هديتي للكشافة في عيدها الخامس والستين
من أبرز المطبوعات التي ولدت بمدينة بنغازي وظلت تشع بأنوارها المعرفية وشذى بهجتها الثقافية على ربوع ليبيا الحبيبة كافة هي مجلة (جيل ورسالة) التي صدرت سنة 1964 تحت عنوان فرعي (مجلة تربوية تعنى بشؤون الشباب يصدرها كشاف ليبيا)، وهي وإن أصدرتها الحركة الكشفية في بلادنا إلا أن الكتابة في هذه المجلة العريقة لم تقتصر على منتسبي الحركة من قادة وفتيان وقائدات وزهرات وفتيات فحسب، بل احتضنت صفحاتها عديد الأسماء والأدباء والكتاب من خارجها، وأفسحت لهم فضاءً تعبيرياً أسهموا من خلاله بنشر أفكارهم ورؤاهم في شتى القضايا والمجالات الفكرية والتربوية والشبابية والدينية والاجتماعية، والارتقاء بدرجة الوعي المجتمعي والعمل على تنوير العقول وتوجيهها صوب البرامج الهادفة النبيلة التي تخدم الوطن وتحقق السعادة والرخاء لأبناءه.
ومن بين أبرز تلك الأسماء الأدبية والصحفية التي لازالت تسكن الذاكرة الوهنة وسجلت حضورها المتألق وبصماتها الراسخة في مجلة (جيل ورسالة) الأستاذ المربي التربوي فرج محمد الشويهدي، والرياضي منصور صبره، والإذاعي أحمد أنور، وفرج القماطي، وعياد موسى العوامي، وعلي الفزاني، ومحمد المسلاتي، وسالم الكبتي وفرج المذبل، وفتحي بن دردف، وإبراهيم الكوني، وسعد نافو، ومحمد قصيبات، والسينمائي لؤي بوغرارة، ومفتاح الحداد، ومحمد الريشي، ومحمد مخلوف، وعبدالحميد حميدان، وإبراهيم النجمي، والسنوسي حبيب الهوني، وبعض الكاتبات الشابات، آنذاك، مثل منيرة استيته، وسلوى يونس، وفوزية عبدالقادر، وفتحية إسماعيل، وغير أولئك كثير أثروا المجلة بمقالاتهم وزواياهم الخاصة مثل (رحلة مع كتاب) و(دروب) و(الملتقى الشعري)، إضافة لعدد من الكتاب العرب مثل الدكتور عمر فروخ من لبنان والأستاذ فاروق المحلاوي من مصر وغيرهم .. رحم الله من رحل منهم.
ومنذ انطلاقتها اختارت مجلة (جيل ورسالة) أن تفتح قنوات التبادل الفكري وتشجيع المواهب والتواصل مع القراء من خلال عدة أبواب صحفية دورية ثابتة لعل أهمها على الإطلاق صفحات (الباب المفتوح) التي ظلت تستقبل الكثير من المساهمات الأدبية والشعرية والانطباعات والآراء والانتقادات من قراء المجلة الثقافية المتنوعة عن طريق رسائلهم من جميع أنحاء ليبيا الحبيبة، بل تعدى انتشار مجلة (جيل ورسالة) حدود الجغرافيا الوطنية حتى وصلت إلى ولاية ميسوري (Missouri) غرب وسط الولايات المتحدة الأمريكية حين نشرت رسالة الكشاف مصطفى جمعة سالم (العدد الثاني، السنة السابعة، ابريل 1971م)، وكذلك رسالة الكشاف العجيلي أحمد من المركز الثقافي العربي الليبي نواكشوط بموريتانيا (العدد السابع، السنة الثامنة، 1973).
إن مجلة (جيل ورسالة) العريقة ليست مجرد مطبوعة عابرة في تاريخ مسيرتنا الصحفية الليبية الرائدة، بل هي تضاهي من حيث الأهمية الثقافية والاجتماعية في ليبيا ما حفظته لنا مجلة (المعرفة) التي كان يصدرها المركز الثقافي الأمريكي بطرابلس حين عملت على توثيق العديد من الأحداث والمناسبات بين صفحاتها، وقامت مؤخراً دار الفرجاني للنشر مشكورة بتجميع بعض ما تضمنته مجلة (المعرفة) وإعادة إصداره في مجلدات قيمة تضيف الكثير للعمل التوثيقي في ليبيا الحبيبة، وهو ما نراه يتعرض في الوقت الحالي للكثير من الإغفال والطمس وربما التدمير والتخريب في بعض المؤسسات ذات العلاقة، عبر سياسات غير بريئة هدفها التخلص من الأرشيف الوطني ومحو ذاكرة الهوية الوطنية وشخصياتها وأعلامها لغايات مريبةّ!!!.
ولذك فإن الدعوة أراها واجبة ليس لحفظ مجلة (جيل ورسالة) من الطمس فحسب، بل ضرورة توطينها في برامج حياتنا اليومية وثقافتنا وذاكراتنا الفردية والجماعية على حد سواء، فجميعنا مطالب بالاعتزاز بتاريخ هذه المجلة العريقة، والعمل على دعمها من أجل بقاءها متوهجة وحية فينا، ومواصلة إشعاعها المعرفي التنويري في مجتمعنا.
2 تعليقات
الله الله يا دنيا، باتي رحمة الله عليه الأستاذ والكاتب عبدالحميد حمدان رابح ، من فوج كشاف اجدابيا،
كانت عدة مقالات منها (رباعيات) ونقاشات .
بارك الله فيكم وجزاكم كل خير على هذه التذكرة .
نشكر مرورك الكريم