محمد الشريف
قد لا تكون الأمثلة التي أسوقها هنا دقيقة بما فيه الكفاية، مما يستدعي تركيز النظر إلى القمر عوضاً عن الإصبع الذي يشير إليه، وأي تصحيح أو إثراء للأمثلة هو موضع ترحيب وعناق حار.
أقول وبالله التوفيق إننا إذا رسمنا حدوداً على خريطة ليبيا تفصل المناطق على أساس الفوارق في اللهجة، كأن نضع خطاً يحيط بالمدن التي تتحول فيها كلمة “امشي” إلى “عَدِّي” ، قد تكون بداية هذا الخط من زليتن إلى مصراتة إلى سرت ومنها إلى الشرق والجنوب، ليفصل بينها وبين مدن الخمس وطرابلس والزاوية إلى حدود تونس.
وإذا ما أخذنا تحول عبارة “عدي لاورا” إلى “وخر لتالي” كمعيار آخر، فقد يقسم هذا التحديد ليبيا إلى شطرين.
تُعرف هذه الحدود الجغرافية التي تميز المناطق بناء على اختلافات اللهجة بـالإيسوجلوس (Isogloss)، وهي حدود افتراضية يضعها اللغويون على الخريطة لتوصيف التباين في بعض الخصائص اللغوية بين مجموعات تشترك في اللغة أو اللهجة، ومن ضمن هذه الخصائص:
* النطق (Pronunciation)، كتغير نطق كلمة “Dado” الإيطالية، التي تعني “برغي” بالعربية، إلى “دادو” في الشرق و”ضاضو” في بعض مناطق غرب ليبيا، مما يعكس مفهوم الاقتراض بنوعيه النقي (Pure) والتطويعي (Naturalized).
* المعنى (Meaning)، كاختلاف معنى كلمة “مفوز”، والتي تطلق في بعض مناطق الشرق الليبي على الإشارة الضوئية “السيمافرو” بينما تطلق في أغلب مناطق الغرب على الشخص الذي بذل جهدا كبيرا حتى أصبح منهكاً.
* التراكيب النحوية (Syntactic structures) مثل تركيبة “قاعد ما جاش” شائعة الاستعمال في الغرب وهي تركيبة نحوية خاطئة بالنسبة لمناطق أخرى.
الإيسوغلوس في ليبيا يعد مساحة خصبة للبحث الأكاديمي، وكون هذه الفوارق اللغوية جزءًا لا يتجزأ من ثراء التراث اللغوي والثقافي الليبي، فإن التعرف على هذه الاختلافات لا يقدم لنا دراسة لغوية قيمة فحسب، بل يعزز أيضًا من تقديرنا لهذا التنوع الجميل.
#isogloss #heterogloss #dialectmap #dialect_line #dialectical_boundary