ابحث خطاف سحري يشد القارئ من حنجرته ويقوده بالسلاسل المجنزرة الى كلماتي التي ادونها.. لقد قرأت قصاصات عن هذا الموضوع.. وعن فقرة، او جملة استهلالية على واجهة بوابة مفتوحة ومخادعة تستهوي القارئ للولوج حافيا على الاقدام دون ان يدري.. فهل يمكنني الحصول على شيء من هذا القبيل لأجد القارئ وقد علق بالطعم؟
ليس لدي أدنى فكرة عن الطعم الاكثر فعالية.. إلا أنه مهم.. لذا، سأجعل من نفسي مجنونًا، وأضع عشرة خطافات يوميًا في المياه البيضاء للصفحة.. لن أفكر في القصة والى أين ستأخذني.. ولكن قد يكون من بينها خطاف جيد.
لا أدعي أنني أتقن هذا الفن، ولكن من المؤكد أن الجحيم عندما يشعر القارئ بالملل.. وينزوي بعيدا.. وهذا غير ممتع.. لهذا السبب، قضيت ليلة أمس أفكر بتروي في سرد قصة ذلك الطبيب الاختصاصي بالأمراض السياسية.. وهو يضع مرفقيه على مساند المنضدة.. وينصت باهتمام الى سياسي بارع اصيب بنوبة سعال حاد بعدما ارتجل مساء أمس خطابا في حشد كبير من الناس.. وانه لا يزال يشعر بالغثيان لغياب التصفيق الجامح الذي اعتاد عليه الجمهور.. وقد صارح الطبيب وهمس في اذنه قائلا: ” ربما لأنني حشوت خطابي بأكاذيب يصعب تقبلها.. ولم اغلفها جيدا كما في عادتي “.
لم تعجبني القصة.. ولم ارى فيها الخطاف الذي ابحث عنه.. اذ لا شيء يشد القارئ لمجرد اخباره بحقيقة سياسي يعاني ركام الاكاذيب وهو الذي اعتاد على سماعها منهم.. فماذا لو اضفت.. ان الطبيب الحائر.. لم يتأخر في تشخيص الحالة.. ووضع السياسي بغرفة العناية المركزة.. بعدما أجري له عملية استئصال الطحال.. والكبد.. وزرع ضمير صناعي.. ايضا لم تعجبني مجرد وصف لوقائع.
ابحث عن استهلالية لقصة أكثر تشويقا للقارئ: “سطعت شمس الظهيرة هنا بواحتي الزيغن بصحراء فزان.. وها انا اطوف شوارع القرية رفقة فوج سياحي اوروبي في جولة استطلاعية.. يسألني أحدهم عن جمع غفير يصدحون محتجين على اسعار البنزين.. ونواب يهدؤون من روعهم.. ويعدونهم.. وأطفال يركضون جيئة وذهابا، يطاردون الحمام.. ويستمتعون بتمضية الوقت بالحدائق الخضراء.. وشرطي مرور يساند شيخ عجوز منهك عبر الشارع للتو.. وابواق تصدح لرتل سيارات مصفحة تعبر الطريق الدائري السريع.. قيل ان مسئول كبير من العاصمة يزور القرية لافتتاح مترو الانفاق.. (ميجو – رصاد).. ايضا لم تعجبني.
لا زالت في حالة ذهول، ابحث عن خطاف سحري.