المقالة

غربة في الوطن!!

رغم مرور عقد من الزمن على احداث فبراير 2011 ورغم كل المتغيرات ورغم التعود ولو نسبيا على الوضع الحالي ولو بصعوبة ورغم الرغبة في التغير التي صاحبت تلك الاحداث وكانت مطلوبة بعيدا عن ظروفها وما خلقته من ازمات ومشاكل.. رغم كل ذلك الا ان هناك شعور نعيشه على الاقل على المستوى الشخصي في هذه السنوات التي تجاوزت العشر.. التي مرت وما صاحبها من احداث على كل الأصعدة.. ما هي الا مجرد مرحلة عابرة ننتظر بعدها العودة الى ما كنا عليه سابقا والى الحياة التي تعودنا عليها.. وهنا طبعا لا اقصد على مستوى السياسي والحكم والنظام ولكن على المستوى المعيشي اليومي والحياة العادية من روتين عمل طبيعي وجلسات خاصة عائلية وعامة وظروف تعودنا بها لسنوات طويلة نشعر اليوم اننا افتقدنها.. رغم ما قد نكون حققنه من متغيرات خاصة وعامة وحتى تحقيق بعض الاحلام التي لم نعشها سابقا لسبب او اخر..

حتى ان الواحد أصبح يشعر وكأنه في مستشفى ينتظر متى يخرج منه او انه رحلة خارج الوطن ينتظر متى يعود منها الى حضن البلاد ومشاركة العباد التي اصبحت اليوم صعبة جدا.. فحتى التعامل مع الاخرين أصبح حذرا والحديث معهم أصبح صعبا خاصة عند التطرق الى الشأن العام وفي مقدمتها الشأن السياسي.. ففي الماضي كان يكاد يكون الكل مجمع على انتقاد النظام وما يفعله حتى من هم اشد المؤيدين له اليوم ولم تكن تلك الأحاديث تتجاوز النقاش العادي ويخرج الكل احباء ولا ضغينة ولا عداء ولا غيره.. اليوم اصبحت أي كلمة في هذا الامر تحولك الى عدو وخصم وتجعلك هدفا حتى للمقربين منك ومن افراد اسرتك.. والكل يوجه التهم للكل بالخيانة والعمالة والانتماء لهذا الطرف او ذاك وبعدم الوطنية او بالخروج عن الدين مرة واحدة فقط لأنك قد تكون عبرت عن وجهة نظر او راي يخالف جليسك حتى لو كان من أقرب المقربين اليك.. ام انتقادك لشخص ما يدعمه ويؤيده فأصبح جريمة لا تغتفر أي كان الشخص.. حتى أصبح الحديث في الشأن العام مع أي شخص او طرف من الغباء وعدم المنطق الخوض فيه والتحدث حوله مع اخرين فأصبح تجنب اللقاءات الاجتماعات وحتى الجلسات العائلية العامة خاصة تلك التي تجد من لا يحلو له الحديث فيها الا عن الشأن العام من المحرمات ومن الذكاء تركها والابتعاد عنها..

ليصبح المرء يشعر انه يعيش غربة أكثر ممن هو خارج البلاد ويطلب العودة الى الحياة التي تعود عليها طيلة عقود من الزمن بكل معاناتها وازماتها وينتظر ان يعود اليها يوما ليكمل بقية حياته بشكل طبيعي دون قلق كبير او غربة يعيشها كل يوم رغم انه مازال في وطنه ودخل بيته ولكن تغير محيطه وشعبه فما بالك بمن يعيشون فعلا غربة حقيقية خارج الوطن.. فهل نعود يوما الى احضان وطننا او نعيد ما كان شخصيا واجتماعيا لا سياسيا طبعا.. ام هذا هو واقعنا ومستقبلنا ويجب علينا التعود عليه والتعامل معه كما هو مهما كان صعبا وبكل ما فيه من غربة داخل الوطن..

مقالات ذات علاقة

طحالب!..

أسماء الأسطى

دواية، ترسي تقاليد فنية غابت عن التجربة الليبية

أحمد الغماري

الفونشة… يا نغما في خاطري

سالم العوكلي

اترك تعليق