرشا في آخر السبعينات” ص16 من الرواية.

وتشير الرواية بشكل لا لبس فيه إلى غياب أي أفق سياسي إصلاحي، حيث تكون السلطة متربصة بمعارضيها الذين دعو عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى النزول إلى الشوارع احتجاجاً على الأوضاع التي تعيشها البلاد، ولكن هذه الدعوة، تواجه بفتور ولا مبالاة قد تدوم طويلا، وتبين الرواية مدى المراقبة التي تفرضها السلطات على المواطنين وأفكارهم، فيقول ضابط شرطة لبطل الرواية ” لستَ وحدكَ الذي يستطيع أن يُحوّل الخيال إلى حقيقة. نحن نراقب أفكارك ونعرف. وطبعا أنتان تتفوّق على وزارة الداخلية.” ص35 من الرواية. من جهة أخرى، تظهر شخصيات سياسية كانت تحكم مصر سابقا، لتكون من أبطال الرواية، مثل الملك فاروق والرئيس الراحل محمد حسني مبارك، وكل منهما في متن الرواية ينتقد الشعب على عجزه عن أحداث التغيير، وهنا اللذان أطاحت بهما حركات التغيير مثلما حدث في يوليو 1952 وفي يناير 2011.، وينتقد الملك فاروق من خلال الرواية الأوضاع السياسية في مصر عبر الرواية فيقول” كنتم تخرجون في مظاهرات ضدّي، الآن ومنذ 1952 لا تستطيعون حتّي أن تفكّروا في شتيمة الحاكم.” ص106 الرواية.

عبد المجيد، يشير في روايته إلى أن الفن يعيش أكثر من السلطة السياسية التي تغنى بها أو السلطة السياسية التي منعته، وهو هنا أشار إلى أغنية لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، تغنى فيها بالملك فاروق بصفته راعيا للفن، ولكن سلطة جمال عبد الناصر منعت جزءا من الأغنية مدح الملك فاروق، وتمر الأيام والعقود، ويعود الجزء المفقود من الأغنية للانتشار بعد التطور التقني عبر مواقع الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي. فيتحدث الراوي عن أغنية أنشودة الفن التي قدمها الموسيقار محمد عبد الوهاب، ويقول أحد مقاطعها الأصلية “والفن مين انصفه غير كلمة من مولاه والفن مين شرفه غير الفاروق و رعاه”ص97 من الرواية والقصد هنا من الفاروق، هو الملك فاروق الذي حكم مصر في الفترة بين 1936-1952.

عمل أدبي، بنكهة سياسية خالصة، في وقت أغلقت فيه كل المنافذ أمام الأصوات المستقلة والمعارضة، وسط ضغوط اقتصادية أثرت على المجتمع بكل فئاته.

مقالات ذات علاقة

بين الفن المسرحي والقانون

المشرف العام

كتاب التطرف الديني للدكتور صالح السنوسي

رامز رمضان النويصري

كتاب التبو.. الهوية، اللغة، والتاريخ المجهول

المشرف العام

اترك تعليق