يمكن المجهر العالم من النظر لدقائق الأشياء وتبيان تركيبها، لكن هذا العالم لن يتمكن من فحص عينة كالمدينة -مثلاً-، فهو دائماً ما يعمل على عينات تمثل أجزاء من كل.
فكيف يمكننا ان نضع مدينة تحت المجهر؟
بمناسبة الجواب أسهل مما نعتقد؛ فنحن نحتاج إلى فنان!!
عين الفنان هي المجهر القادر على قراءة المدينة ككل، واستيعابها بكل تفاصيلها والإحاطة بأبعادها، وحالاتها وتبدلاتها، ومن بعد يمكن من خلال أدواته أن يعيد تشكل المشهد، سواء بالكلمة أو الصورة.
الفنان التشكيلي “صلاح بالحاج” يضع أمامنا ما رآت تحت المجهر، وجسده من خلال ريشته في لوحة بعنوان (المدينة تحت المجهر)، يقدم من خلالها رؤية مشهدية ملحمية لمدينة طرابلس، يحاول من خلالها الوقوف على أهم اللحظات التاريخية التي مرت بها، والتي لا تمثل المدينة ذاتها بقدر ما تمثل تاريخ ليبيا بشكل عام.
في قراءة عابرة للوحة، يمكن رؤية أن الفنان “بالحاج” قسم لوحته إلى ثلاث مستويات -أفيقاً-، بخلفية اعتمدت أسوار (السرايا الحمراء) كمرجعية تاريخية، كما عمد الفنان أيضاً إلى تجزئة اللوحة إلى ثلاث أجزاء -عمودياً-، بالتالي يمكننا إيجار 9 مشاهد في هذه اللوحة اختصرت ما مرت به المدينة -ليبيا- من أحداث، ومت تعيشه بشكل يومي، فنحن نشاهد في هذه اللوحة؛ ما تتعرض له المدينة، كما نرى المسيرات، وأعمال التعذيب التي تعرض لها سجناء الرأي، والحشود، وسكان المدينة، وما تملكه من فنون، وتراث ثقافي، وأيضاً الجانب المجهول من هذه المدينة في شخص الموزع. كما يمكننا ملاحظة السفينة التي شراعها أوراق نقدية في رمزية عنيق الدلالة.
قلب اللوحة، اختصر فيه الفنان حال المدينة، التي تحاول النهوض، رغم ما تعانيه، في هيئة جسد يتكئ في نية القيام، دون أن ينظر إلى الأمام، ربما خوفاً، وربما هذا الجرح الذي يخترقه، يصنع فرحة الطفل الذي يستقبل العائد المبتور. في رسالة متعددة المعاني والدلالات.
الفنان “صلاح بالحاج”، في لوحته (مدينة تحت المجهر) لا يمارس الرسم بقدر ما يعيد تشكيل واقع المدينة ويكشفه للمشاهد.
صلاح سليمان بالحاج، مواليد 1966م.
تخرج من كليه الفنون طرابلس 1993م.
متحصل على شهادة الماجستير في الفنون التشكيلة 2015م.
أقام 3 معارض شخصية؛ لحظات انتظار، ومولد حديث، وبوابه الزمن.
معرض في ألمانيا – ميونيخ، ومشاركة واحده في لندن.
شارك في العديد من المعارض داخل ليبيا.