سرد

لست وحيداً بعد كل شيء

من تصوير التشكيلي الليبي محمد نجيب
من تصوير التشكيلي الليبي محمد نجيب

استيقظت في منتصف الليل، وقلبي ينبض بشدة. التفت أبحث عن وجه زوجتي الوضاء، لكن الظلام كان خانقاً، كما لو أن الغرفة قد ابتلعتها الأشباح. سخونة السرير أثارت رعباً عميقاً في صدري، وأنفاس غير طبيعية تحاصرني، كأنها أنفاس كائنات من عالم آخر.

حاولت التقلب على جانبي الأيسر، لكن يا ليتني لم أفعل. شعرت بأنفاس ساخنة تتلاعب بوجهي، ولعاباً ذا رائحة كريهة يسقط على جبيني كأنه لعنة. فتحت عيني في محاولة للهروب من الكابوس، لكن ما رأيته كان أشبه برؤى الجحيم: عينان حمراوان تتقدان شراً، وفم مليء بأنياب حادة تتلألأ في الظلام، كأنها تعكس جشع الأرواح الشريرة.

أغمضت عيني مجدداً، عسى أن أستيقظ من هذا الوهم، لكنني كنت محاصراً في واقع لا يرحم. كيف تسللت الضباع إلى بيتي؟ كيف عرفت غرفتي في هذا الليل الدامس؟ أين كانت أسرتي، تلك الصور التي كانت تملأ قلبي دفئاً؟

تساءلت في يأس: هل ينص قانون مدينة الضباب على السماح للمخلوقات المفترسة بانتهاك حرمة البيوت؟ كل هذه الأفكار كانت تدور في رأسي، ومع كل لحظة كنت أشعر بثقلها وكأنها تعصرني.

لمت نفسي، لماذا أضيع الوقت في التفكير؟ افتح عينيك، واجعل الشك يتلاشى. بلمحة عزم، قررت أن أواجه هذا الكابوس.

فتحت عيني، ووجدت نفسي وجهاً لوجه مع الرعب. الضباع كانت تتأهب للهجوم، وقلبي كان يتسابق مع الزمن. شعرت بشجاعة مفاجئة تتسلل إلى عروقي، تذكرت عائلتي، وقررت أن أكون الحائط الصد. لكن في أعماقي، كانت تنبض أسئلة بلا إجابة: ماذا سيحدث إذا فشلت؟ هل كان كل شيء قد انتهى قبل أن يبدأ؟

في تلك اللحظة المفعمة بالرعب والغموض، أدركت أنني قد لا أكون وحيداً بعد كل شيء.

مقالات ذات علاقة

مدينة الضباب

فتحي محمد مسعود

من رواية ”الأطياف الناطقة“

خيرية فتحي عبدالجليل

من كتاب “بنات الغابة: سيرة النص والجسد”

سالم العوكلي

اترك تعليق