قصة

الـمـلـكـة

مكتية (الصورة: عن الشبكة)

 
كنت أحب دائماً الذهاب إلى بيت عمي، كانت حفاوة زوجته واستقبالها لي تجعلني لا أتردد في الذهاب، فقد كانت بشوشة الوجه ودودة وكريمة …ولكن ما كان يدعوني أكثر للذهاب، ليس هذا فقط، وإنما تلك المكتبة الكبيرة المختالة بالكتب المختلفة الأحجام والألوان، وأسماء الروايات والرسومات التي على أغلفتها، فقد كانت تبهرني أنا المراهقة التي بدأت مخيلتها تتعلق بقصص الحب الجميلة، وتصنع لنفسها عالمها الخاص ما بين نقاوة “جين إير” وجمال الـ”اسميرالدا” …
 
كان عمي يتركني ألتقط ما يجذبني من عناوين وقصص، شرط أن أعيد كل شيء إلى مكانه، فقد كانت المكتبة مرتبة بأبجدية وأرقام وتنظيم يليق بها، وكان يخبرني كيف تحصل على كل كتاب، وكيف كانت له قصة معه …
 
كنت أقضي الساعات وأنا أقرأ، وزوجة عمي تكرمني بالشاي والفطائر، وكثيراً ما تجلس بجانبي وعلى وجهها فضول، وهي ترى هذه السعادة على وجهي وكأنها تقول ليتني مثلك …
 
عدت يوماً بعد غياب طويل، وذهبت إلى هناك، فقد كان بي شوق لرؤيتها واسترجاع ذكرياتي الجميلة معها. دخلت إلى البيت، كان بارداً تخنقه الكآبة، لم تقابلني تلك الابتسامة، ولا يد عمي الدافئة وهي تضم يدي. نظرت إلى مكانها!! لم أجدها، لم تكن هناك!! شعرت بالغصة، أين هي؟ أين الملكة؟
 
يا الله!! لقد أخذت مكانها عارضة زجاجية، تضم التحف والكريستال والأواني الفضية، لا شيء من أثرها ولا حتى صورة لجلالتها تقول لقد كنت هنا …
لم أجرؤ على السؤال!! ولكن دمعت عيناي لأجلها، فقد آثرت هي أيضاً الرحيل مع أصحابها.

مقالات ذات علاقة

أزهار المستـودع

محمد العنيزي

التفتيت البطيء

محمد المسلاتي

القلم

فتحي محمد مسعود

اترك تعليق