كعادتي كل صباح في طريقي إلى مقر عملي في عبدون، ابتعتُ باكيت سجائر روثمان من المقهى التي سأظاهرها ووجهي إلى الشارع لاستيقاف التاكسي.. بعد تحديد مكاني الذي أُريد.. أحرص كل مرة أن أقرأ اسم السائق المكتوب ضمن الترخيص المعلق في المظلة أعلى الزجاج أمامي، المطوية في وجه الشمس… أولى فقرات مسجل التاكسي هذا الصباح راديو يبث قرآن وعند الإشارة المرورية في دوَّار الكتاب، حوَّل “فتحي شــ ……” إشارة الراديو على بي بي سي الناطقة بالعربية…
كعادتنا العرب “الكلاسيك!” نُدخِن الروثمن ونحرص على صباح بي بي سي وعالم ظهيرتها.. السائق ربما معي في عمر الخمسين، بربع لحية وكوب قهوة كبير على عادة أهل البلد هنا.. بعد فقرة عن مهرجان التصوير الفوتوغرافي في السودان جاءت نشرة الأخبار.. الخبر الرئيس جنازة شمعون بيريز وركزت بي بي سي على حضور محمود عباس “رئيس فلسطين” للجنازة في القدس المحتلة!!.. التفتُ إلى السائق فواضح من لقبه أنه فلسطيني.. لا يبدو أنه استمع !!…….
رشف من قهوته الفخمة ووضع الكوب تحت جهاز الراديو والعداد الذي تجاوز الدينار ونصف.. رشف من سيجارته ونفث بقوة وحرقة وتوقعت ردة فعله .. بالأحرى كنتُ أنتظرُ تلك الارتدادة !… زفر دخانه وردد بحسرة: يخرب بيتك يا عباس !!.
في عمَّان 30 سبتمبر 2016