قصة

تفاصيل..

من أعمال التشكيلي العراقي سعد علي

كان طيفها، مصدر عذابه، وعينيه دامعتين، ذابلتين، أحس دائما بروحها تجول حول المكان، ما جعل تعابير وجهه متمردة، فظنه الناس رجلٌ من لهب، يركض في حلبة العمر السوداء، تدوي صرخة مكبوتة للحزن بين حنايا قلبه.. يلعن الزمن، ويخزي القدر ذلك الوغد القذر الذي اغتصب مشاعره.. فما أقسى أن يتقن الإنسان اختيار قناعه، حتى ال يشعر أحد بأنه طريد، ضائع، بالموطن، وال يدري بأي مكان يرسو..

تلسعه عقارب الأيام، تدوسه، تكتم أنفاسه، يفقد هويته، وربما تاريخه، والأنكى من كل ذلك إحساسه بفقدانه لديمومته.. يركض متعثر الخطوات بين أروقة الزمن، يمعن النظر إلى كل الوجوه من حوله، تتراءى له غريبة، يعتريها الشحوب، يخفي ملامحها وتفاصيلها.. ووحدها ملامح وجهها تشعره بأنها تحتويه، ينظر إلى عينيها اللتان تفيضان شوقا، ويتمنى في نفسه لو تسكنه داخلهما، لتحميه من سهام نظراتها، ولئلا يراه غيرها.. كتب لها ذات لهفة يقول:

سأكتب بدمعك أروع الكلام. وارسم برموشك، أجمل لوحة لوجهك على كفي الأيمن، لأنظر إليك كلما دعوت ربي في صالتي..

قالت قبل مجيئك كنت أعيش خلف ستارٍ حديدي منيع، أحطت به نفسي، فضلت العيش في براح مغلق، بعيدا عن كل من يحاول اختراق دفاعاتي التي اعتقدتها حصينة.. ولكنك، بابتسامتك الرقيقة التي ال تفارق شفتيك، وحنانك الدافق، وذكاؤك، ورقتك، أصبح كل شيء قابل للكسر!

قال في لحظة خاطفة تحول مزيج القوة، والضعف، اللذان كانا يتدفقان من أعماقي، إلى شيء غريب يجذبني إليك بعنفوان، ومنذ ذلك الحين لم أعد أتكلم إلا الشعر، وال أكتب إلا الحب..

قالت: ملامحك صحيفتي التي أجيد قراءة ما بين سطورها.

قال: كلما نظرت إليك، تصير ابتسامتك دندنتي الوحيدة التي يستهويني الاستماع إليها، وأقضي جل وقتي في تأمل خمائل وجهك.

قالت: دع حلمنا ينمو لتزقزق عصافيره، تطير، تحلق، عاليا، وتعيش.

قال: لكني….. وابتلع ما كان يود قوله.

قالت: ما بك؟

قال: أخشى على ريش أجنحتها من رياح الفتن، وإلا أصبحت أعشاشها مهجورة كئيبة!

قالت: صدقت، لقد بت أحس بوهج نارها يلفعني.

قال: لعن الله من أيقظها.

11/3/2014

مقالات ذات علاقة

الـمـلـكـة

هدى القرقني

وادي لبخوت

آية الوشيش

زينب

أحمد يوسف عقيلة

2 تعليقات

حسين بن قرين درمشاكي 14 أبريل, 2021 at 05:27

شكرا لموقع الطيوب على بهاء التوثيق وسخاء النشر..والف تحية ووردة لصديقي النبيل الشاعر المبدع أ. رامز رمضان النويصري.. Ramez Enwesri ..

_درمشاكي_

رد
المشرف العام 14 أبريل, 2021 at 13:20

الشكر موصول لك ولإبداعك

رد

اترك تعليق