الأحد, 30 مارس 2025
سعيد العريبي (حكايات وذكريات - سيرة قلم)
سيرة

من سرقات مركز الجهاد

هذا الكتاب الذي نشير إليه هنا من خلال هذه الزاوية (كتاب مسروق).. تعرض مترجمه الحقيقي.. لقرصنة فكرية متعمدة، مارسها بحقه مركز الجهاد الذي نسب ترجمته للكتاب إلى شخص آخر.

ولم يكن مترجمه الحقيقي الدكتور إبراهيم المهدوي – كما أخبرني شخصيا – يعلم أنه سوف يتعرض لقرصنة فكرية متعمدة.. وأن حقوقه في ترجمة الكتاب المشار إليه سوف تصادر.. وأن جهوده المضنية التي بذلها لسنوات طوال، سوف تقابل بالتجاهل والجحود والنكران.. ودونما كلمة شكرك أو شهادة تقدير.. كل ذلك لم يكن في حسبان الدكتور إبراهيم.. حينما سلم للدكتور عبد الله إبراهيم مدير فرع مركز الجهاد بمدينة بنغازي .. مخطوطه المترجم عن اللغة الإيطالية للكتاب المشار إليه.

أحال الدكتور عبد الله المخطوط مع نسخة أصلية للكتاب.. إلى إدارة النشر والترجمة بالمقر الرئيسي لمركز الجهاد بطرابلس.. وانتظر الدكتور إبراهيم طويلا.. متوقعا بين شهر وآخر أن يرد إليه من مركز الجهاد ما يفيد بعرض الكتاب على لجنة مختصة.. أو حتى مجرد رسالة بسيطة تفيد باستلامه.. الأمر الذي اضطره إلى الذهاب بنفسه للسؤال عن سبب تأخرهم في الرد عليه بقبول نشر الكتاب أو رفضه.

250 دينارا لا غير: قيمة ترجمة الكتاب عن الإيطالية.. !!!

وهناك.. وما أدراك ما هناك.. هناك خلف كواليس مركز الجهاد.. حيث تصادر الحقوق الفكرية، ويقدم أقوام ويؤخر آخرون لاعتبارات جهوية مقيتة.. هناك فوجئ الدكتور إبراهيم بالخبر الذي نزل عليه كالصاعقة، والذي يفيد بصدور الكتاب باسم مترجم آخر.. وكنوع من الترضية سُـلم له صك بقيمة: 250 دينارا نظير جهوده في ترجمة الكتاب.. هكذا وبكل بساطة.

 هكذا وبلا خجل.. تصادر الحقوق الفكرية هناك.. وهكذا يقدر الوالغون في ثروة مركز الجهاد.. جهود المترجم الحقيقي للكتاب التي استغرقت الأشهر والسنوات بـمبلغ زهيد قدره: 250 دينارا لا غير.

اعترض الدكتور إبراهيم.. واحتج على هذا التصرف المشين.. وتقدم للقضاء كي ينصفه.. وحاول جاهدا من أجل أن يسترد حقوقه في الترجمة.. ولكن دون جدوى.. فالمحامي الذي كان متحمسا للأمر خذله وفتر حماسه وتخلى عن القضية.. ومركز الجهاد تجاهله.. لعلمهم بأن المترجم المزيف للكتاب شخصية معروفة في طرابلس.. وليس من السهل على هذا القادم من شرق البلاد مقارعته أو الحصول منه على حق.

وليس هذا وحسب: بل إنه وحينما ألح في مطالبه قال له مدير مركز الجهاد بلا مقدمات وباللهجة العامية الصرفة: (إن كان موش عاجبك.. عدي اشكي وين ما يعجبك).

وعلمت جامعة (قاريونس) بمأساة الدكتور إبراهيم فوافقت مشكورة على نشر نسخة الترجمة الحقيقة للكتاب.. وبالفعل نشر الكتاب سنة: 1992.. بنسخته الحقيقية غير المزورة تحت عنوانه الأصلي:

(العلاقــات البحريــة بيــن ليبيا وإيطاليـا: تاريــخ البحريــة الليبيــة.. تأليف: كاميللو مانفرو.. ترجمة وتقديم:  د. إبراهيم أحمد المهدوي).

بينما كان عنوان النسخة المزيفة التي نشرت سنة: 1988 كالتالي:

(إيطاليا في الأحداث البحرية الطرابلسية.. تأليف: كامللو منفروني/ ترجمة الأستــاذ: عمـر محمد الباروني/ مراجعـة الدكتور: صلاح الدين الســوري.

وبذلك دخلت هاتان الطبعتان إلى المكتبة الليبية.. كشهادة حية على جريمة فكرية متعمدة.. من قبل جهة اعتبارية لها وزنها وقيمتها.. ضد أستاذ متخصص وأكاديمي بارز ومرموق.. له أيضا وزنه واعتباره كونه مؤلفا ومترجما للعديد من الكتب التي تدرس في الجامعات.. ويرجع إليها المهتمون والدارسون.

نعم.. تأسفت لكل ذلك: ولم أجد ما أنهي به حديثي عن هذا الكتاب بأفضل من تعليق المترجم نفسه.. الذي ظلم من قيل مركز الجهاد مرتين.. مرة عندما صادر حقه في كتابه: العلاقات البحرية بين ليبيا وإيطاليا.. ونشره باسم شخص آخر.. ومرة أخرى عندما منع نشر كتابه: على بعد خطوة من حبل المشنقة.. على ذلك يقول الدكتور إبراهيم المهدوي معلقا: (وهكذا يتضح جليا.. أن من أهم أهداف مركز الجهاد طمس حقيقة الجهاد الليبي.. بل العمل على تقزيم أبطال عاشوا في الظل خلال حكم الطاغية وأعوانه.. بينما يسارع وفي نفس الوقت.. بتمجيد أقزام كوالد الطاغية نفسه.. حتى أصبح المركز يعرف لدى البعض بـ “مركز الجهاد ضد الليبيين”.. !!!

حقاً.. لقد كان مركز الجهاد كذلك

فقد أتاح هذا المركز للمقربين من رئيسه.. فرصة الاستفادة الكاملة من ميزانية خصصت له بملايين الدولارات.. مكنتهم من زيارة أغلب دول العالم للسياحة وللتبشير بفكر زعيم البلاد علناً أو سراً.. كل ذلك كان بتأييد أحد الرفاق المقيم بالمركز.. وبتوجيهات ومعاونة أحمد إبراهيم وأتباعه الذين كان من بينهم رئيس الجامعة السابق.. الذي كان عضوا باللجان الغوغائية منذ عام: 1976م.. وغيرهم ممن يعرفهم الأحرار الذين عملوا في مجالات البحث العلمي والتعليم الجامعي).

آمل أن تتاح لي فرصة إجراء لقاء مع الدكتور المهدوي.. ليحدث القراء من خلاله – مباشرة وبلا وسيط – عن كل القضايا التي أشرنا إليها في حديثنا عن كتابيه المترجمين.. الأول الذي قدمه لمركز الجهاد.. فنشره باسم شخص آخر.. والثاني الذي كان لمركز الجهاد دور بارز في منع نشره.. فسبقه إلى نشره ناشر آخر.. ودون أن يذكر اسم مترجمه.. !!!

ملاحظة بالخصوص:

في اتصال هاتفي مع السيد/ أنور فكيني.. أخبرني بأن مترجم كتاب: على بعد خطوة من المشنقة.. الذي أشرنا إليه في الجزء السابق.. (تونسي).. لكنه لم يخبرني عن الأسباب التي حالت دون وضع اسمه على الكتاب.

وهنا وبالمناسبة.. آمل مرة أخرى: أن تتاح لي فرصة إجراء لقاء مع السيد أنور.. ليحدثنا عن كتاب جده محمد فكيني.. وعن مذكراته ووثائقه التي لم تنشر.. وعن المشاكل التي حالت دون نشر كتابه: (قبل ثورة فبراير.. وتوزيعه داخل البلاد.. وهل كان لمركز الجهاد دور في ذلك..؟ ولماذا لا يحرص مركز الجهاد على نشر مثل هذه الوثائق التاريخية الهامة.. التي كان لأصحابها دور كبير في صناعة أحداثها.. والوقوف على مجرياتها وتفاصيلها.. باعتبارهم شهود عيان..؟

وللعلم:

فقد نشرت هذا الجزء قبل انتقال السيد أنور افكيني إلى الرفيق الأعلـى.. رحمه الله رحمة واسعـة.

مقالات ذات علاقة

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (45)

حواء القمودي

للتاريخ فقط (14)

عبدالحميد بطاو

مدام حلومة!

المشرف العام

اترك تعليق