قراءات

القصة القصيرة الحاضرة الغائبة في الأدب الليبي

قراءة في كتاب (القصة القصيرة في ليبيا .. نشأتها وتطورها) للدكتورة الفاضلة: فوزية محمد بريون

فوزية بريون توقع كتاب القصة الليبية القصيرة
فوزية بريون توقع كتاب القصة الليبية القصيرة

يعد الكتاب من المصادر المهمة في القصة الليبية فهو يعبر عن فترة زمانية صورت أبعادا اجتماعية وسياسية وثقافية في الأدب الليبي، وقد اتبعت الكاتبة منهجا تاريخيا بحلقات مترابطة تشد بعضها بعضا في الفصول والمباحث حتى نهاية الكتاب، ولذلك سنبدأ بمقدمة الكتاب التي نلتمس فيها طريقة البحث وأهدافه وهل حقق الغاية المرجوة عند الأدباء وطلاب الدراسات العليا وأهل الصحف والمجلات؟

رؤية الناقدة لمقدمة الكتاب:

1- رؤية تاريخية: أظهر الكتاب جمالية العرض في المقدمة بقول الكاتبة: (أصل هذا الكتاب أطروحة جامعية لنيل درجة الماجيستير ) وهذه دلالة تاريخية على حرص الكاتبة لاختيار الموضوع الذي يشكل محورا مهما في غياب المصادر الليبية في النشأة التاريخية للأدب الليبي، وتزداد الدراسة قوة ولمعانا  في حسن اختيار اللجنة العلمية المتمثلة في الدكتورة سهير القلماوي، والأستاذ الدكتور أحمد زكي ، والأستاذ عبد المنعم تليمة، ثم استمرت الكاتبة في عرض الذكريات العلمية والحضور الثقافي الذي جمع العرب بمختلف بلدانهم لحضور المناقشة فهي تشكل بصمة تاريخية تدل على  أهمية البحث ومكانته في الأدب الليبي.

2- رؤية في البحث العلمي: قدمت الباحثة أسباب اختيار موضوع القصة القصيرة في ليبيا نشأتها وتطورها قائلة:(كان موضوع الأطروحة الأول من نوعه، إذ لم تسبقه أبحاث أو مؤلفات تتناول نشأة فن القصة القصيرة في ليبيا) فغياب المصادر المتصلة بالبحث إشكالية كبيرة عند الباحثة تكاد المكتبة الليبية خالية من المقالات والإضاءات حول نشأة القصة القصيرة، وبالرغم من وجود الصحف والمجلات الليبية القديمة لكن غياب قراءة المشهد التاريخي والاجتماعي والثقافي بمختلف مستوياته شكل عائقا واضحا في الأدب الليبي.

فكيف تبدأ تأسيس دعائم البحث؟

 غامرت الباحثة بالوقت والبحث بين الكتب العتيقة والصحف القديمة وهذا يحتاج إلى الجهد والصبر في القراءة والكتابة حتى يؤتى البحث ثماره

خاصة في غياب وسائل التواصل شبكات النت المختلفة واعتماد على الطرق التقليدية في البحث.

لذلك تعد الدراسة من روائع النفيسة في الكتابة الليبية وإضافة قيمة للمكتبة الليبية ولمحبين الأدب الليبي.

3- الرؤية المنهجية للكتاب:

اعتمدت الباحثة على المنهج التاريخي في سرد الأبعاد التاريخية والاجتماعية والثقافية للمجتمع الليبي إضافة إلى المتابعة الدقيقة للمراجعة والتأني في الطباعة بقولها: (فعكفت على النسخة التي امتلكها أراجع مادتها، وأعيد ترتيب أبوابها وفصولها، وتنظيم مباحثها وضبط مصطلحاتها) واتبعت الدراسة الموضوعية التي تنير المباحث فجاءت القراءة واعية دقيقة في تقديم الحقائق كالمؤرخ التاريخي الذي يسجل القضايا الأدبية بأسلوب تاريخي تحليلي شيق ومتميز.

من ناحية أخرى اهتمت الباحثة بتنظيم فصول ومباحث الكتاب إضافة إلى جمالية العناوين التي تدل على بصمات التاريخ الأدبي لنشأة القصة القصيرة في ليبيا كقولها: (الوضع الثقافي في حقبة الإدارة البريطانية، التعليم في فترة الاستعمار الإيطالي، البيئة الليبية ونشأة القصة القصيرة، العوامل الممهدة لظهور القصة القصيرة، عودة القصة القصيرة في الخمسينيات) وهكذا امتزج العنوان بالتاريخ الأدبي وقد ذكرتني الباحثة بكتب شوقي ضيف الذي يعرض التاريخ بطابع أدبي يسر القراء بمختلف مستوياتهم الثقافية.

مقدمة الأطروحة ودورها في إضاءة الكتاب

اشتملت مقدمة الأطروحة على نتائج أولية للبحث وقد تكون رؤية جديدة لأبحاث قادمة منها:

1- إن موضوع دراسة القصة القصيرة في ليبيا مازال (شاغرا ومهابا حتى كون نقصا في المكتبة العربية)

2- دور الصحافة والدوريات والمجلات والمكتبات العامة التي (احتضنت بذور هذا الفن ورعتها)

3- أهمية الوثائق التاريخية في رصد بدايات القصة الليبية القصيرة مثل مجلة ليبيا المصورة. ص: 14

4-غياب بعض أعداد من المجلات الثقافية مثل مجلة صوت المربي التي تشير إلى منافذ مهمة في البحث

 5- اهتمت الدراسة باللقاءات مع الأدباء والمثقفين المعاصرين ( لجأت إلى المعمرين ومعاصري فترة الاحتلال الإيطالي والإدارة البريطانية وإلى المثقفين منهم والكتاب)، وكذلك حرصت الباحثة على (توجيه أسئلة مكتوبة إلى القصاصين المعاصرين الرواد أسألهم التأريخ لنشأة القصة القصيرة).

وفي نهاية قراءة المقدمة أقول أن الكاتبة تستحق مرتبة الشرف

نشأة القصة الليبية القصيرة الغائبة الحاضرة في الأدب الليبي

1- كانت بدايات النشأة الصحافة والمجلات

2- كانت بدايات الكتابة القصصية على شكل حكايات شعبية، والمقال القصصي وكان الهدف منهما الإصلاح الاجتماعي

اعتمدت البدايات القصصية على السرد التقريري والمباشر

3- مزج الكتاب بين التأريخ القصة القصيرة والدراسة الفنية للقصة مثل صفحة (61، 63) وغيرها والأفضل أن تكون الدراسة الفنية منفصلة عن السرد التاريخي.

4- أشارت الباحثة إلى تنوع أغراض القصة من الأخلاقية والاصلاحية إلى الرومانسية ثم الترجمة فالصورة القصصية

وهذا التدرج والتطور لنشوء القصة القصيرة يفضل اختصاره في جدول منتظم بالتاريخ، واسم الصحيفة والمجلة إضافة إلى صاحب القصة ويصبح التوثيق سهلا على القارئ والباحث.

5- يعد الكتاب موسوعة ليبية للمؤرخ، الناقد، للأديب، للإعلامي، للباحث، وأخيرا لأعضاء هيئة التدريس المتخصصين في الأدب الحديث.

6- أشار الكتاب إلى العديد من النصوص القصصية لبدايات القصة القصيرة وكذلك الشخصيات الأدبية وهي مادة دسمة للباحث والكتابة فيها واتساع الدراسة حول الشخصية وأعمالها القصصية.

يؤخذ على الباحثة وضع تشابه في العناوين الفرعية مثل:

(الارهاصات الأولى للقصة القصيرة بين الشعر والترجمة) (محاولات أولى في فن القصة القصيرة) (العوامل الممهدة لظهور القصة القصيرة) وهي عناوين متقاربة في المعنى وحبذا أن جمعت تحت عنوان العوامل الممهدة لظهور القصة وكانت عناوين فرعية مثل العامل التاريخي، الثقافي، الاجتماعي، وهذه وجهة نظر للدقة في البحث.

7- غياب دور الكتابة النسائية في الكتاب كانت مؤثرة على الساحة الفكرية والاجتماعية، والإشارة إلى المبدعات الليبيات مثل: زعيمة الباروني، مرضية النعاس، وشريفة القيادي، ونادرة العويتي، وتوجيه إشارة للكاتبات خدمة للباحث في الأدب النسوي خاصة أن الباحثة قامت بذكر المرأة في خاتمة الكتاب قائلة: (بقيت المرأة منعزلة عن الحياة العامة انعزالا عاما حماية لها من الخطط الاستعمارية ونتيجة لذلك لم تقم في ليبيا حركة علمية أو أدبية فعالة) ص: 280

8-  قراءة الحوار بالعامية في القصة الليبية، أسبابه، أعلامه، ومكانته بين الأجيال القديمة يشكل منعطفا مهما في نشأة القصة الليبية، ويحتاج إلى دراسة مستفيضة في الكتاب.   

خلاصة القول:

إن الكتاب نشأة القصة القصيرة في ليبيا نشأتها وتطورها إضافة قيمة للمكتبة الليبية، ونحن بحاجة شديدة لإضاءة القصة الليبية في بداياتها ونموها ودراسة أسباب التوقف بين الحين والآخر، وقدمت الباحثة الكريمة هدية تاريخية قيمة للمثقفين وطلاب الدراسات العليا، وللمجتمع الليبي عامة.

جزاك الله خيرا.

وبوركت جهودك القيمة. 

مقالات ذات علاقة

يونس شعبان الفنادي: السلام على منصورة*

يونس شعبان الفنادي

كرنفال الحلم والألم… قراءة في أعمال القاص الليبي عبدالرحمن جماعة

المشرف العام

الليبي معتوق بوراوي يرسم “تايتانك” الفقراء

منصور أبوشناف

اترك تعليق