المقالة

عن المطر والتعليم المبلل بالعطلات

المطر
المطر

في الستينيات كنا نفرح بالمطر لا لأنه يجلب لنا عطلة، بل نفرح به لأنه مطر، أضاف لطفولتنا شيء من البهجة نشعر بها ولا نستطع وصفها إلا بابتسامة تكتسي وجوهنا رغم انف البرد والزكام، كنا  نغادر بيوتنا بعد ان يستمع كل منا لنصيحة والدته التي تطلقها من امام باب البيت: (انكان عطت فكه.. اجرو جري، بيش توصلوا المدرستكم ساخنين، وانكان تقاوت اول ساس واللا ضلالية الكم)..

كنا في بعض الاحيان نشارك بعض الطلبة الموسرين (شماسياتهم) او نتسلق عربة (كارو) تدنينا من مدرستنا، وفي آخر النهار نعود نصف مبللين اومبللين تماماً لتسعفنا الوالدة باكواب سحلب بالقرفة ابقتها من إفطار الصباح، اغلب الطلبة الصغار الذين غسلتهم الامطار ذهاباً وإياباً، لم يعقهم الشتاء وشدته عن النجاح، منهم الآن أطباء ومهندسون ومعلمون وقضاة وضباط ووو، كانت تقديراتنا معقولة في زمن معقول رغم أنف الفقر، تتراوح بين المقبول والجيد والجيد جدا و بعضنا كان يحضى بكعكة او إثنتين تتيح له عمل دور ثاني، اما صاحب الثلاث كعكات الحمراء واكثر فلابد له من إعادة العام، البعض وهم قلة على راي ادببنا ( ناجي الحربي ) يجد مكتوب امام إسمه راسب في جميع المواد عدا الرسم..

الناجحون والراسبون جميعهم  تلك الايام كان يجمعهم حب الدراسة والمطر، فالمطر الشديد والشتاء الكثير البرودة كان يكسبنا كوب سحلب إضافي وقسطل مشوي في كانون مشتعل على الدوام، الفارق الوحيد بين من نجحوا في دراستهم زمان وبين من فشلوا هو ان الناجحين اغلبهم عانى الكثير ولا يزال يعاني اليوم في تقسيم راتبه التقاعدي على متطلبات البيت ؟ بينما ذاك الذي لم ينجح إلا في مادة الرسم  ينعم ولا حسد بملايين من محلاته التجارية وشركاته التي يشتغل بها أولئك الذين لم تُزين شهاداتهم الدراسية كعكة حمراء واحدة.. لازلنا نحب الشتاء والمطر ولازلنا لليوم كلما اقبل الشتاء نفرح به رغم ضعف قدرتنا على تحمل برده الشديد ورغم غياب نكهة كوب السحلب الذي باركته كف مباركة، ورغم غياب (القسطل) الذي لم يعد لنا القدرة إلا على تذكرتلك الأيام

(وينما الشتاء يطرق علينا الباب..

نفرح ايطربنا ابكا الميزاب..

ونرفع ايدينا للسما نلاقي المطر..

ونضحك علي عمي عمر..

ا وهو يقول ياعويلتي :

خشو مطر

خشو مطر

خشو مطر..)

كل شتاء وأنتم (امعطلين).. واشبوب يا مطلوب.

مقالات ذات علاقة

على شاهدة الشويرف

أمين مازن

جميعا عند الجدار الأخير

عمر الكدي

1. الهوية الوطنية والحضارية الجامعة

علي بوخريص

اترك تعليق