بلد الطيوب/ خاص
صدر هذا العام كتاب (العاشقة الطرابلسية) للكاتب يونس شعبان الفنادي متضمناً قراءات نقدية أعدها حول جميع إصدارات الأديبة فوزية بشير شلابي أول امرأة ليبية تتولى منصب وزيرة للإعلام والثقافة في ليبيا، وأول شاعرة تصدر ديواناً نسوياً في ليبيا كذلك.
ويمثل صدور هذا الكتاب مغامرة جرئية وخطوة شجاعة غير مسبوقة في تسليط الضوء على الإنتاج الأدبي لشخصية نسوية في ليبيا تبنت الفكر التقدمي منذ نعومة أظافرها وبدايات نبوغها الشبابي وانخراطها في المناشط المدرسية والجامعية التي برز فيها تفوقها الأكاديمي وتحصيلها العلمي في تخصص الفلسفة وتخرجها بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، ثم اعتناقها الأيديولوجيا الثورية وتصديها للدفاع عنها بالعديد من الأدبيات وكتابة المقالات الصحفية السياسية، أثناء توليها العديد من المناصب القيادية العليا في مجال الإعلام والثقافة إبآن النظام الجماهيري.
وعند تصفح كتاب (العاشقة الطرابلسية) الذي جاء في أكثر من مائتي صفحة من الحجم المتوسط، نلاحظ أن موضوعاته وقراءاته لم تقترب من الكتابات السياسية والمقالات الفكرية الأيديولوجية للأديبة فوزية شلابي، بل اقتصرت على تقديم مقالات انطباعية حول جميع إصداراتها في الشعر والرواية والقصة القصيرة وبعض القراءات النقدية فحسب، وهذا المنهج يبرز فطنة المؤلف يونس الفنادي وأفقه الفكري حين وضع مخطط كتابه (العاشقة الطرابلسية) وحدد مساراته ليكون في إطار الأدب والشعر والقصة والرواية وعدم تناول كتابات التوجهات والأيديولوجية والمقالات السياسية لدى الأديبة فوزية شلابي مبتعداً عن بؤر التوتر الخلافية معها.
ولتسليط مزيد من الضوء حول كتاب (العاشقة الطرابلسية) كان لنا هذا اللقاء مع مؤلفه / يونس الفنادي:
1) بداية ألف مبروك صدور (العاشقة الطرابلسية) في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام… ما هو شعورك؟
ج2) الله يبارك فيك، وشكراً لك على هذه التهنئة الخاصة ب(العاشقة الطرابلسية)، ولكن أحب أن أشير بأن دورة هذا العام 2024م لمعرض القاهرة الدولي للكتاب قد صدرت لي فيها ثلاثة كتب، كتابان منها لدور نشر ليبية وثالث لدار نشر أردنية، حيث صدر كتابي (في رحاب القصيد) عن دار نشر السراج في طرابلس، وكتابي (جماليات النصّ الأدبي) عن دار ناشرون وموزعون في الأردن، وكتابي (العاشقة الطرابلسية) عن دار الرواد بطرابلس، وهو الذي أشرت إليه حضرتك ونال اهتمام الكثيرين، وهذه الإصدارات تغمرني بالفرح بلا شك، وإصدار ثلاثة كتب دفعة واحدة يأتي للتأكيد والإيمان بقدرة الإنسان والكاتب على تحدي ظروفه والتزاماته الاجتماعية كافةً، ومشاكسة الزمن الهارب، والاستثمار المثمر للوقت في المطالعات والكتابة، والحمد لله… أحسها قفزة رائعة .. فشكراً لأسرتي .. زوجتي وبناتي اللاتي وفرن لي الوقت لإنجاز كلِّ هذا.
2) لماذا تميز كتابك (العاشقة الطرابلسية) عن الإصدارات الأخرى حسب رأيك؟
ج2) والله بالنسبة لي كلهم كتبي، وكلهم متميزون، ولكلِّ كتاب قيمته ومغامراته الخاصة، ولذة تعبه وجهده. وبالنسبة لي مثلاً فإن صدور كتاب لكاتب ليبي في دولة عربية أعده تميزاً خاصاً، يحقق انتشاراً للأدب وللكاتب الليبي بصرف النظر عن كوني أنا صاحب الكتاب أو غيري. أما كتاب (العاشقة الطرابلسية) ففي تصوري أن تميزه مضاعف، ويحمل بهجات متعددة وليس مجرد بهجة إصدار واحدة فقط.
س3) كيف ذلك؟
ج3) يكمن تميز كتابي (العاشقة الطرابلسية) ليس لأني أنا مؤلفه أو كاتب موضوعاته أو صاحب فكرته، بل لأن نصوص الأديبة فوزية شلابي نفسها مشاكسة للقاريء ومتميزة من حيث قيمتها الإبداعية، وتستحق الاعتناء والقراءة، إضافة إلى أن شخصية الأستاذة المبدعة نفسها وما ظل يصاحبها حتى الآن من تصنيفات جدلية متباينة سياسياً، وكأديبة لامعة في الوسط الثقافي يجعل صدور كتاب عنها حدث مهم. وبالتالي فإنه حتى لو قام كاتب آخر غيري بهذا الجهد وتناول إبداعاتها المتعددة، وأصدر كتاباً عنها لنال الاهتمام والتميز، لأنه كما ذكرت التميز يكمن في النصّ الأساسي وليس في غيره، ولأهمية ومكانة الشخصية الأصل وليس للفرع الثانوي. وأنا بهجتي مضاعفة لأني رأيتُ فكرتي التي برقت في ذهني ذات لحظة ثم تحولت إلى مشروع عمل لإصدار المخطوط المطبوع، قد تحققت وصدرت في كتاب صار الآن على أرفف المكتبات، وبين أيدي القراء، يحظى بالتعليقات المختلفة والمزيد من الإضافات حول إبداعات الأديبة فوزية شلابي، وربما أيضاً يثير الجدل والحوار والنقاش حوله سواء بالتأييد أو المعارضة أو أي مستوى من النقاش الموضوعي الهادف، الذي يحرك السكون ويهزم الصمت في المشهد النقدي. فأنا أومن بأن ولادة أي كتاب يعد أضافة معرفية للفكر الإنساني عموماً، بجميع ما يقدمه من قضايا أو يفجره من أسئلة فكرية، وكلُّ الكتب الصادرة لها ما لها، وعليها ما عليها، إلا كتاب الله، الذي لا يأتيه الباطل لا من بين يديه ولا من خلفه، وبالتالي مرحباً بكل كتاب يصدر سواء لي أو لغيري لأنه يحمل معرفةً وفكراً وأسئلة، وأهلاً بكل النقود والأسئلة والتعليقات حول ما تضمنه كتابي (العاشقة الطرابلسية).
س4) في (العاشقة الطرابلسية) لم تقترب من السياسة ولم تتناول مقالات فوزية شلابي السياسية. ما تعليقك؟
ج4) هذا صحيح. ولكن سامحني .. هل من الضروري أن يكون لاعب كرة القدم الماهر، في نفس الوقت لاعباً ماهراً في الشطرنج أو كرة السلة مثلاً؟ بالتاكيد لا. وصحيح قولك بأنني لم اقتربْ من السياسة في (العاشقة الطرابلسية) لأني حددتُ مسار ومنهج كتابي ليكون في إطار الكتب الصادرة للأستاذة فوزية شلابي ومقتصراً عليها فقط، حتى يبدو كملخصٍ جامعٍ لها يتضمن انطباعاتي حولها، أو نافذة مشرعة على إنتاجها الأدبي، وبالتالي فإن هذا التجميع يوفر قراءة أدبية شاملة بقلمي، وإن كانت موجزة أو مختصرة، عن أدب الأستاذة فوزية شلابي من خلال جميع كتبها الصادرة في أجناس الشعر والقصة والرواية والمقالات النقدية الفكرية، ويضمها غلاف واحد وبين دفتي كتاب جامع، وربما هذا يحفز آخرين لقراءات ودراسات وكتابات أخرى تتشارك أو تتقاطع مع ما كتبته.
ولاشك أن سؤالك يجعلني أقترح بل وأدعو أن يهتم كاتب أو باحث آخر غيري بالتنقيب عن المقالات السياسية للأديبة فوزية شلابي في أرشيفنا الصحفي، ويسعى لرصدها وتجميعها ونقدها وإصدارها، وبلا شك فإن ذلك، إن تم إنجازه، سيمثل إضافة مهمة للمشهد الصحفي والتوثيقي في ليبيا.
س5) تبدو المقدمة التي كتبها الأديب منصور بوشناف نغمة مغايرة لموضوعات الكتاب. كيف تراها؟
ج5) أولاً أنا أحترم كلَّ كتابات الرأي وإن تباينت مضامينها واختلفت أساليبها. وبصرف النظر عمَّا ورد في تلك المقدمة، وسواء كانت في سياق موضوعات كتابي (العاشقة الطرابلسية) أو حادت عنها، فإنني مدين للأستاذ الأديب الكبير منصور بوشناف بدعمه وترحيبه بكتابة مقدمة هذا الكتاب التي أعتز بها واحترم ما جاء فيها. وللأمانة فمنذ أولى لحظات حديثي معه، واقتراحي عليه، ودعوتي له بكتابة مقدمة للكتاب رحب جداً بذلك، وشجعني على إصدار الكتاب حتى من قبل أن يقرأ المخطوط، وبعد أن سلمته المخطوط بأيام قليلة أرسل لي المقدمة فنشرتها كما وردتني. والأديب منصور بوشناف هو نموذج للإنسان المتصالح مع ذاته أولاً، ومع الآخر أياً كان ثانياً، فهو كما نعرف دفع من عمره وزهرة شبابه 12 سنة بالسجن، مقسمة على ثلاثة سجون الكويفيه، والحصان الأسود، وأبوسليم، إلاّ أنه لم يزايد أو يساوم بمحنة تلك السنوات العمرية الشبابية، حيث كان بإمكانه الإعتذار عن كتابة مقدمة كتاب عن الأديبة فوزية شلابي لموقف سياسي مخالف مثلاً أو لأي سبب آخر، ولكنه تجاوز كل ذلك بروحه المفعمة بالإنسانية والمحبة للحياة، وأنا سأظل مديناً له بمقدمته التي شرّفني بها لكتابي (العاشقة الطرابلسية)، ويظل ما كتبه في المقدمة يمثل رأيه الشخصي الذي نحترمه ونقدره حتى وإن لم يتوافق مع فكرنا ورأينا.
س6) هل حقاً أن مكتبة الكونغرس الأمريكي صارت تحتضن نُسخاً من كتابك (العاشقة الطرابلسية)؟
المكتبات في معظم دول العالم تشتري مطبوعات وإصدارات وكتب من جميع الدول وفي شتى التخصصات. ومكتبة الكونغرس بالولايات المتحدة الأمريكية التي تعد من أكبر مكتبات العالم بها نسخ نادرة من القرآن الكريم وملايين الكتب الأخرى في شتى المواضيع، ولا غرابة في أن يكون كتابي (العاشقة الطرابلسية) ضمن تلك الملايين. وفعلاً أخبرني أحد أصدقائي من الكتاب الليبيين الذين حضروا فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام أن مكتبة الكونغرس الأمريكي اقتنت نسخاً من (العاشقة الطرابلسية) ولا أعرف تفاصيل ذاك الخبر، ولكني حين تصفحت موقع مكتبة الكونجرس الأمريكي على شبكة الانترنت وجدت الكتاب ضمن محتويات الفهرس أو الكاتالوج الخاص بها، مما يؤكد فعلاً قول صديقي، ويسعدني بالطبع أن يكون كتابي على أرفف تلك المكتبة العالمية الضخمة وغيرها كذلك.
وفي جميع الأحوال صار الكتاب الآن متاحاً للجميع سواء في مكتبة الكونغرس أو بصالة دار الرواد بذات العماد بطرابلس أو في القاهرة أو بنغازي أو غيرها،. ويسعدني أن أضيف لك معلومة أخرى بأن الصديق الناشر السيد/ سراج الدين بطيخ أخبرني أن مكتبة الكونجرس قد اقتنت منه شخصياً كذلك نسخاً من كتابي (في رحاب القصيد) الصادر عن دار السراج للنشر التي يملكها، وهذا خبر مفرح أيضاً.
س7) هل وجد الكتاب اهتماماً من الكتاب وكان له صدى في الوسط الثقافي؟
لا أدعي أنه نال اهتمام الكثيرين، ولكن دعني أقول أنه مثل أي كتاب يصدر، هناك من يرحب به ويحتفي بصدوره، وهناك من يعبر عن ملاحظاته حوله، وهناك أيضاً من لا يهتم به إطلاقاً. وأنا سعيد بكل التبريكات التي وصلتني والملاحظات القيمة حوله والتي أبرزها رسالة خصَّني بها الصحفي القدير الأستاذ عبدالرحمن الجعيدي، عبّر فيها عن سعادته بهذا الكتاب، وصرّح لي ببعض الاعترافات والخصوصيات حول علاقته بالأديبة فوزية شلابي ومقدمتها التي استهل بها كتابه (أدنى من الموت)، وأنا ممتن له جداً على كل ما تفضل به.
س8) كلمة أخيرة
أشكركم على اهتمامكم ويسعدني كثيراً أن استقبل التعليقات والنقود حول كتابي (العاشقة الطرابلسية)، مع شكري الجزيل كذلك لكل من الأستاذ سالم السعدون صاحب دار الرواد التي نشرت الكتاب، وللفنان محمد القماطي المقيم بالولايات المتحدة الامريكية الذي أهداني بورتريه الغلاف، وللأستاذ محمود البوسيفي على دعمه اللامحدود وتشجيعه الدائم لإصدار هذا الكتاب وغيره، ولجميع المواقع الألكترونية والصحف التي أسهمت في التعريف بهذا الإصدار المهم .. والشكر موصول أيضاً لجميع القراء الأكارم الذين أمل أن أنال استحسانهم وقبولهم لكل ما ورد في (العاشقة الطرابلسية).