استضافت إذاعة طرابلس المحلية بقاعة المحاضرات بالقبة الفلكية أمسية شعرية أحياها الشاعر “مفتاح العمّاري“، وذلك ضمن سلسلة البرامج الثقافية للإذاعة خلال شهر رمضان المبارك لعام 2024م ليلة يوم الأحد 31 من شهر مارس المنصرم، وتولى تقديم الأمسية الشاعر والروائي “محمد عياد المغبوب” وسط كوكبة متنوعة للنخب الأدبية والصحفية ومتذوّقي الشعر.
البذخ الشعري
فيما انبرى الشاعر مفتاح العمّاري على المنصة يشدو بباقة متفرّدة من أهم وأبرز ومضاته النثرية وقصائده الشعرية فالقصيدة لدى العمّاري تمتاز ببناء هندسي شديد البذخ تؤثثه لغة تُضيء عيون المستقبل، وقد نمد خطوة نحو الأمام حين نقول بأن للشعر العمّاري أكوان متعددة تعكسها مرآة تحضن شظاياه فها هو ينشد قائلا (يحتاج الألف إلى حرف ثان لكي لا يكون وحيدا، وحرف ثالث لتأسيس عائلة وربما إلى حرفين آخرين أو أكثر لمزاولة الصيد، وزراعة الأحلام وخوض معركة وكتابة قصيدة) للعمّاري شعر يُشبه محنة الهمزة على الألف الممدودة التي أرغمتها القاعدة النحوية على تحقيق شرط التوازن ما بين السماء والأرض، قد يتساءل المتلقي أحيانا كيف نُدرك الشعر أو ربما متى يُدرَك الشعر؟ فما تلبث الموسيقى إلا أن تزيد الحفل صخبا والمعاني حُبلى بما وراء الغبار .
انتصار الموسيقى على النار
كما يخوض العمّاري في نص ثان تفسيره لحكمة أن يكون المرء جزءا من سِفر كون يُشير إليه النهار بالبنان كلما أرهف الخطو لمِشية امرأة عابرة (أحيطكِ بعيني التي صارت عينك، وأحرسك بفمي فمي الوحيد الذي قال المرأة مسافة الرجل)، ويتوقف العمّاري في نص ثالث مؤكدا أن للقصيدة سبع جهات(جهة ظل السامع، وجهة لمن يرى الظلال كأنها حقل مرايا، وأخرى سماء تربض بين وجه وفراغ، وجهة محض صدر قدمين ولا شيء بعد ذلك يأتي)، وفي النص القادم تطفو الموسيقى على كف العمّاري فهو ليس بحاجة للعزف على الأوتار فقط يكفيه أن يُداعب الريح بأصابعه كي تعلن القصيدة عن نجاتها من الحريق الأعظم(حيث لا يصمد طويلا في الحرب تشبث بالموسيقى تلك الرفيعة شبيهة السر فهمها كانت عظمة النار وحدها الموسيقى لا تحترق).