السبت, 29 مارس 2025
قراءات

الأمثال الشعبية بين الخصوصية والعموم

كتاب (الأمثال الطرابلسية)، للأختين الباحثتين أسماء ونزيهة مصطفى الأسطى
كتاب (الأمثال الطرابلسية)، للأختين الباحثتين أسماء ونزيهة مصطفى الأسطى

صدر مؤخراً كتاب بعنوان «الأمثال الطرابلسية»* من وضع أسماء ونزيهة الأسطى، وهو كتاب عمدة في مجاله (أنفقت أسماء الأسطى في جمع مادته خمسة وأربعين عاماً متحرية عدم ورود ما تجمعه من أمثال في مؤلفات سابقة مشابهة).

وصدَّرته المعدتان بتمهيد ومقدمة ضافية تفصيلية مدققة ومؤصلة، تناولتا فيها جوانب نظرية متعلقة بأهمية الأمثال الشعبية وطبيعتها ووظيفتها الحياتية لدى الجماعة المتداولة بينها، وعلاقتها بالبيئة الجغرافية الطبيعية والاقتصادية والإرث الثقافي والحضاري لهذه البيئة وتأثيرها على منطوق المثل، بحيث يمكن أن يصاغ مضمون المثل في بيئتين مختلفتين بصياغتين مختلفتين تماماً، وجوانب نظرية أخرى.

كما تتبعتا بحس راصد وتوثيق ببليوغرافي مدقق جهود المؤلفين الليبيين السابقين في هذا المجال والعرب أيضاً الذين اهتموا بالموروث الثقافي الشعبي لبلادنا، إلى جانب ما وضعه بعض المستشرقين (من الإيطاليين بالذات، وإن كان اهتمامهم لدواعي استعمارية، وليس لمحض دوافع علمية معرفية).

وفي هذه الإطلالة على الكتاب سنشير إلى بعض الجوانب النظرية المثارة التي نعدها جوهرية.

في التمهيد تشير الباحثتان إلى تطور اللهجة الطرابلسية المحلية وابتعادها عن بعض المفردات التي صيغت بها الأمثال القديمة بحيث أصبحت هذه المفردات مهجورة وغير مفهومة للأجيال الحالية. كما تشيران إلى أملهما في أن ينال جهدهما هذا «حقه من الدراسات العلمية الجادة، التي تُعنى بالتحليل والتعمق في المعاني، بما يوثق ويفسر مراحل تطور المجتمع من النواحي المتعددة لأوجه الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية تاريخياً» (ص 5).

طالع: الشقيقتان الأسطى توقعان الأمثال الطربلسية في القبة الفلكية

في المقدمة، وتحت عنوان «الأمثال الطرابلسية لا الأمثال الشعبية» تقولان «رأينا تمييز هذا المؤلف بالعنوان (الأمثال الطرابلسية) حيث تتفرد كل بيئة بصياغة أمثالها، فهي تستل صياغاتها من مفرداتها، خاصة وأن المدينة يلتقي فيها الوافدون مع موروثهم الثقافي، حيث يتفاعلون مع المحيط، فإذا ما لاقى [مثل ما] القبول لوضوح مفرداته، انتشر […] في بيئته الجديدة، بينما يتعذر على [البعض] الآخر الذيوع والانتشار، بسبب اختلاف مفردات البيئة المصدرة للمثل وغرابتها» (ص 10- 11)، ما يعني أن ليست كل الأمثال الواردة طرابلسية المولد، ولكن طرابلس هضمتها وأدخلتها ضمن نسيجها الثقافي.

النقطة الأخيرة التي أود تناولها، هي تلك المتعلقة بإيضاح الفروق، الدقيقة نسبياً، بين المثل الشعبي والتعبير الشعبي (تسميه الباحثتان القول المأثور) والحكمة. وملاحظتي الخاصة أن الباحثتين لم تقدما تعريفًا يحدد الفرق بين المثل والتعبير الشعبي.


* الأسطى، أسماء ونزيهة. الأمثال الطرابلسية. (د. ن) طرابلس. 2024.

بوابة الوسط، الأحد 09 فبراير 2025

مقالات ذات علاقة

المطر الأحمر والرقص مع الذئاب

سالم العوكلي

في ليبيا… الشعر يواجه الحرب

سالم أبوظهير

الفيض.. وسيرته.. رواية جديدة لصالح السنوسي

المشرف العام

اترك تعليق