أربعون العلامة الشيخ عبداللطيف الشويرف؛ توفى في 13 مايو 2024م.
ودّعت طرابلس عصر الثلاثاء الأستاذ الكبير عبد اللطيف الشويرف عن عمر تجاوز الثانية والتسعين سنة، إذ كان من مواليد 1931 من القرن الماضي بالمدينة القديمة التي كان والده قد اتخذها موطناً عندما نزحت الأسرة من غريان وولد السيد عبد اللطيف وبقية الأسرة حيث كانت النشأة والتكوين وانطلاق الحياة من ميدان التعليم الذي أُجيز فيه مُدرساً بآواخر الأربعينيات ومن ثم بروزه في مدرسة الظهرة ريثما قامت دولة الاستقلال وأنشأت ضمن ما أنشأت مجلس الولاية التشريعي واحتياجه إلى مُدوني المضابط وغيرها من الشؤون، فأُعلِنَ عن مسابقة اجتازها وأظهر بعدها كفاءته، ولم يعدم من يلتفت إلى مقدرته وحثه على المواصلة كما ذكر في إحدى حواراته بالعقود الأخيرة. وقد تسنى لي على الصعيد الشخصي أن أعرف المرحوم بذات المجلس في منتصف الخمسينيات أو بعدها بقليل، وبين العمل والتدريب ومواصلة التحصيل والتطور الوظيفي كانت المرحلة المشتركة، حيث امتاز الرجل على جميع أقرانه ليجمع بين العمل الذي كان عموده الفقري ثم خوض العمل الصحفي والإذاعي انطلاقا من صحيفة الليبي التي أسسها المرحوم علي الديب وقدّرَ كفاءة الشويرف ولم يبخل بتشجيعه على مواصلة السير، والذي بلغ ذروته بنقله إلى الولاية سكرتيراً عاماً للمجلس التنفيذي بعد أن كان قد استلم السكرتارية العامة للمجلس التشريعي. إنها المرحلة التي بلغت ذروتها بإلغاء النظام الاتحادي وتَشَكُّل وزارة يرأسها الدكتور فكيني حمل فيها الشويرف حقيبة الإنباء والإرشاد، حرص الشويرف أن يقتصد فيها بالدعاية ويكون أكثر اهتكاما بالشأن الثقافي كما ولم يتخلَّ عن المشاركة الدولية والحرص على الحضور والعطاء الجاد حتى صار الرجل أول من يُشار إليه بالبنان في العطاء الجاد والحضور المميز والزهد في أي تحرّك يشي بالوصولية أو التنصّل من أي هوية قد تعوق صعوده، لقد تقدم إلى الانتخابات وأعاد حساباته عندما وُزِّعَت الدوائر بطريقة تبين فيها تشتيت الأصوات، وفوتِحَ في العام الثامن والستين في استلام جمعية البر والمساعدات الاجتماعية كمشروع سياسي غير موجه، فقدّرَ المهمة دون أن يتهافت عليها، وعندما قُدِّرَ للنظام الملكي أن يزول، أحجم عن أي حديث قد يُسيء لغيره كما فهمت من صاحب المشروع المرحوم عبد الحميد البكوش الذي أكبر في الشويرف امتناعه عن أي حديث يتعلق بالمرحلة وقد يكون مدعاة لسرور رجال العهد الثوري، وذلك لأن الفقيد من ذوي الثوابت التي لا تتأثر بالعهود وتُدرك أن ما يجمع بين الوطنيين فوق السُلَط وغنائم السُلَط ومراكز السُلَط، وإذا كنت أفخر بهذا المشوار الطويل مع الأستاذ الشويرف وأحمد الله أن لم أتردد في الاعتراف له بالفضل الشخصي والدور الريادي وأن يكون من جانبه قد وقف على ذلك في حياته. فالعزاء الصادق لآله أبناءً وأحفاداً وعارفين وللوطنيين الذين يعرفون دوره وصدقه وترفّعه، متوسلاً إلى الله أن يتولّاه برحمته ويُحسن نُزله يوم لا ينفع مالا ولا بنون.