شخصيات

سلام قدري أو عبدالسلام الصادق عبدالقادر الجزيري

الذكرى العاشرة لرحيل الفنان الليبي سلام قدري

الفنان الليبي سلام قدري (الصورة: عن الشبكة)
الفنان الليبي سلام قدري (الصورة: عن الشبكة)

قال عنه عبدالرحمن قنيوة في تقديم كتابه الذي دوّنه الأستاذ مفتاح سويسي الفرجاني: (إذا احتفلت الأُمم برجالها الأوفياء ـــ أحياءً أو أمواتاً ـــ فذلك من أقدس الواجبات، وأجلّ الحقوق، لأن ذلك من باب التحدث بالنعمة والشكر عليها، والتحدث بالشكر والنعمة عليها يفرضها الدين وتوجبها الملة السمحاء، لذلك دعتنا الضرورة وألجأتنا المناسبة إلى تسطير كلمة الإخلاص والوفاء هذه في حق من هو حق للإخلاص والوفاء.).

روّاد الفن في ليبيا في القرن العشرين

 كلمة حق في فنان راقٍ ووفي

بقلم: عبد الرحمن محمد قنيوة

سافر مازال عيني تريده. حياتي زهيدة

 ناس شالوه لاوطان بعيدة

 كلمات الشاعر الغنائي الكبير عبد الحميد الشاعري، والحان أستاذ الجيل كاظم نديم محمود بن موسى رحمه الله. تغنى بها فناننا المتألق دائماً عبدالسلام الصادق عبدالقادر الجزيري (سلام قدري، عام 1957م. عام افتتاح الإذاعة الليبية ). هذه الأغنية التي ذاع صيتها في ليبيا وخارجها (على الوزن المغاربي (العلاجي 8/6)، إلى درجة أن بعض المستمعين في بعض بلدان المغرب العربي ادعوا أن هذه الأغنية من تراثهم الشعبي لولا وجود بعض مفردات هذه الأغنية الليبية الأصيلة التي تؤكد أن موطنها في ليبيا، إلى جانب عدم انتمائنا حتى الآن إلى “جمعية المؤلفين والملحنين الدوليين” التي تحفظ تراث كل أُمة وتحفظ أعمال المؤلفين والملحنين والمطربين من الضياع والسرقة، الذي تنهب فيها الأعمال الليبية الراقية من قبل المشرق والمغرب وينسبون فيها لأوطانهم ونحن نتفرج لا حول لنا ولا قوة، وحتى بعد ثورة 17 فبراير المجيدة التي كنا نأمل أن يهتم المسئولون في الدولة بهذا الموضوع الذي تجاهله العهد الماضي كليةً رغم كل المحاولات الفردية من المخلصين، ومن الفنانين لإيجاد فرع للجمعية مثل زميلاتها في كل البلاد العربية، وعدم وجود نقابة للفنانين الموسيقيين تحفظ حقوقهم وتنظم أمورهم الفنية والاجتماعية؟!!!

ولد الفنان سلام قدري عام 1934م بالمدينة القديمة في طرابلس بزنقة الشيخة زينوبة رقم (212) المتفرعة من شارع كوشة الصفار، وكان والده وأعمامه وأخوه الأكبر عبدالقادر رحمهم الله من شيوخ المدائح والأذكار والمالوف رفقة الشيخ حسن شاهين، ومصطفى السوسي، ومحمد قنيوة، وعلي وسليمان وفاتح وعبد الباسط النعال، والشيخ محمد قنيص (تومية).

نشأ في المدينة القديمة. هذه المدينة الحيوية التي تعج بالنشاط الثقافي والفني والأدبي والرياضي والتجاري والديني والحرفي والدبلوماسي أيضاً، تركت بصماتها على سكانها، وجعلت منهم أسرة واحدة متضامنة متناغمة، لا تنافر فيها رغم ما عانته من الاحتلال الإيطالي الذي كان كاتماً على أنفاسها، ومن بعده الانتداب البريطاني.

تتلمذ سلام على يد والده وأعمامه على جو المدائح والأذكار والمالوف. كان لهذه الأجواء الروحانية الأثر الكبير في صقل الموهبة التي بدأت تظهر منذ الصغر، وحبه للون العاطفي في ذلك الوقت لعبد الوهاب ورياض السنباطي وفريد الأطرش وأم كلثوم، وغيرهم.

كان التحاقه بمدرسة الفنون والصنائع الإسلامية مع أخيه محمد والفنان عبدالباسط البدري فيما بعد الأثر الكبير في صقل نبوغه في مجال الموسيقى سنة 1944م على يد أستاذ إيطالي يدعى (كوريري)، وتعلم على يديه أصول الموسيقى وآلة (الكلارينيت) وأصبح عازفاً عليها في فرقة المدرسة، كما تعلم (فن النفش والتطريز) على يد الأستاذ محمد شرميط، والرسم والزخرفة على البلاط على يد الراحل الأستاذ المهدي الشريف.

ظهرت موهبة أُخرى في حياته حيث أصبح من أشهر لاعبي كرة القدم في أكبر فريق في ليبيا وهو فريق الاتحاد، وتدرب على يد الأستاذ علي الزنتوتي بفريق النهضة للأشبال أولاً عام 1952م، وتدرج حتى وصل إلى الفريق الأول فريق الاتحاد الرياضي والثقافي والاجتماعي في مركز الظهير الأيمن، واستمر في الفريق بعد أن لعب في مبارياته داخلياً وخارجياً حتى اعتزاله اللعب في سنة 1964م.

كانت أول أغنية يؤديها هي من كلمات وألحان الفنان الراحل كاظم نديم عام 1952م يقول مطلعها:

حبيت ما اقدرتش نبيّن حبّي

 خايف لتهجرني تحطّم قلبي

الفنان الليبي سلام قدري (الصورة: عن الشبكة)
الفنان الليبي سلام قدري (الصورة: عن الشبكة)

 وقد غنى (450) أغنية تجمع أنواع الغناء، العاطفي والاجتماعي والديني والوطني، وأناشيد مهداة للوطن، ومن أهم أغنياته التي تحظى بشعبية كبيرة:-

1 عرجون فلّ، أحمد الحريري. عثمان نجيم.

2نتخاصموا هذا حرام علينا، محمود السوكني، محمد مرشان.

3 لو نعرف المكتوب، نصرالدين القبلاوي، محمد مرشان.

4 يا مبهى صوت العربية، العربي اللبادي، د. صالح المهدي (تونسي).

5 عيوني سهارى، علي السني، لحن قديم.

6 مربوع الطول، مسعود القبلاوي، سلام قدري.

7 حبيب ما قدرتش، كاظم نديم، كاظم نديم.

8 شال الدليل وعدى الغالي رحل، خديجة الجهمي، لحن قديم.

9 جرت السواقي، محمد الطاهر شقليلة، لحن قديم.

10 والله مشو، مسعود القبلاوي، سلام قدري.

11 منديلها الوردي، أحمد الحريري، سلام قدري.

12 أيام لين الورد، محمد الطاهر شقليلة، محمد الموجي.

13 تباعدت عني، خديجة الجهمي، لحن قديم.

 المطربون الذين تغنوا بألحان الفنان سلام قدري: محمد رشيد ــ محمد الجزيري ــ ليلى جمال ــ مراد اسكندر.

الشعراء الذين لحن لهم: محمد السوكني ــ علي السنّي ــ خديجة الجهمي ــ مختار بن عصمان ــ محمد حقيق ــ أحمد الحريري ــ مسعود القبلاوي ــ علي الحاراتي ــ محمد الطاهر سقليلة ــ مصطفى عبد الرحمن (مصري) ــ د.حسن عبداللطيف (مصري) ــ بشير اشتيوي ــ راشد الزبير السنوسي ــ بلقاسم النايلي ــ أحمد حمزة ــ خليفة فرج ــ عبد المجيد القمودي ــ محمود السوكني ــ مسعود بشون ــ عبدالله أبو سنوقة ــ علي الرقيعي ــ السنوسي الهوني ــ محمود رمزي ــ عبد الحميد الشاعري ــ علي الفيتوري ــ عثمان الوزري ــ وغيرهم من الشعراء.

وأكبر عدد من الألحان التي تغنى بها سلام قدري منذ بدايته وحتى الآن، هي ألحان الفنان الكبير الموسيقار كاظم نديم رحمه الله.

الفنان الليبي سلام قدري (الصورة: عن الشبكة)
الفنان الليبي سلام قدري (الصورة: عن الشبكة)

الخاتمة:

كان تشبعه بروحانيات الفن الصوفي ” المدائح والأذكار والتواشيح الدينية والمالوف ” منذ نعومة أظافره الأثر الكبير في تربعه على كرسي الطرب الأصيل كزملائه الذين ولدوا مع الفن الصوفي والمدائح والأذكار والمالوف والغزل العفيف: حسن عريبي، محمد صدقي، عبدالرحمن قنيوة، عادل عبدالمجيد، محمد أبو عجيلة الشريف.

وكانت طفولته حتى نهايتها مع القرآن و( كتّاب عبودة ) بالمدينة القديمة الذي صقل لغته العربية كزملائه الذين ذكروا سلفاً، ونطقه السليم لعلم اللغة، وكان نجاحه باهراً في تلحين القصائد باللغة العربية الفصحى.

كان لسماعه للطرب الليبي الذي عاصره للفنانين: مختار شاكر المرابط ــ محمد سليم ــ مختار الداقرة ــ خليل التارزي ــ كامل القاضي ــ عثمان نجيم ــ أحمد عاشور ــ إبراهيم برناز ــ مصطفى الفلاح ــ علي الحداد ــ بشير فهمي ــ كاظم نديم ــ محمد مرشان ــ محمد الدهماني ــ محمد الفرجاني ــ امحمد حسن بي ــ جمال الدين الميلادي. الأثر الفاعل في زيادة مخزونه الفني طوال عمره المديد.

ومن الفنانين العرب: محمد عبدالوهاب ــ فريد الأطرش ــ رياض السنباطي ــ زكرياء أحمد ــ محمد القصبجي.

كانت مشاركاته داخل الوطن وخارجه، ومعرفته بكبار الفنانين شرقاً وغرباً الأثر الكبير في اتساع شهرته الفنية وقيمته التي ارتفعت لتشمل جماليات الفن الليبي الأصيل الذي نأمل أن يهتم به قطاع الإعلام والثقافة والسياحة وغيرهم من المؤسسات التي تعتني بتقدم الوطن ورفع شأن فنانيه وعلمائه في شتى المجالات.

كان اقتحامه لفن التلحين في عام 1960م واعتماده كملحن في إذاعة صوت العرب في مصر الكنانة عام 1964م (62) عاماً ــ من عام 1952م الأثر الكبير في زيادة الأعمال الرائدة والألحان، ولازال عطاؤه رغم مرضه قائماً ــ

 ندرة التوثيق قد نغفل بها عن حقائق لم تذكر في حق هذا الفنان الكبير وغيره من زملائه. فحقه أكبر من ذلك، وهذا باختصار كبير لما يجب أن يُذكر عنه من فضائل الأعمال، ولقد ربطت أسرتا الجزيري وقنيوة روابط محبة بين الآباء والأبناء فيما بعد. فسلام يعتبر أخي الأكبر، وعلاقتي به وبأسرته وأعمامه ووالده وأخوته من بداية الخمسينات. زد على ذلك ارتباط عمه محمود ـ رحمه الله ـ بحبه ورعايته لنا أبناء الشيخ محمد الأمين قنيوة كأبناء له نظراً لحبه وتقديره وصداقته القوية لوالدي منذ الصغر، وانطلاقهما معاً في جو المدائح النبوية والأذكار.

شفى الله فناننا الكبير وأخونا وحبيبنا عبدالسلام الجزيري (سلام قدري) مما هو فيه، وأطال الله في عمره ــ اللهم آمين ــ

 ملاحظة:(ثم جمع بعض المعلومات عن الفنان الكبير سلام قدرى )(من كتاب

 الفنان سلام قدرى حياته وفنه ) الذى دونه الاستاد مفتاح سويسى الفرجانى…..

والحمد لله أولاً وآخراً…


تم كتابة هذه المقالة قبل أسابيع من وفاة الفنان الكبير الموسيقار سلام قدري رحمه الله وغفر له بقلم صديقه ورفيقه الموسيقار عبد الرحمن قنيوة وتم نشرها عن طريق المركز الوطني للبحوث والدراسات الموسيقية.

مقالات ذات علاقة

فتحي المريمي من الشلال الي المختار

حسين نصيب المالكي

سيدى قنانه

سالم الكبتي

الذكرى الـ25 لرحيل الشاعر الغنائي محمد مخلوف

رامز رمضان النويصري

اترك تعليق