الثلاثاء, 8 أبريل 2025
المقالة

كلام فى الكتابة

من أعمال التشكيلي الليبي جمال الشريف (من معرض دمى)
من أعمال التشكيلي الليبي جمال الشريف (من معرض دمى)

أحيان تصبح الكتابة فعل وجود، ربما إدمان حالة من التفريغ العصبي المكبوت، وتسرية وخروج من حالة الحزن. وتتنوع الكتابة، هنا أقصد الكتابة الذاتية التي تخرج مكنون النفس، أو تعبر عن حالة شعورية بشتى صور التعبير الأدبي.

عمومًا أغرق نفسي في القراءة، وهي عادة لأشياء عديدة، أضرب عددًا من العصافير بحجر واحد، فهي لتزجية الوقت والهروب من ساعات الإظلام القسري الذي تمارسه علينا شركة الكهرباء، وأيضا للبحث عما أكتب من جديد. أقرأ بعض الروايات حديثة الصدور، وتوسيع للمعجم اللغوي وعمل إنعاش للمخزون السابق، وقد أجد صورا جديدا واسقاطات طازجة يتفتق عنها ذهن بعض الكتاب، طبعًا كل ذلك في محاولة للهروب من ضغط هموم السياسة وهموم اليومي والمعتاد.

وأنت تقرأ، حيثما تقابلك فكرة تجعلك تحن للقلم والورقة والكتابة، ومتعة تفريغ شحنة مكبوتة تطلقها شرارة فكرة شاردة من هنا وهناك، فتنسى وعودك وتأخذ في الكتابة، ولكن تكتشف حينها إنك وقعت في الفخ من جديد، عندها تتوقف وتقوم بحفظ الفكرة حتى يحين، أو أن اكتمالها ونشرها، أو على الاقل أن تبقى الفكرة حبيسة الورقة، أو مذكرة على الحاسوب حتى يفرج عنها!

عادة أصعب شيء وأنت تكتب، هو أن تفكر لمن تكتب، هل لقراء صفحتك على الفيس؟ هل تكتب كما كنت تكتب لصحيفة، تعرف أن قراءها هم من النخبة المثقفة والتي ستحاسبك على كل كلماتك وأين الجديد فيها؟ أم ستكتب لأناس تعرفهم، هم يقرؤونك دائما، يريدون أن تشعل عقولهم بسؤال جديد أو فكرة جديدة أو شيء ممتع من الكتابة الادبية؟

لابد ان تكتب ويدك طليقة، وعقلك وقلبك، لتنساب الكلمات كما تشاء، دون أن تضغط على ذهنك فكرة الرقيب، أو أن تنزل بالفكرة لترفع الآخرين لمستوها، أو أن تحلق لكى تتعب الاخرين أو تجد من تريد أن تصلهم الفكرة هناك سبقوك وهم بلهفة ينتظرون.

الكتابة مزيج من كل الأشياء الحلوة والمرة والقاسية والناعمة، سم مدسوس فيه دسم، ودسم ممرغ بالسم، وأزاهير جميلة من الأقحوان، وقوس قزح منتظم، وألوان متنافرة. هي هكذا اقبلها لتتلظى بها، واقبلها كي تقطف شيئا من ثمار الراحة اللذيذة، أو ربما شيء من البلادة اللذيذة إلى حين! فقط أبقي عينيك وأذنيك مفتوحة، لا تكن إمعة أو طبلًا أجوفًا أو ببغاءً عقله في أذنيه تنعق بما لا تفهم! أو منشفة أو منديل ورق يستعمل ثم يلقى به!

دمتم بأمن وسلام…

مقالات ذات علاقة

ضرورة الاحتياط من التاريخ

محمد الترهوني

مقالات قصيرة

محمد دربي

الخطاب الاعلامي الليبي والراي العام

مفيدة محمد جبران

اترك تعليق