الطيوب | متابعة وتصوير : مهنَّد سليمان
استضاف بيت اسكندر للفنون بالمدينة القديمة طرابلس مساء يوم الخميس 20 مارس الجاري، جلسة حوارية حملت عنوان (قراءة في أعمال الفنان التشكيلي علي الزويك)، وذلك ضمن فعاليات الدورة الثالثة من موسم ليالي المدينة – أيام الخير لعام 2025. شارك في الجلسة الكاتب والناقد منصور أبو شناف، والكاتب حسين المزداوي، وأدارتها الكاتبة الصحفية سالمة المدني. الجدير بالإشارة أن بيت اسكندر كان افتتح قبل أيام معرضا خاصا بأعمال التشكيلي الراحل علي الزويك.
بيت اسكندر.. وفاءً للفن والفنانين
استهلت المدني الحوار بالتأكيد على الدور البارز الذي يلعبه بيت اسكندر في دعم الفنون الجميلة في ليبيا، إذ لم تقتصر جهوده الداعمة على إقامة المعارض والورش التدريبية، بل كان أيضًا منصة تمنح الجوائز التحفيزية للقامات والمواهب، مما ساهم في إثراء المشهد التشكيلي الليبي. وأشارت المدني إلى أن هذا البيت العريق يحمل في طياته قيمة نادرة من الوفاء للفنانين التشكيليين الليبيين، حيث خصص إحدى قاعاته تكريمًا للفنان التشكيلي الراحل مرعي التليسي، وها هو اليوم يحتفي بتجربة علي الزويك من خلال هذه الجلسة الفنية الثرية.
.
علي الزويك.. فنان الخيبة والتمرد
وأضافت المدني أن الفنان التشكيلي علي الزويك عُرف بأسلوبه الفريد الذي طبع لوحاته بمسحة من الحزن والتأمل العميق. استلهمت أعماله من التاريخ والواقع والتناقضات الإنسانية، إذ كانت تتأرجح بين استدعاء الماضي وتجسيد الألم والخيبة في الحاضر. لم يكن الزويك مجرد رسام، بل كان أيضًا شاهداً بصريًا على تحولات الزمن، حيث مزج بين التعبير الواقعي والرؤية الرمزية في لوحاته.


كما أبرز الكاتب منصور أبو شناف في مداخلته السياق التاريخي الذي انتمى إليه الزويك، مشيرًا إلى أن جيل الزويك الذي نشأ بين ظهرانيه كان جيلًا مثقلًا بالخيبات، عاش ما بعد هزيمة حرب 1967 وتعرّض لصدمات فكرية وسياسية وثقافية كبرى فكان هذا الجيل يبحث عن بدائل لما كان يجري في أروقة السياسة والثقافة وكافة المجالات إثر تلك الهزيمة العسكرية بدأ المثقف والفنان العربي في مراجعة كل الأطروحات التي سادت لفترة طويلة، وكان هذا التحول هو بداية عملية البحث عن خيارات جديدة في السياسة والثقافة، ويتابع أبوشناف : هذا التأثير انعكس بوضوح في أعمال الزويك التي حملت روح البحث عن هوية بصرية جديدة، بعيدة عن الشعارات الكبرى، وأكثر قربًا من التعبير الذاتي العميق والمعبّرة أكثر عن ملامح الحياة الريفية موضحا أن الزويك نهل من مدارس ما بعد الحداثة الأوروبية خاصة أثناء وجوده هناك، مستلهمًا منها ملامح جديدة. ولكن الأهم من ذلك هو الموقف الجوهري الذي تبناه، وهو القطع مع الماضي بهدف بناء لغة فنية جديدة ترتكز على التجديد والتحول، وهو ما يمثل المرحلة التالية في تطور الفن
الزويك والعالمية
أما الكاتب حسين المزداوي، فقد سلط الضوء على الجانب الآخر من مسيرة الزويك، وهو حضور أعماله على المستوى العالمي. إذ عرضت لوحاته في سويسرا، النمسا، بلجيكا، فرنسا، مصر، وإسبانيا، ما جعله أحد الفنانين الليبيين القلائل الذين نجحوا في إيصال الفن التشكيلي الليبي إلى محافل دولية. ورغم هذا الانتشار، بقي الزويك مرتبطًا بجذوره الليبية، وظلت أعماله تعكس البيئة المحلية والصراعات الداخلية للإنسان العربي، وتطرق المزداوي كذلك إلى خواص شخصية الزويك التي تجنح غالبا إلى الصعلكة والتصوف .
غياب المتحف.. فجوة في المشهد الفني الليبي
في المقابل نوه المزداوي إلى إشكالية غياب متحف للفنون الحديثة في ليبيا، معتبرًا أن هذا الفراغ يحرم الأجيال الجديدة من التواصل الحقيقي مع الأعمال الفنية. وأكد أن الفن التشكيلي ليس مجرد لوحات تُشاهد، بل تجربة بصرية تحتاج إلى تفاعل عميق ومتكرر، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون فضاءات عرض دائمة تحتضن هذا الإبداع.
واختتمت الجلسة بتبادل النقاشات بين الحضور حول إرث الزويك الفني وتأثيره في المشهد التشكيلي الليبي، حيث كانت أمسية استماع واكتشاف، غاصت في أعماق تجربة فنان ترك بصمته الخاصة، وخلّف وراءه لوحات تحكي قصة الحياة، الألم، والبحث عن المعنى.




