إن الإنسان عالم فسيح جدا، لم ولن يستكمل علم النفس دراسته إلى ما شاء الله.
مهم لكل إنسان أن يدرس نفسه في رحلة بحثه عن ذاته، ليصل لقيمه ومبادئه النبيلة فيميط الغبار عنها، ليرسخ الخير بداخله فيرى بريق معدنه ويصل لفطرته النقية؛ لاهتماماته الحقيقية؛ لمزاياه فينميها وعيوبه فيقللها إلى أدنى المستويات؛ ليصل لقناعاته وأفكاره وخواطره فيزنها بميزان الخير فيقبل ما يتوافق مع الخير ويعرض عن السوء ولا يأبه له قدر المستطاع، ليصل لوجهة نظره ورؤيته ورأيه وقراره ويحرص على أن يكون موافقا للخير ما استطاع.
إن رحلة البحث عن الذات – من وجهة نظري الخاصة – تبدأ عندما ترجع بنظرك إلى نفسك لتنظر ما بها – أي ما بداخلها – أخير غالب أم سوء غالب، فتسعى إلى نتيجة مرجوة تود تحقيقها وهي أن يغلب الخير بداخلك على السوء وبأن يقل السوء إلى أدنى المستويات، عندها يبدأ انعكاس الخير بخارجك.
ساعة صفو مع نفسك فمراجعة واستدراك، فكثير من المهملات تريد تنقية، التنقية؛ للوصول إلى نقاء الفطرة؛ صفاء السريرة؛ رجاحة العقل والذهن؛ الرشد؛ سلامة القلب؛ طمأنينة النفس؛ الرضا؛ بترسيخ كل القيم والمبادئ النبيلة وتعزيز كافة القناعات والأفكار والخواطر الحسنة؛ يتطلب منك الاتزان التصالح والتسامح، التقابل والتعارف، الاجتماع والتحاور، التشاور والتوافق مع الخير، التآلف مع كل الأخيار لنشر الخير وتنميته أينما كنت والتوفيق بالله.
إن ترسيخ الخير بداخلك سبب وجيه لانعكاسه بخارجك، هذا ما نبحث عنه، أن يغلب خيرنا على سوئنا، هذا ما نبحث عنه تماما، العودة وليس المضي قدما !، فقد تكون العودة هي المضي ذاته !، أفهل كنا لنتعلم شيئا لو ولدنا نعلم كل شيء ؟!، إن قيمة العقل نظره في العواقب لا استفهاماته عن الأحداث، يجب أن لا نستفهم كثيرا عن الأحداث فهناك حكمة تقول : حد العقل النظر في العواقب والرضا بما يجري به القضاء؛ وحكمة تقول : لا يزال المرء يتعلم ويتعلم حتى يظن نفسه علم فجهل.
العودة، هي العودة بنظرك إلى نفسك ليغلب الخير بداخلك على السوء، فبداية الإصلاح بداخلك ومن ثم يكون انعكاسا بخارجك؛ النهاية مبدأ البداية، فلا تتبع سوءا يجرك إلى ما لا يحمد عقباه وانظر إلى الخير لتبدأ بالخير؛ تأمل تفكر تدبر فالتدبر نظر في عواقب الأمور قبل بداياتها، اتبع خيرا يضيف عليك وعلى كل من حولك جمالا لا يحصيه مقال؛ وهذه كانت وصية الإمام بن حنبل لابنه : يا بني انوِ الخيرَ، فإنك لا تزالُ بخيرٍ ما نويتَ الخير.
لازلنا بخير ما نوينا الخير، فكما قال المصطفى الحبيب صلوات الله وسلامه عليه : (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)؛ فلننوي الخير نكن بخير : اللهم إنا نوينا الخير خالصا لوجهك الكريم وابتغاء لمرضاتك فوفقنا لكل ما فيه الخير ومحبتك ومرضاتك أنت ولي التوفيق بيدك الخير إنك على كل شيء قدير.
17 / مارس / 2017