
لا تمنحك عائشة إبراهيم فرصة لتتهرب من قراءة روايتها “حرب الغزالة”، فالحرب بينك وبين صفحات هذه الرواية تبدأ دون مقدمات ومن الصفحات الأولى، فهي تأخذ بكل جوارحك إلى مكان غير مكانك وزمان غير زمانك في صحارى مجهولة من جغرافية ليبيا وأزمنة غابرة كانت فيها الألوان مغايرة لما نراه اليوم.
يكون الاسم خادعاً، فتبدو الغزالة هي محور الرواية، بيد أن البشر بنزاعاتهم وشهواتهم يشكلون الخط الخفي للنص الأدبي بدون مباشرة فجة قد تسيئ للعمل الإبداعي.
في روايتنا هذه، تأكيد لإن البشر جُبلوا فطرياً على الصراع، ويكون الصراع في روايتنا هذه متعدد المستويات، فهو تارة بين ممالك، وتارة أخرى بين قبائل، وفي موضع آخر هو صراع بين امرأتين، وصراع أزلي بين الخير والشر.
تُحاول عائشة في هذا النص استكشاف الصحراء الليبية من جديد، بداية بالجغرافيا في جبال أكاكوس، وصولا لقبائل الموهيجاج، حيث كانت الحياة، وغابت لفترة طويلة جداً، فتعيد الرواية كتابة تاريخ غابر، تاه تحت لهيب الشمس الحارقة وذرات الرمال الخادعة، وتأتينا الرسائل من عازف الموسيقى ميكارت ليخبرنا بأن الفن ولد في هذه الأرض قبل الجفاف العظيم، فيما تأتي هيريديس مصممة الأزياء المبدعة في وقت السلم والمحاربة الرشيقة التي لا يُشق لها غبار وقت الحرب لتقول بأن المرأة كان لها شأن كبير في هذه الأرض، أما الملكة تندروس فهي تعطينا دروساً في فن الحُكم، وتكشف لنا عورات السلطة، والغيرة التي تتملك الحاكم من أي نجاح لمن يحيطون به خصوصا إذا كانت سيدة في وضعية هذه الملكة الطامحة للخلود.
لاشك أن روايتنا هذه استحقت عن جدارة أن تكون ضمن القائمة الطويلة لجائزة المان بوكر للرواية العربية، وهي بذلك أعطت زخماً جديدا للرواية الليبية، بيد أن الرواية كان من الممكن أن تكون ثرية وأعمق في صراع بعض الشخصيات والأحداث تحديدا في الحرب الأخيرة بين مملكة الماغيو والموهيجاج، ما كان سيعطيها فرصة لتكون مرشحة متميزة لهذه الجائزة المثيرة للجدل!