صفية الفرجاني
عزيزي
كيف هي الحياة معك؟
أتراها لطيفة أم أنها تقسو عليك مع مرور الأيام!
اليوم أنا في مزاج جيد للكتابة لك، لكنني أتسأل من أين أبدأ لأكتب لك وأين أنتهي وأحط رحال قلمي المتعب؟
عزيزي
البارحة غرقت في تذكر تفاصيلك، أغمضت عيني وحاولت أن أراك أمامي وبجانبي وفي كل مرة كدت أن أرسم صورتك الكاملة كنت تتلاشى..
تتلاشى كالعتمة التي تسبق شروق الشمس.. وتتسرب كالشفق الذي يسبق الغروب.. كنت عابرا في خيالي.. أما تفاصيلك فقد وُشمت داخلي..
كنت عابرا بعد أن كنت وحدك من تسكن دهاليز الروح وتعرف أدق خلجاتها..
رسمت ضحكتك.. يديك.. شعرك..
حاجبيك.. عينيك..
رسمت نبرة صوتك الحاني.. ورائحة عطرك الدافئة..
وحين لملمت الخطوط لتصير الصورة كاملة تلاشيت فوق أرفف خيالي المرهق.. تاركاً صدى ملامحك مدويا في أفق عقلي المختنق بالذكريات والدمعات..
كنت عابرا بينما بقى كل شيء يخصك داخلي.. بقي مجزأ لا يحتمل الجمع لكنه يرضى بالفرقة..
كل جزء منك كان يهزمني كلما واجهتني ذاكرتي.. بأجزائك المبعثرة في كل زاوية من حياتي.. كنت عابرا ومجزأ ومبهجا ومحزنا وغنيا ومقفرا في آن واحد معاً
كنت أود أن أحملك معي كاملا دون نقصان..
لكن يا عزيزي
مبكرا دهستني الحياة.. قبل التمتع بزهوة صباي.. قبل أن أضحك ببلاهة من شدة التفاؤل..
كنت أتمنى أن يكون قدومك تعويضا عما طحنتني الحياة به من مصاعب والآلام.. كنت أتمنى أن تدعني الحياة ألحق الفرح قبل أن يفوت الأوان.. لكن الحياة لا تعرف العدل بل تجيد المساومة أكثر..
الحياة جعلتني وجعلتك عابرون..
منحتنا الفرصة لنلتقي وتتقاطع مساراتنا ونتمازج في منتصف طريقنا.. منحتنا اللحظة الواحدة التي نذكرها.. مقابل الكثير من اللحظات التي ننساها..
الحياة عادلة بطريقتها الخاصة.. الحياة جعلتنا عابرون لكننا وحدنا الباقون.. في العتمة قبل الشروق.. والشفق قبل الغروب..
دوما سأغمض عيني لأجد صورتك الكاملة
لأرى وجهك بذات اللهفة الأولى
وحتما يوما ما سأفعل..
أيها العابر
29-06-2022